المقاطعة سلاح الشعوب ضد وحشية الكيان الصهيوني في غزة

د. الحسن اشباني
1- مقدمة
جاءت نداءات المقاطعة في الأسابيع الأخيرة كوسيلة شعبية للتعبير عن رفض السياسات الداعمة للكيان الصهيوني من قبل بعض الدول والشركات العملاقة، خاصة في ظل الأحداث الحالية والهجمات الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة. و يعتبر كل داعم شريكا في حرب الإبادة الجماعية هذه. في حين يتظاهر الملايين حول العالم للمطالبة بوقف إطلاق النار ووقف المجازر ضد المدنيين في غزة، و في ظل اصرار امريكا و اذنابها من بعض الدول الاوروبية متابعة هذه الوحشية الصهيونية التي لم يسبق لها مثيلا في تاريخ الحروب منذ الحرب العالمية الثانية، اعتبرت اغلب الشعوب العربية والمسلمة و غيرها من العالم الحر المقاطعة وسيلة فعّالة يمكن أن تسهم في نقل صوت الاحتجاجات إلى أصحاب القرار. و في هذا السياق وفي الجانب المحتل و تجاوبًا مع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في السابع من أكتوبر الماضي، أعلن بعض وكلاء العلامات التجارية في الكيان الصهيوني دعمهم الامشروط للجيش المحتل خلال العدوان المستمر على قطاع غزة المحاصر منذ 17 عامًا و التي دخلت الان الاسبوع السابع منذ انطلاقتها. على سبيل المثال، أعلن وكيل سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” الأميركية للوجبات السريعة في إسرائيل عن تقديم دعم يتمثل في توفير نحو 4 آلاف وجبة يوميًا لجنود الاحتلال.
و في الوقت نفسه، نشر حساب “برغر كينغ” في إسرائيل صورًا لتوزيع وجبات مجانية على جنود الاحتلال الإسرائيلي، وعلق على المنشور باللغة العبرية، قائلاً: “خرجنا لتقوية الأمة، فرقنا تعمل بجد لمواصلة التبرع بآلاف الوجبات لأبطالنا، برغر كينغ يرسل التعازي إلى عائلات الضحايا“.
من جهة أخرى، نشرت “دومينوز بيتزا” مقاطع فيديو تظهر علم إسرائيل معلقًا عليه باللغة العبرية: “من يستطيع أن يهزمنا؟”، ونشرت أيضًا مقاطع لتوزيع البيتزا على جنود الاحتلال.

لم يقتصر الدعم على ذلك، فقدمت “بيتزاهت” و متاجر “كارفور” في تل أبيب أيضًا دعمهما للجيش الإسرائيلي خلال عمليته الوحشية على قطاع غزة.
تهدف المقاطعة أساسا إلى عزل النظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الصهيوني، لكي يخضع لحقوق الشعب الفلسطيني التي هي اقامة دولته المستقلة كما سطرت و قررت كرها في غياب صوت اصحاب الارض سنة 1948.
فالمقاطعة تتخذ أشكالا مختلفة؛ مثل: المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية، وتكتيكات تجبر الشركات الدولية المتورطة في الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، لسحب استثماراتها من إسرائيل.
2- تاريخ المقاطعة:
يُعرّف المفهوم التاريخي للمقاطعة والنبذ الجماعي والمنظم كأداة للاحتجاج على الممارسات غير العادلة. في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ استخدام مصطلح “المقاطعة” عندما قرر آلاف المستأجرين الأيرلنديين التعبير عن استيائهم ورفضهم لسياسات التأجير الظالمة، حيث رفضوا استئجار الأراضي حتى تحقيق مطالبهم. كما استخدمت المقاطعة كتكتيك تكتيكي من قبل المنظمات العمالية لتحسين الأجور والظروف العمل، واعتمدتها حركات الحقوق المدنية في الخمسينيات والستينيات لمحاربة التمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة.
مثال تاريخي معبر:
في ليلة باردة من ديسمبر 1955 في مدينة مونتغمري بولاية آلاباما الأمريكية، لم تكن روزا باركس، من أصول أفريقية، تتوقع أن تشكل بفعلها محورًا لثورة حقوق مدنية ستغير مجري التاريخ.

خرجت روزا، الخياطة، بعد يوم شاق من العمل، متجهة إلى منزلها في حافلة. وفي ظل قوانين الفصل العنصري السائدة في الولايات المتحدة آنذاك، كانت المقاعد الأمامية مخصصة فقط للأشخاص ذوي البشرة البيضاء. جلست روزا في منتصف الحافلة، حينها صاح سائق الحافلة بأصحاب البشرة السوداء للوقوف والتنازل عن مقاعدهم للركاب البيض.
رفضت روزا ترك مقعدها، وهددها السائق بالاعتقال، وتم تنفيذ التهديد. اعتقلت روزا وفُرضت عليها غرامة قدرها 10 دولارات. انتشرت قصة روزا بسرعة في كنائس الأميركيين من أصل أفريقي، وبدأت دعوات لمقاطعة حافلات المدينة اعتبارًا من 5 ديسمبر 1955. وبعد ذلك، حظيت هذه الحملة بتأييد واسع، حيث انضم معظم الأميركيين الأفارقة إلى المقاطعة.
بادر أصحاب السيارات بنقل المسنين خلال فترة المقاطعة، وظهر اسم مارتن لوثر كينغ، قس شاب حينها، كشخصية رائدة في الحركة و أصبح فيما بعد رمزًا لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وقائدًا للحركة الحقوقية المدنية.

كما تكبدت شركة النقل خسائر مالية جسيمة نتيجة لتراجع الإيرادات، مما ساهم في تعزيز دعوات التغيير السلمي لقوانين الفصل العنصري، المعروفة باسم “جيم كرو“.
انتقلت ثقافة المقاطعة إلى الشعوب العربية خلال اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000. حيث بدأت دعوات لمقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وتمثلت هذه الحملة في وسيلة سلمية للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية
لم يكن الهدف الرئيسي هو تحقيق خسائر مالية لشركة النقل فقط، بل كانت الغاية الرئيسية هي إلغاء قوانين الفصل العنصري. و النتيجة انه في 5 يونيو 1956، قضت محكمة المقاطعة الفدرالية بأن الفصل العنصري في حافلات النقل غير دستوري، وفي نوفمبر 1956، ألغت المحكمة العليا الأميركية القوانين التي تتطلب الجلوس المنفصل في الحافلات العامة. في 20 ديسمبر 1956، دعا مارتن لوثر كينغ إلى إنهاء المقاطعة التي دامت سنة باكملها، ووافق المجتمع على ذلك.
تمثال لروزا باركس في الحافلة التي بدأت منها الثورة يعكس تضحياتها ونضالها السلمي. تاريخ مشابه يظهر في حملة مقاطعة ناجحة نظمها ناشطون في جنوب أفريقيا لإنهاء نظام الفصل العنصري. بدأت هذه الحملة في بريطانيا عام 1959 واستمرت حتى عام 1994، حيث تحدثت الحركة بوحدة صوت لإنهاء التمييز العنصري.
خلال هذه الفترة، دعت الحركة الحكومات والشعوب إلى مقاطعة منتجات جنوب أفريقيا كوسيلة للضغط من أجل تغيير النظام العنصري. شملت الدعوات إلى عدم شراء المنتجات الجنوب أفريقية وضغط على المحلات لعدم بيعها. أثرت هذه الحملة بشكل كبير، حتى أصبحت نقطة تحول كبيرة تم تحقيقها بعد إلغاء النظام العنصري.
في سياق مشابه، انتقلت ثقافة المقاطعة إلى الشعوب العربية خلال اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000. حيث بدأت دعوات لمقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وتمثلت هذه الحملة في وسيلة سلمية للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
وفي 9 يوليو 2005 انشأت 171 منظمة فلسطينية غير حكومية اطارا سمته حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بالإنجليزية: Boycott, Divestment and Sanctions Movement) (المعروفة بالاختصار BDS)) تشير إلى الحملة الدولية الاقتصادية والتي بدأت في 9 يوليو 2005 بنداء من 171 منظمة فلسطينيةغير حكومية. تتضمن أهداف حركة المقاطعة للكيان الصهيوني وقف التعامل مع الكيان الصهيوني ومقاطعة الشركات الصهيونية والدولية التي تتورط في انتهاك حقوق الفلسطينيين. يشمل نطاق هذه الحملة مطالبة بإنهاء الاحتلال وكافة أشكال الفصل العنصري ضد الفلسطينيين. كما تتضمن الحملة جهوداً لسحب الاستثمارات والضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الصهيونية والدولية المتورطة في الجرائم. و لها اهداف ثلاثة:


- انهاء «الاحتلال الإسرائيلي واستعماره لكل الأراضي العربية»، فضلا عن «تفكيك الجدار العازل؛»
- الاعتراف الإسرائيلي بالحقوق الأساسية «للفلسطينيين المواطنين العرب في إسرائيل بالمساواة الكاملة»، و
- قيام إسرائيل باحترام وحماية وتعزيز «حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم كما هو منصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.»

3- مدى فاعلية و تاثير المقاطعة الانية
حيال تأثير المقاطعة، أفادت حركة المقاطعة العالمية للكيان الصهيوني “بي دي إس” (BDS) لـموقع “الجزيرة نت” أن “الضغط الشعبي على الفروع المحلية يسهم في دفع (الشركات الأم) إلى قطع علاقاتها مع الشركات الإسرائيلية، خاصة تلك التي تعمل في المستوطنات، حيث يُعتبر عملها جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي”.
فقد شاركت الحركة في دعوات المقاطعة الأخيرة، حيث وجه الناشطون جهودهم نحو مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الصهيوني والمستوطنات بشكل مباشر. تعتمد الحملة على مبدأ المقاطعة المستهدفة، حيث يُركز على عدد محدد من الشركات الأكثر تواطؤًا ومضاعفة الأثر، مع تجنب التشتت وتحقيق التركيز الفعّال.
قدمت حملة المقاطعة للكيان الصهيوني بعض الأمثلة حول استجابة الشركات العالمية لدعوات المقاطعة، حيث انسحبت شركة الخدمات والمرافق “فيوليا” الفرنسية وشركة “أورانج” للاتصالات من سوق الكيان الصهيوني. كما أوقفت “أورانج” تعاملها مع شركة “بارتنر” الصهيونية بعد مطالبة الحملة الشعبية في مصر بمقاطعة شركة “موبينيل” المصرية، التي تمتلك “أورانج” 98% من أسهمها.
من جهة أخرى، أشار أستاذ الاقتصاد بكلية أوكلاند الأميركية، الدكتور مصطفى شاهين، إلى أن مواقف بعض الشركات تجاه دعمها للكيان الصهيوني واضحة، في حين لا يمكن التأكيد على موقف بعض الشركات الأخرى. يُركز الخبراء على أن حملات المقاطعة تهدف إلى نشر دعاية سلبية ضد الجهات التي تتعرض للمقاطعة، مما يؤدي إلى انخفاض أرباح الشركة وتعرضها لمشاكل مع الرأي العام.

فيما يتعلق بتأثير المقاطعة، يشير الدكتور شاهين إلى أن هناك مخاوف كبيرة من الخسائر التي قد تلحق بالشركات المدعومة للكيان الصهيوني أو حتى فلسطين. ومع ذلك، يعتبر هذا التحول في سلوك الشركات نقطة إيجابية، حيث يندرج ذلك في سياق تغير الوعي العام حول قضايا حقوق الإنسان والعدالة.
كما تظهر حملات المقاطعة الحالية التحول في تفكير المجتمع الدولي وتأثير الرأي العام على سلوك الشركات، ومع مرور الوقت، سيكون من الممكن قياس تأثير هذه الحملات على الأمور المالية للشركات وسلوكها.
في هذا السياق، أظهرت دراسة أجرتها جامعة مينيسوتا في عام 2008 من خلال استعراض تأثير الحملات المقاطعة السابقة، أن الشركات العالمية تأثرت بشكل واضح بحملات المقاطعة التي نشأت بعد اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية في عام 2000. وفي محاولة للتصدي لهذه الحملات، اتخذت الشركات إجراءات متنوعة، مثل تقديم التبرعات والتأكيد على تأثير إسهاماتها في الاقتصاد المحلي. كما سعت بعضها إلى جعل بعض منتجاتها أكثر محلية لتهدئة التوترات وتقليل الضغط الذي تعرضت له من قبل دعوات المقاطعة.
يظهر من خلال الأمثلة التالية كيف يمكن أن تكون حملات المقاطعة وسيلة قوية لتحقيق التغيير والضغط على السلطات للإصغاء إلى مطالب الشعوب.

وكانت أكثر العلامات التجارية التي دعت المنشورات عبر مواقع التواصل لمقاطعتها “ماكدونالدز” و”برجر كينج” و”بيتزا هات” و”بيبسي” و”كوكاكولا” و “سبرايت” و”نسكافيه” و”آريال” و “تيد” و “دانون” و “نستلي” و “نيدو” و معجونات الاسنان مثل “كريست اوغال ب” و “كولغات” و “السينيال” و انواع المياه المعدنية مثل “اكوافينا” بالمغرب المصنعة بشركة “بيبسي” و “فيتيل“ومنها ايضا شركات الاتصال مثل”اورانج الفرنسية“…
أدى بعلامات تجارية مصرية لوضع علم فلسطين على صفحاتها بمواقع التواصل للتدليل أكثر أنّها ليست أجنبية ولا تدعم إسرائيل.
4- المقاطعة في بعض الدول العربية و الاسلامية
السعودية : في السعودية اعلنت بعض الشركات العالمية عن تغيير سياساتها الداعمة لإسرائيل بعد إطلاق حملات مقاطعة ضدها. وعلى سبيل المثال، تراجعت مبيعات شركة “أديداس” في السعودية بنسبة 20% بعد إطلاق حملة مقاطعة ضدها بسبب دعمها لإسرائيل. كما أعلنت شركة “نستله” عن وقف استثماراتها في المستوطنات الإسرائيلية بعد إطلاق حملة مقاطعة ضدها كما يقول خبير اقتصادي.
قطر: وفي قطر، أُرغمت بعض الشركات الغربية إلى الإقفال بعد أن قامت إداراتها بنشر محتوى مؤيد للاحتلال الإسرائيلي على شبكات التواصل.
الكويت : تنتشر الدعوات للمقاطعة بشكل متزايد في الكويت، حيث يطلقها شباب ماهرون في مجال التكنولوجيا عبر مواقع إلكترونية مخصصة وتطبيقات على الهواتف الذكية، تحدد المنتجات التي يدعون إلى عدم شرائها. كما يعمل إضافة لمتصفح “غوغل كروم” تُدعى “بالستاين باكت” على إخفاء المنتجات المدرجة في قائمة المقاطعة من الإعلانات عبر الإنترنت.
كما تُستخدم أيضًا الطرق التقليدية، حيث تظهر لافتات إعلانية على جانب الطرق في الكويت تحمل صورًا صادمة لأطفال ملطخين بالدماء، مع شعار يقول: “هل قتلتَ اليوم فلسطينيًا؟” ووسم #مقاطعون، في رسالة إلى المستهلكين الذين لم يشاركوا في حملة المقاطعة بعد.

يعتبر مشاري الإبراهيم، عضو “حركة مقاطعة الكيان الصهيوني” في الكويت، أن ردود الفعل الغربية بعد العدوان على غزة قوّت انتشار المقاطعة في الكويت، وخلقت صورة لدى الكويتيين أن شعارات الغرب وحقوق الإنسان لا تشملهم.
اشكال المقاطعة في تركيا : من الجامعات إلى البلديات، توقفت المنظمات العامة والخاصة عن بيع منتجات من علامات تجارية الداعمة للكيان الصهيوني، ردا على الفظائع و المجازر التي يرتكبها المحتل في غزة. في بداية هذا الشهر، كان الابن الأصغر للرئيس التركي، بلال أردوغان، قد وضع تدرجا في عمليات المقاطعة، أولا الشركات التي تدعم إسرائيل علنا، ثم تلك التي لا تدين إسرائيل، وأخيرا تلك التي لا تدعم القضية الفلسطينية.

البرلمان التركي : في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، أزال البرلمان منتجات كوكا كولا ونستله من مطاعمه. وهو القرار الذي لم يثير جدلا سياسيا لأن كافة الأطراف تدعم القضية الفلسطينية وتتهم إسرائيل بارتكاب مجازر في غزة.
استعمال نظام تروي في التبضع : بدا الجمهور التركي يبتعد عن أنظمة الدفع بالفيزا و الماستر كارد Visa وMastercard بسبب دعمهما للكيان الصهيوني، باستعمال البديل التركي ترويTROY (“Türkiye’s Payment Method”) حتى لا يتم دفع عمولة للشركات العدو الصهيوني و الداعمة له عن كل منتج يتم شراؤه ببطاقات ماستركارد وفيزا الذي يقدر ب 1.5٪ عن كل معاملة. و في ذات السياق، قررت بلدية مقاطعة كوروم نقل بطاقات الائتمان والخصم لموظفيها الذين يزيد عددهم عن 2000 شخص من الفيزا و الماستركارد Visa وMastercard إلى تروي TROY.

الجامعات التركية : قامت الجامعات، بما في ذلك جامعة بوجازيجي المشهورة في إسطنبول، أيضًا بوضع حد لكل تعاون أكاديمي مع المؤسسات الإسرائيلية والباحثين الإسرائيليين، الذين “اختاروا التزام الصمت أو الذين يدعمون معاملة إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين حتى نهاية المطاف”.
إعفاء الطلاب الفلسطينيين من قطاع غزة: أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إعفاء الطلاب الفلسطينيين من قطاع غزة الذين يدرسون في الجامعات التركية من الرسوم الدراسية. وبموجب مرسوم رئاسي صدر في وقت متأخر من يوم الخميس 17 نونبر تشرين الثاني 2023، ستغطي تركيا رسوم الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي الحالي للطلاب من غزة الذين يتابعون دراسات البكالوريوس والدبلومات في البلاد. وينطبق المرسوم على جميع الطلاب الفلسطينيين من غزة المسجلين في الجامعات الحكومية التركية.
السكك الحديدية التركية : في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي قررت السكك الحديدية التركية سحب جميع منتجات ستاربكس من البيع على الخطوط عالية السرعة.
شركة الخطوط الجوية التركية : انضمت شركة الخطوط الجوية التركية الشهيرة إلى المقاطعة عن طريق إزالة المنتجات الكيان الصهيوني من محطاتها المحلية.
العديد من البلديات : أعلنت العديد من البلديات، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، عن مقاطعة مماثلة، ويقوم نشطاؤها بتنظيم “اعتصامات” في مقاهي أو مطاعم مختلفة رافعين الأعلام الفلسطينية. وتعرضت عدة مقاهي ستاربكس وماكدونالدز للتخريب في أنقرة واسطنبول وأضنة وديار بكر شرقي البلاد. و في إسطنبول، اختارت البلديات التي يديرها حزب العدالة والتنمية استخدام نظام الدفع التركي تروي بدلاً من الأنظمة الدولية المرتبطة بالولايات المتحدة.
لم تقطع تركيا العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، و اكتفت باستدعاء أنقرة سفيرها من تل ابيب لكنها تريد أن تكون لاعباً رئيسياً في حل الصراع.
حملات مقاطعة العلامات التجارية بالمغرب
في المغرب٬ كما في غيره انطلقت هذه الدعوة منذ سنين ولكن تم تجديد الدعوة اليها بشدة ابتداء من الثامن من اكتوبر بعد يوم واحد من انطلاق عملية تحرير ارض فلسطين المغتصبة “طوفان الاقصى” حيث تشهد كل الوقفات و المسيرات و

المهرجانات رفع لافتات المقاطعة التي تشمل كل منتوجات الكيان الصهيوني و كل الشركات الداعمة له. كما تداول في منصات التواصل الاجتماعي المختلفة دعوات لمقاطعة اضاقة لكل منتوجات الكيان الصهيوني (التي بدات منذ زمان) و بعض منتوجات الدول التي تصطف الى جانب المحتل في الابادة الجماعية التي تمارس على المدنيين العزل من اطفال ونساء و شيوخ بغزة و في الضفة الغربية بجرعة اقل. و في نفس الوقت تقدم هذه الدعوات بدائل للمنتجات المعنية.




وقد انشأت صفحات في الفايس بوك التي تتضمن لائحة المنتوجات التي يجب مقاطعتها و اليدائل المتاحة ( عنوان الصفحة المقاطعة)

حملات مقاطعة العلامات التجارية بالجزائر
بدأت حملات مقاطعة العلامات الداعمة لإسرائيل تتسارع وتظهر نتائجها في الجزائر، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في الواقع. رغم أن هذه الحملات كانت في البداية رمزية، إلا أنها تحولت إلى قوة دافعة لتشجيع استهلاك المنتجات المحلية، خاصة في قطاعات الأغذية ومواد التجميل.
استخدم وسم “ماتشريش_سلعتهم” باللهجة الجزائرية، الذي يعني “لا تشتري سلعتهم”، تأثيرًا كبيرًا في توجيه الانتباه نحو مقاطعة العلامات التي يُعتبر دعمها لإسرائيل مؤكدًا. قام الناس بتطبيق فكرة التعويض عن العلامات الأجنبية المدعومة لإسرائيل باختيار منتجات جزائرية، باستثناء حالات “الضرورة القصوى” مثل الأدوية أو المنتجات التي لا يتم إنتاجها محليًا.


تم تداول مقاطع فيديو توثق عمليات المقاطعة، وكانت المشروبات الغازي وبخاصة “كوكا كولا” و”بيبسي” و”فانتا” هي الأكثر تأثرًا، حيث رُبطت بدعم إسرائيل في وعي الجزائريين، مما أثر بشكل كبير على مبيعاتها.
خلال جولة في شوارع العاصمة الجزائر لمراقبة تأثير حملات المقاطعة، لاحظت “العربي الجديد” غيابًا شبه كامل للمشروبات العالمية، خاصة في المطاعم ومحلات الوجبات السريعة. أكد مدير أحد المطاعم في شارع “ديدوس مراد” في وسط العاصمة الجزائرية، عبد الله شواصي، أنهم قرروا مقاطعة بيع جميع المشروبات العالمية المستوردة والتحول إلى المنتجات المحلية التي تحظى بترخيص من “الشركة الأم”. وقد قاموا بهذا الإجراء استنادًا إلى مبدأ المقاطعة نتيجة لما يشهده الشعب الجزائري من مجازر صهيونية ضد إخوتهم في غزة. وأوضح محمود زياري، الذي يعتبر جزءًا من الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات، أن السوق الجزائرية للعصائر والمشروبات الغازية والكحولية تبلغ قيمته حوالي 260 مليار دينار، ما يعادل تقريبًا 1.5 مليار دولار. وأشار إلى أن حصة العلامات التجارية الأجنبية في هذا السوق تصل إلى حوالي 45%، وأن 50% من هذه الحصة تأتي من واردات تقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار سنويًا.
كما امتدت المقاطعة أيضاً إلى سوق مواد التجميل. أكد تجار لـ “العربي الجديد” أن هناك نفورًا من الجزائريين تجاه العلامات التجارية الفرنسية، خاصة “لوريال” و”غارنيي”، وغيرها من العلامات.
حملات مقاطعة العلامات التجارية بتونس
وبالرغم من ان تونس لا تسجل رسمياً أي مبادلات تجارية مع إسرائيل. و بالتالي يشاهد غياب السلع الإسرائيلية تمامًا في أسواق البلاد، حيث يظل الشعب التونسي وقيادته ملتزمين بدعم القضية الفلسطينية، إلا أن منظمات المجتمع المدني في تونس اعتمدت استخدام سلاح المقاطعة ضد السلع والبضائع القادمة من الدول الداعمة لإسرائيل، خاصة بعد العدوان على قطاع غزة. وتطالب هذه المنظمات بتكبيد هذه الدول خسائر اقتصادية كعقوبة على دعمها للكيان الإسرائيلي. وفي هذا السياق، قدمت بعض الكتل البرلمانية مشروع قانون يهدف إلى تجريم التطبيع مع إسرائيل. كما يرفع النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي الرموز التجارية لسلع الدول الداعمة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وهي الدول التي تتواجد سلعها بشكل قوي في الأسواق التونسية في إطار التبادل التجاري الكبير بين تونس والاتحاد الأوروبي، الذي يُعتبر الشريك الاقتصادي الأول لتونس. و أشار رئيس منظمة إرشاد المستهلك (مدنية)، لطفي الرياحي حسب ما نقل عنه، إلى أن التونسيين في المهجر، الذين يبلغ عددهم أكثر من 1.7 مليون، يمكن أن يكونوا فاعلين في دول إقامتهم ويسهمون في مقاطعة السلع الإسرائيلية والدول الداعمة لها. وأكد أن العقوبات الاقتصادية تعتبر واحدة من الوسائل الفعّالة التي يمكن استخدامها لتحقيق تأثير في هذا السياق.


في الشق النقابي، أُعلن عن تعليق مشاركة 6 نقابات كبيرة ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر تكتل عمالي في البلاد، في جميع أنشطة الاتحاد الدولي للخدمات العامة. جاء هذا القرار ردًا على لائحة أصدرها الاتحاد الدولي بشأن الأوضاع في غزة، حيث اعتبرت هذه النقابات الست أن اللائحة تجاهلت الحقائق و انحازت للكيان الصهيوني. تشمل هذه النقابات جمعية الفلاحين العامة، والجمعية العامة للتخطيط والمالية، والجمعية العامة للأشغال العامة والبيئة، والجمعية العامة للمياه، والجمعية العامة للعدلية، والجمعية العامة للبلديات، والجمعية العامة للكهرباء والغاز، والجمعية العامة للصحة.
في إطار متصل، أعلنت الهيئة الوطنية للمحامين في تونس، وهي إحدى القوى المدنية الرئيسية، مقاطعتها لأعمال الاتحاد الدولي للمحامين التي تمت في مدينة روما من 25 إلى 29 أكتوبر ا2023، بسبب موقفها الصريح والذي اعتبرته “اصطفافًا فاضحًا” مع الكيان الصهيوني ولعدم إدانته للمجازر التي تعرض لها الفلسطينيون. وأشار عميد المحامين التونسيين حاتم مزيو إلى أن الهيئة ستعلق عضويتها في الاتحاد إذا لم يراجع الموقف، ملمحًا إلى إمكانية الانسحاب النهائي منه إذا استمر الاتحاد في موقفه.
5- ردود حول سلوك ماكدونالدز بالاراضي المحتلة
في سياق تفاعل حاد تجاه دعم ماكدونالدز للحرب الإسرائيلية على غزة، قامت فروع ماكدونالدز المحلية في عدة دول بتبني مواقف إنسانية تجاه القضية الفلسطينية. في عمان وتركيا والسعودية ولبنان والكويت والإمارات، أعلنت الفروع المحلية عن تبرعات للدعم الإنساني في غزة. و أعربت فروع ماكدونالدز في هذه الدول عن استقلاليتها التامة عن القرارات السياسية لنظيرتها الإسرائيلية، وأكدت أن كل فرع يتخذ قراراته دون التشاور مع الشركة العالمية لماكدونالدز، التي يفترض أن تمتنع عن ممارسة السياسة.
في عمان، أعلنت شركة ماكدونالدز عن تبرع بمبلغ 100 ألف دولار لجهود الإغاثة في غزة، وأشارت إلى استقلالها عن فروعها الإسرائيلية في اتخاذ القرارات، سواء كانت سياسية أو غير سياسية. في السعودية، أعلنت فروع ماكدونالدز عن تبرع بمبلغ مليوني ريال (533 ألف دولار) لغزة، مشيرة إلى أنها تدير بشكل مستقل وليست مسؤولة عن أفعال الفروع الإسرائيلية. كما تبرعت تركيا بمبلغ مليون دولار لـ “ضحايا الحرب” في غزة، في حين قال صاحب الامتياز في الكويت إنه ساهم بمبلغ 250 ألف دولار لجمعية الهلال الأحمر المحلية مؤكدا أن متجرها «يقف مع فلسطين». و في الإمارات، تعهدت ماكدونالدز بتقديم مليون درهم إماراتي (272 ألف دولار) لحملة إغاثة تراحم من أجل غزة، وأكدت على استقلاليتها عن القرارات الإسرائيلية. وكذلك قدّمت «ماكدونالدز قطر» مليون رسال قطري (نحو 275 ألف دولار) «للمساهمة في جهود إغاثة أهالي غزّة»



هذه التحركات تأتي كرد فعل على الجدل الذي أثير حول دعم ماكدونالدز الفعال للجيش الإسرائيلي في إطار العدوان على غزة، وتشير إلى التأثير الكبير للضغط العام وردود الفعل الشديدة التي قد تؤثر على مصلحة الشركات في المنطقة.
د. الحسن اشباني مدير بحث سابقا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي المغرب و صحفي مهني علمي
بعض مقالات الكاتب ذات الصلة :



