المنبر الحر

من امريكا مع الاستاذ سليمان شاهي الدين : أبجديات حول دولة المغرب الكبير

ذ سليمان شاهي الدين

أول عقبة تواجه الإتحاد المغاربي هو وجود نزاع عرقي بربري / أمازيغي و عربي و صحراوي أو نزاع جغرافي إقليمي..”

إن مشروع الوحدة المغاربية يستدعي كما قدمت في مقالات سابقة أن تعمل الأخوات و الإخوة المغاربيين على صعيد واحد، على القيام المكثف في نشر الفكر التوعوي الذي يتمثل في فضح كل أشكال الفساد المتفشية عبر عموم الجهات و الأقطار ؛ و بالتالي ربط هذه العملية التنويرية بالتعريف بكل الحقوق الدستورية و الإنسانية و التذكير في ذات الوقت بأن روح الثورة المغاربية يشكل باعثا قويا و دفينا – على غرار الثورة الفرنسية و مثيلاتها في العالم المتحرر -. ذلك أن بعدها الروحي و المتمثل في حضور الفكرة في الوعي الجمعي المغاربي مند ميلاد ثورة الربيع العربي / المغاربي و كل الإرهاصات التحررية العفوية السابقة الواعية التي تعرضت لمآلات القمع الممنهجة سواء الصادرة عن المستعمر المباشر أو الأنظمة الحاكمة بالوكالة عن هذا الأخير ، أما البعد المادي فإنه سيرى النور ضمن مسارات سنة التدافع الإجتماعي التي ستعطي القوة الدافعة للوثبة ” الحضارية ” التي تنتقل بالمغرب الكبير من حالة الركود و السبات و سيطرة التفاهة و السذاجة و الأدلجة الناجمة عن القوة الناعمة إلى المرحلة الحرجة حيث يتم إنبثاق و ميلاد يقظة الوعي المغاربي في حلة جديدة قائمة على الحماسة العاقلة و هي التي ستتجاوز المحن و العقبات و المتاريس عبر محك المراس و مراكمة التجربة النضالية ضد أعداء الوطن و أعداء الحرية و أعداء الحقوق العامة المشروعة. و من شأن هذا الزخم للحراك الإجتماعي أن تتعاظم القدرة على إكتساب الكفاءة التي تكفل إمكانية تجاوز كل العقبات و بالتالي معرفة كيفية تقزيم اللوبيات مع تبني إستراتيجيات جديدة بفضل السواعد العاملة و العيون المراقبة و العقول الراقية، و هو ما يؤهل مواكبة الهياكل التنظيمية و تطوير أدائها و بلورة القدرات و الأساليب المبتكرة تحقيقا للعبور السلس لعموم أرجاء دولة المغرب الكبير الناشئة مع صياغة عدة خطط و إستراتيجيات مستترة ملزمة لجميع الأجنحة التنسيقية فيما بينها و ذلك عملا في إتجاه دفع عجلة التغيير إلى الحدود القصوى و هذا الطريق هو الذي سمح بإمتياز بقصم ظهر أعداء المشروع المغاربي في الداخل و الخارج.
أول عقبة تواجه الإتحاد المغاربي هو وجود نزاع عرقي بربري / أمازيغي و عربي و صحراوي أو نزاع جغرافي إقليمي و هذا يغذي النزعة الإنقسامية، و تتنامى هذه الإنقسامات عندما تنبري لها جهات سياسية راديكالية تصطاد في الماء العكر و تتغذى من معين التفرقة و خدمة أجندات معادية للوطنية المغاربية، الشيء الذي يؤدي إلى الحيلولة دون بلورة ثقافة عالمة قادرة على كشف الأوراق الملعوبة بها في الميدان الإجتماعي و السياسي و الإقتصادي، و إذا كانت القنوات الرسمية على العموم تضرب على نفس الأوتار التي تعمق الفرقة بين الأشقاء و ذلك يدعم المرتزقة و الوصوليين و الإنتهازيين و الخونة الذي يعملون في العلن و الخفاء و ينخرطون في واضحة النهار ضمن وسائل التواصل الإجتماعي سعيا لتعميق الشقاق و توسيع الهوة بين الإخوة الأشقاء.

إن بداية الطريق لوضع اللبنات الأساسية للإتحاد المغاربي تستدعي من جهة مراجعة للتركة التي خلفها الإستعمار الفرنسي و الإسباني و الإيطالي في المنطقة و العمل على تقويض كل الروابط المعروفة و المخفية عن الأنظار التي تضع الشعب المغاربي تحت طائلة التبعية و إستمرار و جوده ككيان لم يحصل بعد عن الإستقلال الحقيقي..

ذ سليمان شاهي الدين

إن الواجب الأخلاقي و واجب كل الأحرار المغاربيين الذين ينخرطون في بناء مشروع التحرر المتمثل في بناء وحدة مغاربية مدعوون أن يلتفوا كرجل واحد أكثر من أي وقت مضى معلنين بكل شجاعة في جميع المواقع و المحطات النضالية في المعيش اليومي بأن وحدة الأحرار و الحرائر المغاربيين يشكلون قوام مركب لمجموعة من الأعمال و على رأسها التأسيس لحملة جديدة للتعبئة و ذلك بتكوين الإعلام البديل الذي يقوم على مبدأ الإستمرارية و التوكيد على أن هدف تحقيق إتحاد مغاربي هو الغاية السامية التي ستعيد الكرامة و العزة و القدرة على بناء مجتمع حضاري، هذا مع الإيمان بعدم استعجال تحقيق الهدف الوحدوي المغاربي، لأن هدفا من هذا العيار الثقيل يستدعي تربية الأجيال الصاعدة لتشتغل على نفس الهدف المقدس الذي سيكون ذات يوم ثمرة نضال طويل ستشهده الأجيال اللاحقة في العقود القليلة القادمة.
إن بداية الطريق لوضع اللبنات الأساسية للإتحاد المغاربي تستدعي من جهة مراجعة للتركة التي خلفها الإستعمار الفرنسي و الإسباني و الإيطالي في المنطقة و العمل على تقويض كل الروابط المعروفة و المخفية عن الأنظار التي تضع الشعب المغاربي تحت طائلة التبعية و إستمرار و جوده ككيان لم يحصل بعد عن الإستقلال الحقيقي و لم يقطع دابر المستعمر التقليدي الذي يستنزف مقوماته و يبعده من الإنخراط و ولوج صرح الفعالية التاريخية أو حلبة التباري الحضاري الحقيقي التي تسير في ركبها الأمم و الشعوب الواعية.

لابد لنا أن نعادي الفكر الطائفي و محاربته و الكشف عنه و إبراز خلفيته الانفصالية التي تقوم على مبدأ التفرقة و التشرذم و التقوقع

ذ سليمان شاهي الدين


أعتقد أن المسألة الثقافية و اللغوية سواء من جهة العرب أو الأمازيغ فهي مستمرة في بلاد المغرب الكبير، و بحكم التعايش الذي استمر لقرون طويلة يمكن القول أنه آن الأوان مرة أخرى لجمع شمل هذا الشعب المغاربي الذي إنصهرت فيه الأعراق و تمازجت و يدين بالإسلام عقيدة، و لقد سجل هذا الشعب تاريخا حافلا بالأمجاد و في ذات الوقت نال منه الغزاة لفترات متفرقة و أخطرها ما يحاك بعد الإستقلال الممنوح.
إن مقاربة جمع شمل الشعب المغاربي عربا و أمازيغ و الحسانيين يعتبر أحد الخطوات التي يجب أن ينصب عليها العمل الثقافي و التوعوي و العمل على ربط الجسور بين مكونات هذا الشعب دفعا لعجلة البناء و تطوير مقدرات المجتمع و تحقيق تنمية بشرية رائدة يعد الخطة الإستراتيجية الأكثر نجاعة في التأسيس لمجتمع مغاربي متحضر، على خلاف دعاة الراديكالية و النزعات العرقية و القومية التي أثبتت التجارب التاريخية فشلها الذريع، و نحن مغاربيي الداخل و الخارج لا نريد أن تعود القهقرى و نقسم المقسم إلى وضع شبيه بملوك الطوائف الذي عاشته الأندلس في الماضي و أدى بها ذلك إلى الإضمحلال و الإندثار فأصبحث أثرا بعد عين، و نرفض كذلك كل التيارات التي تصب في خدمة أجندات خارجية.
لابد لنا أن نعادي الفكر الطائفي و محاربته و الكشف عنه و إبراز خلفيته الانفصالية التي تقوم على مبدأ التفرقة و التشرذم و التقوقع. إن القدرة على الدخول في حلبة التباري الحضاري تستدعي من المغاربيين قاطبة أن يجتمعوا تحت صعيد و لواء واحد و هذا شرط استكمال في المرحلة الأولى شرط العدد الذي يشكل مائة مليون نسبة، و هو أقل نصاب يمكن إنجاز مشروع حضاري بسواعده و عقوله بمدارسه و معاهده و مختبراته و بعلمائه الذين يقودون التعليم الجيد و البحث العلمي الرصين و الدؤوب .
إن الدود عن الحقوق الإنسانية ضمن المجتمع المغاربي تستدعي صون جميع الحقوق الثقافية و اللغوية لجميع المكونات البشرية للمغرب الكبير، و كل تحيّزٍ خارج سياسة الوحدة المغاربية قلبا و قالبا بعد أمرًا مبرما يدفع به من وراء حجاب من لا يريدون ألا تقوم قائمة لدولة المغرب الكبير بوصفه البدايل الإستراتيجي في المنطقة و لو على المستوى المتوسط و البعيد.

يتبع

ذ. سليمان شاهي الدين كاتب و مفكر

مقالات للكاتب

من امريكا مع الاستاذ سليمان شاهي الدين : دولة تركيا و سنغافورة و ماليزيا دخلت كل منها التباري الحضاري بكل حزم و قوة و وعي ثاقب – الموقع العلمي للدكتور الحسن اشباني (dr-achbani.com)
https://dr-achbani.com/من-امريكا-مع-ذ-شاهي-الدين-4/
مع الاستاذ سليمان شاهي الدين : آفاق القراءة إلى أين ؟ (dr-achbani.com)
الاستاذ سليمان شاهي الدين : الوعي أفقًا للتحرر-dr-achbani.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE