مع ذ. ابراهيم أعبيدي : صيد الفكرة الثالثة، في طبيعة الإصلاح

مرآة لإصلاح الحال.(69).
أكادير في 06 دجنبر 2022.

غير أن أهم خاصية في تحديد الحال، هي التي توجد ضمنيا في هذا التعريف دون أن تُقال. وهي خاصية يدعمها وجود علاقة الاشتقاق على مستوى اللغة واللسان. وهي أن الحال يبقى مهددا بإمكان التحول في أي لحظة او آن. وإن أهم ما يتأسس عليه مفهوم الإصلاح، هو وجود هذه الخاصية ملازمةً للحال. فالتحول والإصلاح، مرتبطان في الوجود والزمان. إذ لولا وجود التحول السلبي للحال في اتجاه الفساد والانحلال، ما كانت هنالك حاجة للإصلاح أو الانجبار ، كما أنه لولا استمرار جهود الإصلاح في الميدان، لَما وقع التحول الإجابي للحال، ولَما عرف أيّ استقرار أو ثبات في الزمان. وبناء عليه، يمكن أن نتناول فكرة الإصلاح، ونقارب مفهومه، بشكل عام، فيما بين ثباتِ ما نتوخاه مِن نموذج أو مثال، واعتبارٍ لِما نواجهه مِن تغير في التمثل بذلك المثال في الزمان.

ولنفتتح حديثنا في هذا الشأن، بمثال عام، لتقريب الفكرة إلى الأذهان، وهو أنك قد ترى سيارتك، لا تنفك عن التعرض للاهتلاك باستمرار، حتى أنها تصبح غير قابلة للاستعمال، أو أنها قد تتعرض، في أيّ لحظة أو آن، لحادثة سير أو عدوان؛ لكنك في كل مرة تتدخل لإصلاحها وباستمرار، بل تبادر باستباق حدوث ما يمكن أن يقع فيها من اختلال، بإجراء افتحاص بشكل منتظم في الزمان. لأنها، بغير ذلك، لا تبقى في إطار ماهية السيارة التي تؤدي وظيفتها على الكمال، وإنما تتحول إلى خردة أوحطام. ثم لولا ما يصيبها من تحول عن وظيفتها عبر الزمان، لما كانت الحاجة إلى محترفي أو مهني أوراش الإصلاح، التي توجد في كل زمان، وتنتشر في كل مكان .

ويتضح من خلال هذا المثال العام، أن مفهوم الإصلاح يمكن تحديده بناء على ثلاثة أركان. الركن الأول، فهو وجود الإرادة في مقاومة التحول في الحال نحو الفساد والانحلال. أما الثاني فهو يوفُّر العلم بما ينبغي أن يكون عليه الحال أو الإلمام بمعالم المثال. وأما الثالث فهو أخذ بعين الاعتبار ضبط الوقتِ أو الزمان. فلا إصلاح مع مداراة اليأس بالاستسلام، كما أنه لا إصلاح بجهالة وعن عماية وضلال. وكذلك لا مكان لإصلاحٍ خارج استحضار الوقت واستثمار طبيعة الزمان.

يتبع …