المنبر الحر

قصة جميلة احدى ابطالها فاكهة المانجو

د. الحسن اشباني

عندما تمر بالسيارة على طول الطريق السريع من لوكناو حتى ماليهاباد، التي تعد عاصمة المانجو في الهند، تطلع على مشهد أشجار المانجو الساحرة، حيث تصطف على جانبي الطريق أعداد لا حصر لها من بساتين وحدائق المانجو، بينما يختلس المزارعون لحظات استرخاء داخل أكواخ مصنوعة من القش، في إطار حراستهم لأشجار المانجو ضد أي عدوان من حيوانات أو طيور في الجوار. أما الجو فيعبق برائحة المانجو الطازج.

القصة الجميلة والرائعة في معانيها التي اعرضها بعد هذه المقدمة، تتداول في بعض الوسائل الاجتماعية نظرا للرسالة النبيلة التي تحملها في طيها و التي توافق الفطرة الانسانية التي للابوة مكانتها الاعتبارية في الوجذان ولا يمكن لتقلبات الزمان و تطور الحياة الانسان جراء كل التلوينات الجديدة التكنلوجية التي تحدث بوثيرة كبيرة يصعب مسايرتها بشكل طبيعي، ان تغير في طبعا، والقصة تدور حول فاكهة المانجا دونها…… هذه الفاكهة التي يسمونها “ملك الفواكه” يمكن الاستعانة بها في صورتها الطازجة في أطباق السلطة، كما يمكن تقطيعها لتصبح جزءًا من أطباق الحلوى، الى جانب إمكانية تحويلها إلى عصير، بل ويمكن تحويله إلى مخلل. والاجمل ان يستعمل أما المفاجأة الكبرى فهي إمكانية استخدام المانجو كبهارات. 

كما لا يقتصر سحر هذه الفاكهة على رائحتها الساحرة، وإنما يمتد إلى فوائدها الصحية المهمة و المتنوعة. بحبث يحتوي على الكثير من فيتامين «سي»C، علاوة على اعتباره مخزنًا لعدد من الفيتامينات الأخرى، مثل «بي 6»B6، إضافة إلى البوتاسيوم والماغنسيوم. يساعد أيضا المانجو على تغذية الجلد وتجديد نشاطه، ما يضفي عليه لمعانًا وإشراقًا. سنحاول في قادم الايام تخصيص ملف خاص حول هذه الفاكهة المميزة، ةفي انتظار ذلك، نرجع الى القصة التالية التي يجب ان تصل الى ابناء و بنات هذا الجيل حتى نحافظ على ارثنا نحو الاسرة المتماسكة و نواته الابوين بعيدا عما يدعو اليه الاخرون الذين دمروا الاسرة تدميرا ويريدون جرنا الى ذلك تحت مسميات التحضر و التحرر و غير ذلك من ترهاتهم التي لا تنتهي.

القصة الرائعة

يقول أحدهم :
في طفولتي عندما كان يحلّ موسم فاكهة المانجا كان أبي يحضر منه كمية للبيت وكنا نجلس حوله لنشاركه طعمها العذب ….

كان يعطينا اللب ويقوم هو بأكل قشورها …. و كنت أراقب هذا التصرف الغريب منه دون أن أعلم السبب ….

قشور الفاكهة

سألته يوما لماذا تأكل قشور المانجا يا أبي؟!!! نظر إلي بابتسامة وقال :
آكلها أنا حتى لا تأكلها أنت” ….

لم أفهم معنى كلامه في وقتها، وبررت الأمر بأنها قد تكون عادة قديمة اكتسبها من
أمه التي عاشها في طفولته بين أحضان الفقر القاسي وخصوصا، أن طعم قشور المانجا ليس سيئا ..ولكنه بصراحة لا يقارن بما هو تحت تلك القشور ….

نسيت أمر قشور المانجا.. كما نسيت كثيرا من الذكريات بين صفحات كتاب الزمن ….
من مدة قريبة … أهداني صديق لي فاكهة مانجا، …. جلبها لي كهدية من بلدة بعيدة ….

كنت أمني نفسي بالاستمتاع بطعمها الذي ينافس شهد النحل طوال الطريق وأنا متجه إلى بيتي ….

وبمجرد أن وصلت البيت بدأت بتقطيعها وهي تتفجر بين يدي بما تحتويه من لب ذهبي و عصير ملكي ….

وقبل أن أضع أول قطعة منها في فمي.. اقتربت ابنتي الصغيرة مني وقالت : “أبي أريد قطعة” ….
ابتسمت من طلبها وأعطيتها الجزء الذي كان بيدي …. وعلى الفور اقترب ابني يطلب مثل ما حصلت عليه أخته …. ولحقتهما أختهما الثالثة تطلب حصتها تماما كما حصل أخويها ….

كانت فرحتي بالنظر إليهم وهم يمرغون وجوههم بقطع المانجا والسعادة والفرح تشع من أعينهم كشمس الصباح الدافئة بعد ليلة شتاء بارد….عارمة لاتوصف.

وفي لحظة وجدت نفسي أمام صحن خالٍ إلا من بعض قشور المانجا التي مازالت عالقة بها أجزاء صغيرة من فتات الفاكهة الأصلية ….

بدأت بالتهام قشور المانجا دون تفكير إلى أن توقفت فجأة لأتذكر كلمات أبي ….

الآن فقط بعد كل تلك الأيام اتضح لي معنى كلماته وماذا كان يقصد بعبارته ….

الآن فقط علمت أن سعادة ابي الحقيقية لم تكن يوما في أكل قشور المانجا …. وإنما كانت سعادته الحقيقية في رؤيتنا ونحن نأكل أفضل جزء منها أمامه ….

كانت فرحته الغامرة وهو يشاهدنا ونحن نحصل على أفضل وأنقى وأجود ما كان يقدمه إلينا في لحظتها ….

وتساءلت حينها والدموع في عيني ….

كم من مانجا قدمها لنا أبي واكتفى هو بمجرد قشورها ؟!!!

وأنا هنا لا أقصد تلك الفاكهة بذاتها …. ولكن اقصد كل ما ترمز إليه في هذه الحياة …. فالمانجا قد تكون ملبسا أو بيتا أو فراشا أو نوما مريحا أو تعليما ….

وقد تكون أيضا لمسة حنان على الكتف …. أو قبلة على الوجه ….

فمانجا الأهل لا حدود لها …. ولا يمكن لأحد أن يقيم سعرها ….

أنظر من حولي لأجد أبناءً لا يقدّرون أهلهم حق القدر …. ولا يوفونهم حقهم ….

وكأن وظيفة الأهل في هذه الحياة هي في اختلاق الذرائع التي من شأنها أن تكدر صفو حياتهم ….

أرى أبناء قد تملكهم الغرور حتى حسبوا أنهم يفوقون أهلهم علما وفكرا ومنطقا ….

أرى أبناء يقدسون كلمة الزوج أو الزوجة في مقابل دموع الأم أو الأب ….

أرى أبناء يهجرون أهلهم في ديار رعاية بعيدة ويتركونهم لرحمة الغرباء ….

أرى أبناء قد يقاطعون أهلهم سنوات ….

أرى أبناء يتمنون زوال أهلهم من هذه الدنيا عاجلا ليس آجلا ….

أرى كل ذلك وفي نفسي ….لو كان الأمر بيدي …لدفعت عمري كله ثمنا …. حتى يعود بي الزمن لأجلس مع أبي يوما واحدا أسبقه حينما يحضر فاكهة المانجا …. لألتهم قشورها بدلا عنه فيتبقى له فقط أفضل ما فيها ….

حتى إذا سألني لماذا أحب أكل القشور أقول له :
آكلها أنا حتى لا تأكلها أنت

انتهت القصة

دون ان ننس ان لقشور هذه الفاكهة فوائد صحية سنتكلم عنها في مقال خاص قادم بحول الله ولكن نذكرها باقتضاب حتى نعلم السر الجميل الذي وضعه رب العباد في هذه القشور و أت الاب بسلوكه ذاك يعوض و هو لايدري : فالقشور لها فوائد جمة في جمالية البشرة اذ تساعد في تأخر ظهور علامات الشيخوخة، بما فيها التجاعيد والخطوط الرفيعة والتعرجات، والتي تظهر بشكل خاص في الوجه والرقبة واليدين. فهي ايضا تساعد على إزالة المناطق الداكنة في الوجه و معالجة البثور وحب الشباب. كما تساعد على التخلص من الجلد الميت. كما يعتبر قناع المانجو بديلا آمنًا لاستخدام مستحضرات التجميل المختلفة. كما يعتبر قشور المانجو من ناحية أخرى من أقوى العناصر الطبيعية المضادة للأكسدة و تساهم على تقوية الجهاز المناعي

مقالات ذات الصلة :

https://dr-achbani.com/برامج-اجتماعية-انسانيةخاطرك-مجبور-و-م/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE