المقالات العامة

اسرار عود غريس (العود الهندي) أو Aquilaria malaccensis

د. الحسـن اشباني

يقدَّر سوق العود العالمي بمليارات الدولارات سنويًا. في عام 2024، يُتوقع أن يصل حجم السوق العالمي لمنتجات العود، بما في ذلك رقائق العود والزيت، إلى حوالي 1.08 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها، مع توقعات بنمو مستمر بمعدل نمو سنوي مركب (Compound Annual Growth Rate=CAGR) يبلغ حوالي 6.9٪ حتى عام 2034.

1- المقدمة

تعريف عود غريس (العود الهندي)

عود غريس، المعروف أيضًا باسم العود الهندي أو Aquilaria malaccensis، هو نوع من الأشجار ينتمي إلى فصيلة Thymelaeaceae. تعتبر هذه الشجرة مصدرًا رئيسيًا للعود، وهو راتنج (الصمغ أو القلفونة : إفراز عضوي يحوي المواد الهيدروكربونية من النبات ) عطري قيم يتم استخدامه في صناعة العطور والبخور. يتميز العود برائحته الفريدة والعميقة، وقد ارتبط استخدامه بتاريخ طويل في الطب التقليدي والثقافات الدينية في مناطق مختلفة من آسيا، لا سيما في الهند والصين والشرق الأوسط. ويقولون ان أصله من اندونيسيا و ماليزيا. يكتسب هذا البحث حول عود غريس الذي نقدمه لقراءنا أهمية كبيرة لعدة أسباب. أولاً، يُعَد العود مادة قيمة في الأسواق العالمية، حيث يُستخدم في العديد من الصناعات بما في ذلك صناعة العطور والبخور والعلاجات الطبية التقليدية.

ثانيًا، تواجه شجرة العود خطر الانقراض بسبب الطلب العالي على راتنجها وقطع الأشجار غير القانوني. مما يقتضي العمل على الحفاظ على هذا المورد الطبيعي عبر الاستزراع المستدام لهذه الشجرة المفيدة للبيئة و الصحة و الاقتصاد العالمي. هذا البحث سيسلط الضوء على الجوانب المختلفة لشجرة عود غريس، بدءًا من تصنيفها العلمي ووصفها النباتي، مرورًا بتاريخها واستخداماتها التقليدية والعصرية، وصولًا إلى التحديات البيئية والاقتصادية المرتبطة بها، والطرق المستدامة لاستزراعها، بالإضافة إلى الدراسات العلمية المتعلقة بها.

2- التصنيف العلمي

الاسم العلمي والنطاق : الاسم العلمي لعود غريس هو Aquilaria malaccensis. ينتمي هذا النبات إلى المملكة النباتية Plantae، حيث يصنف تحت قسم Magnoliophyta، وهو ينتمي إلى طائفة Magnoliopsida، ويُدرج ضمن رتبة Malvales.

الفصيلة النباتية

الفصيلة النباتية التي ينتمي إليها عود غريس هي Thymelaeaceae. تحتوي هذه الفصيلة على مجموعة من النباتات المعروفة بقدرتها على إنتاج راتنجات عطرية.

الأنواع المختلفة

تنتمي Aquilaria malaccensis إلى جنس Aquilaria، الذي يضم عدة أنواع أخرى من الأشجار التي تنتج العود التي تشمل:

  • Aquilaria sinensis: توجد في جنوب الصين.
  • Aquilaria crassna: تنتشر في جنوب شرق آسيا، خصوصاً في تايلاند وكمبوديا ولاوس.
  • Aquilaria agallocha: موجودة في الهند وبنغلاديش.
  • Aquilaria hirta: تنتشر في ماليزيا وإندونيسيا.

كل نوع من هذه الأنواع له خصائصه الخاصة ويتفاوت في نوعية العود الذي ينتجه، مما ينعكس على قيمته واستخداماته في الصناعات المختلفة.

3- الوصف النباتي

المظهر الخارجي

شجرة عود غريس (Aquilaria malaccensis) هي شجرة دائمة الخضرة يمكن أن تصل ارتفاعها إلى ما بين 15 و30 مترًا. تتميز بجذع مستقيم وأوراقها بسيطة، متبادلة، وبيضاوية الشكل، ذات حواف ناعمة وطولها يتراوح بين 5 إلى 11 سم. الزهور صغيرة، بيضاء أو صفراء باهتة، تتجمع في عناقيد. الفاكهة على شكل كبسولة خشبية، تحتوي على بذور مغطاة بألياف.

البيئة الطبيعية والمواطن الأصلية

توجد شجرة Aquilaria malaccensis بشكل طبيعي في المناطق الاستوائية في جنوب وجنوب شرق آسيا. المواطن الأصلية تشمل:

  • الهند (خصوصاً في ولايات آسام والبنغال الغربية)
  • بنغلاديش
  • بورما (ميانمار)
  • تايلاند
  • لاوس
  • كمبوديا
  • فيتنام
  • ماليزيا
  • إندونيسيا

تفضل هذه الشجرة النمو في الغابات الرطبة والمناطق الجبلية، وتحتاج إلى تربة غنية ورطوبة عالية.

طريقة النمو والتكاثر

تنمو شجرة عود غريس بشكل بطيء وتحتاج إلى بيئة استوائية رطبة لتحقيق أفضل نمو. طريقة تكاثرها تتم عبر البذور بشكل أساسي. يمكن زراعة البذور في مشاتل تحت ظروف مراقبة ثم نقل الشتلات إلى الأرض الدائمة.

لتسهيل إنتاج العود (الراتنج العطري)، تُحدث الشجرة بشكل طبيعي أو صناعي جرحا في الجذع أو تعريضه للفطريات، مما يحفز إنتاج الراتنج (résine-resin)كجزء من عملية دفاع الشجرة. تنمو الشجرة في مجموعات أو على شكل غابات كثيفة، وتتطلب فترة طويلة لتصل إلى الحجم المثالي للإنتاج التجاري، والذي يمكن أن يتراوح بين 7 إلى 10 سنوات أو أكثر.

Agarwood plantations in Sivasagar district, Assam in india مزارع العود في منطقة سيفاساجار، آسام في الهند

4- طرق استزراع العود

الزراعة التقليدية

استزراع شجرة العود (Aquilaria malaccensis) يتطلب معرفة وخبرة لتحقيق أفضل نتائج، وتشمل الطرق التقليدية ما يلي:

  1. جمع البذور:
    • تُجمع البذور من الأشجار الناضجة وتزرع في مشاتل خاصة.
    • يجب اختيار بذور عالية الجودة لضمان نمو الشتلات بشكل صحي.
  2. إعداد المشاتل:
    • تُزرع البذور في تربة خصبة وغنية بالمواد العضوية.
    • تُحافظ على التربة رطبة ولكن غير مشبعة بالماء لضمان إنبات البذور.
  3. نقل الشتلات:
    • بعد نمو الشتلات إلى حجم مناسب، تُنقل إلى الأرض الدائمة.
    • يُفضل زراعتها في أماكن ذات تربة جيدة التصريف ومناخ رطب.
  4. العناية المستمرة:
    • الري المنتظم والتسميد الدوري لضمان نمو صحي للأشجار.
    • حماية الأشجار من الآفات والأمراض.
التحفيز لإنتاج العود

لإنتاج الراتنج العطري، يتم تحفيز الأشجار بطرق معينة، منها:

  1. الجروح التقليدية:
    • تُجرح جذوع الأشجار باستخدام أدوات حادة لتحفيز إنتاج الراتنج.
    • هذه الطريقة قد تكون مؤلمة للأشجار وتحتاج إلى مهارة لضمان عدم إلحاق ضرر كبير.
  2. الحقن بالفطريات:
    • تُحقن الأشجار بفطريات معينة تحفز إنتاج الراتنج بشكل طبيعي.
    • تُعتبر هذه الطريقة أكثر استدامة وأقل إضرارًا بالشجرة.

الابتكارات والتقنيات الحديثة في زراعة العود

الزراعة المستدامة

التوجه نحو زراعة مستدامة يتطلب تقنيات جديدة ومبتكرة لضمان إنتاج العود بشكل لا يؤثر سلبًا على البيئة:

  1. الزراعة المائية:
    • استخدام الزراعة المائية لزراعة شتلات العود في بيئات محكومة.
    • تُقلل هذه الطريقة من استخدام الماء وتزيد من كفاءة استغلال الموارد.
  2. التسميد العضوي:
    • استخدام الأسمدة العضوية بدلاً من الكيميائية للحفاظ على صحة التربة وتقليل التلوث.
  3. الزراعة المتكاملة:
    • دمج زراعة العود مع محاصيل أخرى لتعزيز التنوع البيولوجي والاستفادة من الموارد بشكل أفضل.
الابتكارات التكنولوجية

تُساهم التقنيات الحديثة في تحسين زراعة العود وزيادة إنتاجيته:

  1. تقنية الحقن الدقيقة:
    • استخدام أجهزة حقن دقيقة لإدخال الفطريات أو المواد المحفزة بشكل أكثر فعالية وأقل إضرارًا بالشجرة.
  2. الرصد البيئي:
    • استخدام التقنيات الحديثة مثل الاستشعار عن بُعد والطائرات بدون طيار لمراقبة صحة الأشجار والبيئة المحيطة.
    • تُساعد هذه التقنيات في اكتشاف الأمراض والآفات مبكرًا ومعالجتها بكفاءة.
  3. الزراعة الذكية:
    • استخدام أنظمة الزراعة الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحليل البياني لتحسين عمليات الزراعة والرعاية.
    • يُمكن لهذه الأنظمة تقديم توصيات حول الري والتسميد والتحفيز لإنتاج العود بناءً على بيانات بيئية وبيانات نمو الأشجار.
برامج التوعية والتدريب
  1. التدريب المستمر للمزارعين:
    • توفير برامج تدريبية للمزارعين حول أفضل الممارسات الزراعية المستدامة.
    • تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة واستخدام التقنيات الحديثة.
  2. الشراكات مع المؤسسات البحثية:
    • التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لتطوير طرق جديدة ومستدامة لزراعة العود.
    • تنفيذ مشاريع بحثية ميدانية لاختبار وتطبيق الابتكارات التكنولوجية.

5- التاريخ والاستخدامات التقليدية

الاستخدامات التقليدية في الطب الشعبي

عود غريس (العود الهندي) له تاريخ طويل في الطب الشعبي في العديد من الثقافات الآسيوية. تشمل بعض الاستخدامات التقليدية :

  1. الطب الصيني التقليدي:
    • يُستخدم لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض مثل الربو، آلام المعدة، الإسهال، والتقيؤ.
    • يُعتقد أن له خصائص مهدئة تساعد في تخفيف القلق والتوتر وتحسين النوم.
  2. الطب الهندي (الأيورفيدا):
    • يُستخدم كمنشط للقلب، ومحفز للهضم، ومعالج للأمراض الجلدية.
    • يُستعمل لعلاج الصداع، التهاب المفاصل، والأمراض العصبية.
  3. الطب العربي التقليدي:
    • يُستخدم العود في علاج الأمراض التنفسية، مثل الربو والسعال.
    • يُستعمل كمطهر ومعقم للجروح.
  4. الطب الماليزي والإندونيسي التقليدي:
    • يُستخدم لعلاج آلام العضلات والمفاصل.
    • يُعتقد أنه يساعد في تحسين الدورة الدموية وتخفيف الألم.

الأهمية الثقافية والدينية

عود غريس له أهمية ثقافية ودينية كبيرة في العديد من الثقافات:

  1. الثقافة الإسلامية:
    • يُعتبر العود من المواد العطرية المفضلة لدى المسلمين، ويُستخدم في المساجد والمناسبات الدينية.
    • ذُكر العود في الأحاديث النبوية كأحد الروائح المحببة.
  2. الثقافة الهندوسية والبوذية:
    • يُستخدم العود في الطقوس الدينية كجزء من تقديم القرابين وطقوس التأمل.
    • يُحرق العود في المعابد والبيوت لخلق جو من الصفاء الروحي والتأمل.
  3. الثقافة الصينية:
    • يُستخدم العود في الطقوس الكونفوشيوسية والطاوية.
    • يُعتبر العود رمزًا للنقاء والاحترام، ويُستخدم في الطقوس الاحتفالية والمناسبات الرسمية.
  4. الثقافة اليابانية:
    • يُستخدم العود في مراسم الشاي اليابانية وفي الفنون التقليدية مثل “كودو” (فن استنشاق العطور).
    • يُعتبر العود رمزًا للتركيز والتأمل.

تعتبر هذه الاستخدامات والرموز الثقافية والدينية جزءًا من الأهمية التاريخية لعود غريس، مما يجعله مادة ذات قيمة عالية في العديد من المجتمعات.

6- الاستخدامات العصرية

استخراج الزيوت العطرية

عملية استخراج الزيوت العطرية من عود غريس تتطلب خبرة وتقنيات متقدمة. تُستخدم طرق مختلفة لاستخراج الزيت، منها:

  1. التقطير بالبخار:
    • تُعد الطريقة الأكثر شيوعًا لاستخراج زيت العود.
    • يتم طحن الخشب إلى قطع صغيرة ثم تعريضه للبخار، مما يؤدي إلى إطلاق الزيوت العطرية التي يتم تجميعها وتكثيفها لاحقًا.
  2. الاستخلاص بالمذيبات:
    • تُستخدم المذيبات الكيميائية لاستخلاص الزيت من الخشب.
    • تُعد هذه الطريقة فعالة لإنتاج كميات أكبر من الزيت لكنها قد تؤثر على نقاء وجودة المنتج النهائي.
  3. الاستخلاص بثاني أكسيد الكربون:
    • تُعد طريقة متقدمة وصديقة للبيئة.
    • يُستخدم ثاني أكسيد الكربون السائل لاستخلاص الزيت، مما يحافظ على خصائصه العطرية والطبية.

استخدامه في صناعة العطور والبخور

يُعتبر عود غريس مادة أساسية في صناعة العطور والبخور:

  1. صناعة العطور:
    • يدخل زيت العود كعنصر أساسي في العديد من العطور الفاخرة.
    • يُستخدم لتعزيز الروائح العطرية بسبب رائحته الفريدة والعميقة التي تدوم طويلاً.
  2. صناعة البخور:
    • يُعتبر البخور المصنوع من عود غريس من أفخر أنواع البخور.
    • يُستخدم في المناسبات الدينية والثقافية والاجتماعية لخلق جو من الروحانية والراحة.

7- الفوائد الطبية والبحث العلمي الحديث

في السنوات الأخيرة، اهتم الباحثون بدراسة الفوائد الطبية لعود غريس، وقد أظهرت الدراسات نتائج واعدة:

  1. الخصائص المضادة للالتهابات:
    • أظهرت الأبحاث أن زيت العود يمتلك خصائص مضادة للالتهابات، مما يجعله مفيدًا في علاج الأمراض الالتهابية. يحتوي على العديد من المركبات النشطة التي تُظهر خصائص مضادة للالتهابات، نذكر منها:
    • الترابينول (Terpineol): مركب عطري يعمل كمضاد للبكتيريا والالتهابات، وله تأثير مهدئ أيضًا،
    • الأغارول (Agarol): يُعتقد أنه أحد المكونات الفعالة في العود، والذي يمتلك خصائص مضادة للالتهابات والأكسدة كمت تم ذكره اعلاه،
    • السينول (1,8-Cineole): مركب يمتاز بقدرته على تقليل الالتهابات وتخفيف الألم،
    • الفلانديرول (Flandrenol): مركب يعمل كمضاد للالتهابات ويُساعد في تقليل الألم الناتج عن التورم (التورم هو زيادة في حجم جزء من الجسم نتيجة لتراكم السوائل في الأنسجة. يحدث التورم عادة كرد فعل طبيعي للجسم على الإصابة، العدوى، أو الالتهاب)،
    • الأحماض الدهنية الأساسية: تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على صحة الجلد وتقليل الالتهابات.
  2. الخصائص المضادة للأكسدة:
    • يحتوي زيت العود على مركبات مضادة للأكسدة تساعد في محاربة الجذور الحرة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. هذه المركبات تشمل:
    • التربينويدات (Terpenoids): وهي مركبات عضوية تلعب دورًا مهمًا كمضادات للأكسدة و مضادات ميكروبية قوية ضد أنواع مختلفة من البكتيريا والفطريات. هذه المركبات تشمل السيسكيتيربينات (sesquiterpenes) التي توجد بوفرة في زيت العود وتساعد في تقليل الإجهاد التأكسدي، كما تعمل عن طريق تدمير جدران الخلايا الميكروبية أو تثبيط عملياتها الحيوية. و السيسكيتيربينات معروفة أيضا بقدرتها على تهدئة الجهاز العصبي. تساهم في تخفيف القلق والتوتر وتحفيز الاسترخاء.
    • الفينولات (Phenolic compounds): تُعد الفينولات أحد أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية التي تساعد في حماية الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، و كمضادات للبكتيريا والفطريات التي تعمل على تدمير الغشاء الخلوي للميكروبات والتأثير على البروتينات والإنزيمات اللازمة لحياتها. وهي مركبات شائعة في الزيوت العطرية مثل زيت العود.
    • الآجاروسبيرول (Agarospirol): هذا المركب هو نوع من الكحول التربيني (terpene alcohol) الموجود في زيت العود. يُعتقد أن له خصائص مضادة للأكسدة تساعد في مكافحة الجذور الحرة وتقليل الالتهاب، كما له خصائص قوية مضادة للميكروبات، حيث يساهم في منع نمو البكتيريا والفطريات الضارة عن طريق تثبيط نشاطها الحيوي..
    • ديهايدروآجاروفورون (Dihydroagarofuran): أحد مركبات التربينات الموجود في زيت العود، وله تأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب. كما يُظهر هذا المركب نشاطًا ملحوظًا ضد بعض السلالات البكتيرية والفطرية، مما يعزز من خصائص زيت العود المضادة للميكروبات.
    • الآجارول (Agarol): مركب آخر مشتق من التربينات، يُعتقد أن له خصائص مضادة للأكسدة، مما يساهم في الحماية من التلف الخلوي. يعمل أيضًا كمضاد للميكروبات من خلال تعطيل التفاعلات الحيوية للميكروبات أو التسبب في اختراق جدرانها الخلوية. كما يساهم في التأثيرات المهدئة والمسكنة. وهو يعمل على تعزيز الشعور بالراحة وتقليل التوتر العقلي والجسدي.
    • تساعد هذه المركبات مجتمعة في تحسين الصحة العامة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان عن طريق مكافحة الجذور الحرة وتقليل الالتهاب في الجسم.
  3. الخصائص المهدئة والمضادة للتوتر:
    • يُستخدم زيت العود في العلاج بالروائح (الأروماثيرابي) لتهدئة الأعصاب وتخفيف التوتر والقلق. أظهرت الأبحاث أن استنشاق رائحة العود يمكن أن يساعد في تحسين النوم وتقليل الأرق. يحتوي الى جانب المركبات السالفة الذكر على مركبات جينسينولات (Ginsenosides)، وعلى الرغم من أن هذا المركب يرتبط عادة بالجينسنغ، إلا أنه يمكن العثور على مشتقات مشابهة في زيت العود. يساعد على تنظيم هرمونات الإجهاد مثل الكورتيزول، مما يعزز الاسترخاء ويقلل من القلق.
    • الكاليكسانثين (Calixanthone): مركب له خصائص مضادة للأكسدة ويساهم في تحسين المزاج من خلال تقليل الأضرار التأكسدية في الدماغ التي قد ترتبط بالتوتر والقلق.
    • الكرومون (Chromone): مركب آخر مسؤول عن العديد من الخصائص الفريدة للعود الهندي، ويساهم في تهدئة الأعصاب ويعزز الاسترخاء.
    • إيريدويدات (Iridoids): هذه المركبات المعروفة بخصائصها المضادة للالتهابات والمهدئة تساهم في تقليل الإجهاد البدني وتحسين الحالة المزاجية.
    • فلافونويدات (Flavonoids): هي مركبات معروفة بقدرتها على تعزيز الاسترخاء والحد من التوتر العصبي من خلال تنظيم النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين.
    • مركبات السيكويتيربين: هذه المركبات تعمل على تهدئة الجهاز العصبي المركزي وتساهم في تخفيف التوتر وتعزيز الشعور بالراحة.
    • اللودين (Loudiol): هذا المركب العطري يسهم في التأثيرات العميقة للزيت العود على تهدئة الجهاز العصبي ويساعد في تقليل التوتر العقلي والعصبي.
    • الكومافورين (Coumarins): المركبات من عائلة الكومافورين تعمل كمهدئات خفيفة وتساعد في تحسين المزاج والاسترخاء.

هذه الاستخدامات العصرية تعكس استمرار أهمية عود غريس في مختلف جوانب الحياة، بدءًا من الجوانب التقليدية وصولًا إلى التطبيقات الحديثة في الطب والعلاج بالروائح.

8- التأثيرات البيئية والتحديات

خطر الانقراض وجهود الحفاظ

خطر الانقراض : تواجه شجرة عود غريس (Aquilaria malaccensis) خطر الانقراض بسبب عدة عوامل رئيسية:

  1. القطع غير القانوني:
    • الطلب العالي على العود يؤدي إلى قطع الأشجار بطرق غير مستدامة وغير قانونية، مما يقلل من أعدادها في البرية.
  2. تدمير الموائل الطبيعية:
    • التوسع الزراعي والتحضر يؤديان إلى تدمير الغابات الاستوائية التي تعد المواطن الأصلية لشجرة العود.
  3. الاستغلال المفرط:
    • الحصاد المفرط للراتنج من الأشجار دون إعادة زراعتها يؤدي إلى استنفاد الموارد الطبيعية.

جهود الحفاظ : هناك العديد من الجهود المبذولة للحفاظ على شجرة عود غريس وحمايتها من الانقراض:

  1. الزراعة المستدامة:
    • تطوير برامج لزراعة شتلات العود في بيئات محكومة ومستدامة لتقليل الضغط على الأشجار البرية.
  2. التشريعات والقوانين:
    • وضع وتنفيذ قوانين لحماية شجرة العود وتنظيم حصادها وتجارة منتجاتها.
    • فرض عقوبات على القطع غير القانوني والتجارة غير المشروعة.
  3. البرامج البيئية والتوعية:
    • تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على شجرة العود عبر حملات توعية وبرامج تعليمية.
    • دعم المبادرات البيئية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على حماية الغابات.
  4. التعاون الدولي:
    • التعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة للعود لتنفيذ برامج الحفاظ والتجارة المستدامة.

التأثير البيئي لزراعة العود

الجوانب الإيجابية
  1. إعادة التشجير: زراعة شتلات العود تساهم في إعادة التشجير وزيادة الغطاء النباتي.
  2. الحفاظ على التنوع البيولوجي: زراعة العود تساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المناطق الاستوائية.
  3. التنمية الاقتصادية: وفير فرص عمل وتحسين الاقتصاد المحلي عبر زراعة وإنتاج العود بشكل مستدام.
الجوانب السلبية
  1. التأثير على التربة والمياه: زراعة العود بكثافة يمكن أن تؤدي إلى استنزاف الموارد المائية وتدهور جودة التربة.
  2. استخدام المبيدات والأسمدة: استخدام المواد الكيميائية في الزراعة قد يؤدي إلى تلوث التربة والمياه وتضرر الحياة البرية.
  3. التغير في استخدام الأراضي: حويل الغابات الطبيعية إلى مزارع للعود يمكن أن يؤثر سلباً على النظم البيئية المحلية.

تتطلب حماية شجرة عود غريس وإنتاجها المستدام توازناً دقيقاً بين تلبية الطلب العالمي والحفاظ على البيئة. من خلال تطبيق ممارسات زراعية مستدامة، وتنفيذ قوانين صارمة، وزيادة الوعي، يمكن تحقيق هذا التوازن والحفاظ على هذا المورد الثمين للأجيال القادمة.

9- الاقتصاد والتجارة

تعتبر تجارة العود جزءًا مهمًا من الاقتصاد العالمي، لكنها تتطلب توازنًا دقيقًا بين تلبية الطلب وحماية البيئة. من خلال تنفيذ قوانين وتنظيمات صارمة، وتعزيز التعاون الدولي، وتشجيع الممارسات المستدامة، يمكن ضمان استدامة تجارة العود وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.

التجارة العالمية لمنتجات العود

التجارة العالمية : تعتبر منتجات العود، وخاصة زيت العود والبخور، من السلع الفاخرة عالية القيمة في الأسواق العالمية. تستند تجارة العود إلى شبكة معقدة تربط بين البلدان المنتجة في جنوب وجنوب شرق آسيا والدول المستهلكة في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة. فيما يلي بعض النقاط الرئيسية:

  1. الأسواق الرئيسية:
    • الشرق الأوسط: يُعتبر من أكبر الأسواق المستهلكة لمنتجات العود، حيث يُستخدم العود في الطقوس الدينية والثقافية.
    • آسيا: دول مثل اليابان والصين والهند تعد من الأسواق الرئيسية لمنتجات العود، خاصة في الطقوس التقليدية وصناعة العطور.
    • أوروبا والولايات المتحدة: يزداد الطلب على العود في صناعة العطور الفاخرة.
  2. الدول المنتجة:
    • الهند: تُعد واحدة من أكبر منتجي العود، وخاصة في ولايات آسام والبنغال الغربية.
    • ماليزيا وإندونيسيا: تعتبر من أهم الدول المنتجة لخشب العود وزيته. في إندونيسيا وحدها، يُنتج حوالي 50% من الإنتاج العالمي لهذه الشجرة. تعتبر ماليزيا وتايلاند أيضًا من بين المنتجين الرئيسيين.
    • فيتنام وكمبوديا وتايلاند: لديها إنتاج كبير وتصدير لمنتجات العود.
  3. قيمة السوق:
    • يُقدَّر سوق العود العالمي بمليارات الدولارات سنويًا. في عام 2024، يُتوقع أن يصل حجم السوق العالمي لمنتجات العود، بما في ذلك رقائق العود والزيت، إلى حوالي 1.08 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها، مع توقعات بنمو مستمر بمعدل نمو سنوي مركب (Compound Annual Growth Rate=CAGR) يبلغ حوالي 6.9٪ حتى عام 2034.
    • في الصين، وهي سوق كبيرة أخرى، تُقدَّر قيمة سوق منتجات العود بحوالي 1.46 مليار دولار في عام 2024، مع معدل نمو سنوي متوقع بنسبة 7.5٪ خلال العقد القادم. من المتوقع أن ينمو إجمالي قيمة السوق العالمية بشكل كبير، مدفوعًا بزيادة الطلب على العلاج بالروائح العطرية والطب التقليدي والعطور الفاخرة.
    • الهند، أحد المنتجين الرئيسيين لـ Aquilaria malaccensis، زادت مؤخرًا من حصتها التصديرية لخشب العود إلى 151,080 كجم من الرقائق و7,050 كجم من الزيت، مما يعكس الطلب الدولي المتزايد وأهمية الممارسات المستدامة في تجارة العود.

القوانين والتنظيمات المتعلقة بالتجارة

الاتفاقيات الدولية تخضع تجارة العود لقوانين واتفاقيات دولية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض وتنظيم التجارة المستدامة:
  1. اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية (CITES): تُعتبر Aquilaria malaccensis مدرجة في الملحق الثاني للاتفاقية، مما يعني أن التجارة في هذا النوع تخضع لتنظيم صارم لضمان عدم استغلاله بشكل يؤدي إلى انقراضه.
القوانين الوطنية : كل دولة منتجة أو مستهلكة لمنتجات العود لديها قوانينها الخاصة التي تنظم التجارة:
  1. الهند:
    • يُطلب من المزارعين والتجار الحصول على تراخيص وتصاريح لتجارة العود.
    • تُفرض قوانين صارمة على قطع الأشجار وجمع الراتنج لضمان استدامة الموارد.
  2. ماليزيا وإندونيسيا:
    • تُنظم تجارة العود عبر وكالات حكومية لضمان الامتثال للمعايير البيئية وحماية الأنواع.
    • تُشجع الزراعة المستدامة وتوفر الحوافز للمزارعين الذين يلتزمون بالممارسات المستدامة.
  3. الشرق الأوسط:
    • تُنظم واردات العود من خلال قواعد صارمة لضمان الجودة والأصالة، وتُفرض ضرائب ورسوم جمركية على المنتجات المستوردة.
التحديات التنظيمية : تواجه تجارة العود عدة تحديات تتطلب تنسيقًا دوليًا وتعاونًا مشتركًا:
  1. التهريب والاتجار غير المشروع:
    • يبقى التهريب والاتجار غير القانوني تحديًا رئيسيًا، حيث يسعى بعض التجار لتحقيق أرباح سريعة دون الامتثال للقوانين.
  2. التنفيذ الصارم للقوانين:
    • تحتاج الدول إلى تعزيز قدراتها في مراقبة وتنفيذ القوانين لضمان حماية الأنواع المهددة والتجارة المستدامة.
  3. التوعية والتثقيف:
    • نشر الوعي بين المزارعين والتجار والمستهلكين حول أهمية التجارة المستدامة وحماية البيئة.

10- المراجع

  1. Alam, M. M., et al. (2020). “Phytochemistry and pharmacological properties of Aquilaria species: A review.” Natural Product Research.
    هذا المرجع يتناول التركيب الكيميائي والخصائص الطبية لأشجار العود بما في ذلك تأثيراتها المضادة للالتهابات.
  2. Naef, R. (2011). “The volatile and semi-volatile constituents of agarwood, the infected heartwood of Aquilaria species: A review.” Flavour and Fragrance Journal.
    هذا المقال يقدم مراجعة شاملة لمكونات زيت العود بما في ذلك مركبات مثل السينول والفلانديرول.
  3. Chen, H., et al. (2013). “Chemical constituents and pharmacological activities of agarwood and Aquilaria plants.” Molecules.
    هذا البحث يعرض المركبات النشطة في العود مثل الترابينول والأغارول وتأثيراتها العلاجية.
  4. Shen, H., et al. (2015). “Agarwood essential oil ameliorates inflammatory responses via inhibiting MAPK and NF-κB pathways.” Journal of Ethnopharmacology.
    دراسة توضح كيفية عمل زيت العود في تخفيف الالتهابات عن طريق تثبيط مسارات معينة في الجسم.
  5. هذا الكتاب يتناول علم العود بشكل شامل، بما في ذلك المعلومات حول مركباته الكيميائية، طرق استخراجه، والخصائص الطبية المرتبطة به.
  6. “Medicinal Plants: Chemistry and Properties” by S. K. Sharma (2018)
  7. يقدم هذا الكتاب مراجعة للعديد من النباتات الطبية، بما في ذلك Aquilaria species (شجرة العود)، مع تركيز على المكونات النشطة وخصائصها العلاجية مثل مضادات الالتهاب.
  8. “Essential Oil Safety: A Guide for Health Care Professionals” by Robert Tisserand and Rodney Young (2014)
  9. يتضمن هذا الكتاب تفاصيل عن السلامة في استخدام الزيوت الأساسية، بما في ذلك زيت العود، مع معلومات حول تركيبته الكيميائية وتطبيقاته الطبية.
  10. “The Encyclopedia of Essential Oils” by Julia Lawless (2013)
  11. موسوعة شاملة تحتوي على معلومات عن الزيوت الأساسية، بما في ذلك زيت العود، وخصائصها الصحية والفوائد الطبية.
  12. “Pharmacognosy: Medicinal Plants” by V. E. Tyler, Lynn R. Brady, and James E. Robbers (1988)

د. الحسن اشباني مدير البحث سابقا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي المغرب و صحفي مهني علمي

الكلمات المفتاحية : شجرة العود الهندي، المعطيات الاقتصادية والانباتية، الدول المنتجة، زيت العود، مضاد للالتهابات، Aquilaria species، الترابينول، السينول، الفلاندرول، الطب الطبيعي، الزيوت الأساسية.

هدية المقال : تقرير دراسة مؤسسة التنمية الوطنية عن شجرة العود (Aquilaria malaccensis) في الهند–NDF Study Report of Aquilaria malaccensis (Agarwood) in India

مقالات الكاتب ذات الصلة:

توفيت او قتلت الطبيبة إيرين غروجان “Irène Grosjean” الأخصائية الفرنسية المرموقة في مجال التغذية الطبيعية

عجائب هذا النبات العشبي الاكثر من رائع “الزنجبيل” “Zingiber officinale”

الفوائد السبعة لملعقة زيت الزيتون تشرب ليلا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE