مع ذ. سليمان شاهي الدين: مقالة في البيان السنوي


مقالة في البيان السنوي
لو لا الأمل و التمني بغد أفضل ما سعى الإنسان إلى أن يرجو و يحلم – و حق الحلم مشروع انساني – بحول بل بأعمار أفضل يفيض فيها الخير و تنقشع فيها المأساة و تنتهي فيها الملهاة و تنمحي فيها عداوة الإنسان لأخيه الإنسان .
إن جميع الثقافات تعقد العزم على أن تعلق آمالها في سنة جديدة لذلك نجد السنة القمرية / الهجرية يحتفل بها المسلمون و السنة الشمسية / الميلادية يحتفل بها النصارى و السنة اليهودية يحتفل بها اليهود و السنة الأمازيغية يحتفل بها الأمازيغ و هذا التنوع بنفس المناسبة التي تتكرر في كل سنة على حسب المواقيت القائمة على تقويمات مختلفة يتم الإعتماد عليها في كل ثقافة و حضارة و هذا يجعل دورة الحياة تستمر في نفس الأفق و مسرى الزمان و لهذا فإن نقطة هذه الحلقات الدائرية لقياس السنوات متمايزة المواقيت و لكنها في ذات الوقت تصب كلها في نفس الإتجاه و السيرورة التقدمية لنفس الزمن و هو الذي يسير إلى منتهاه المحتوم عند عليم قدير قيوم السماوات و الأرض سبحانه .
إن الإشكالية المطروحة بشأن الإحتفالات السنوية لا تكون مثار النقاش و الجدل إلا من باب اليقين العقدي و أكثر من كونها مجرد تباينات للعادات الإجتماعية و الأعراف التاريخية للثقافات التي تتجاوز معنى الفولكور و الكرنفالات التي تنشأ كأنشطة بهذه المناسبات التي تعبر على الإستعداد لخوض تجربة زمانية جديدة وفقا لنفس جديد كله أمل لتحقيق حياة أفضل .
إن الميثاق الوجودي للإنسان يشكل مجال للإحتراب الحضاري لأن قوى الشر لا تعبأ بالسلام العام للبشرية ، بل إنها تسعى للسيطرة و التحكم في رقاب العباد / البشر و طالما لم تتعقل الشعوب و يرتفع منسوب وعيها فإن معظمها سيكون لا محالة عرضة للضياع و خرق كل الحقوق الإنسانية ، و لعل الإنسان الذي أغرته القوة المادية و السعي للسيطرة سيسقط من جديد في نفس متاهة الحروب العالمية كما حدث إبان الحربين العالميتين / الأوروبيتين في القرن الماضي .
يمكن أن نطرح التساؤل حول الإحتفالات برأس السنة أياً كان تقويمها بناء على قول الشاعر المتنبي:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
إن السؤال الصميمي ضمن هذا الأفق في الزمان و المكان لا يكون له المعنى و الدلالة إلا عندما يكون مجالا لدرأ المخاطر الحاذقة لوجود الإنسانية ، و لا شك أن الحرب البيولوجية التي بدأت مع كوفيد ١٩ لم تضع بعض أوزارها ، و هذا يفيد أن الإنسانية ستكون على المحك في مواجهة الوباء المصنع على المقاس تلبية لمخططات شيطانية تسعى للحد من النمو السكاني ذي الوتيرة الهندسية و البدأ في صناعة موسم جديدة للعبودية المعاصرة عبر توظيف التقنية و الذكاء الإصطناعي .
لا شك أن الإنسانية منخرطة في مسلسل لهندسة اجتماعية تكاد تكون فيها الإنسانية تحت طائلة تجارب المختبرات على منوال التجارب التي تجرى على الفئران . أين عقلاء الإنسانية و الحكماء و المصلحين و المثقفين و العلماء الذين يقولون لا لهذا المخطط الذي يتأهب لجعل الإنسانية مجرد مجال لإنجاز مأتم للمسلخ البشري ؟
من امريكا : سليمان شاهي الدين
باحث / كاتب / ناقد