الصحة

عود الاراك احسن ام معجون الاسنان وفرشه لتنظيف الفم و الاسنان؟

د. الحسن اشباني

“إذا كانت العين هي نافذة الروح، فالفم هو بوابة الجسد”

اقتنعت و بدأت استعمل عود الاراك

فكرت هذه شهور في ان اتحدث عن موضوع نظافة الفم و الاسنان حين شاهدت في احدى المطارات شابا صحيح البنية بشوشا يظهر لمن حوله ضرورة استعمال عود السواك كبديل للفرشاة و معجون الاسنان دون ان يتكلم عن مساوئء هذين الاخيرين و مستدلا كل مرة بالنتائج المحصل عليها هو و اسرته عمليا بابراز بين الفينة و الاخرى اسنانه الصلبة الناصعة الجميلة، ويكرر امام الجميع :”هذا العود هو سر البياض المبهر لأسناني“… ثم بحثت في الامر، فوجدت ما يقول مهما لاثارته و خصوصا حين استمعت و شاهدت فيديوهات لاطباء و مختصين يتحدثون فيها عن معاجين الاسنان و الاثر السلبي لبعض تركيباتهم على الفم و الاسنان و كذا أضرار فرش الاسنان. فالمقالات الحديثة حول الاستياك و عود السواك و الاطروحات حوله قليلة و لكنها مفيدة و تستحق الاهتمام. دون ان ننس تاريخ استعماله بغية تبييض وتلميع الأسنان الذي يعود الى عهد النبي محمد صلى الله عليه و سلم، حيث وردت عنه احاديث كثيرة منها ‘إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : السِّواكُ مَطهَرةٌ للفمِ مَرضاةٌ للرَّبِّ” و “لَولا أن أشقَّ على أمَّتي لفرضتُ عليهمُ السِّواكَ عندَ كلِّ صلاةٍ كما فرضتُ عليهمُ الوضوءَ، قال أبو سلمةَ فرأيتُ زيدًا يجلِسُ في المسجدِ وإنَّ السِّواكَ من أُذنِه موضعَ القلمِ من أُذنِ الكاتبِ فكلَّما قام إلى الصَّلاةِ استاك” و “كان النَبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنامُ إلَّا و السِّواكُ عند رأسِهِ، فإذا اسْتيقَظَ بَدأَ بِالسِّواكِ” الخ. هل هو بديل للفرش و المعاجين ام يمكن استخدامه معا بالتناوب مثلا؟ هذا ما سنحاول تبيانه في هذا الملف. ولكن كما قلت في البداية، بدات استعماله، لانني شخصيا لم الاحظ اي فرق في استعمال انواع من معاجين الاسنان و الغالية منها و الفرش التجارية و بين استعمال عود الاراك في الاونة الاخيرة. هل انا على صواب؟، فقط الايام القادمة هي الحاسمة: أأستمر ام أتناوب بينهما. اما استعمال المعاجين و الفرش، كما في السابق، فالجواب قطعا لا.

فصائل النباتات التي استُعملت أعوادها للاستياك

من المعروف الان ان فصائل النباتات التي استُعملت أعوادها للاستياك متنوعة و يتجاوز عددها 182 فصيلة لنباتات وأشجار منتشرة في آسيا و والشرق الأوسط و أفريقيا، وجنوب أميركا، و أن معظمها أي 158 فصيلة تتواجد في أفريقيا، واستتثمرت جذور هذه النباتات وسيقانها وأغصانها لصنع الأعواد.

سنورد هنا بعض هذه الانواع من النباتات و الاشجار:

  • النيم (Azadirachta indica).
  • أشجار مختلفة من عائلة الأوكالبتوس (Eucalyptus).
  • فلامبويانت (ديلونيكس ريجيا) ((Delonix regia).
  • نوع Pseudocedrela kotschyi) Siguédré)
  • نوع الأبنوس الأفريقي و يطلق عليه ايضا الديوسبيروس الميسبيليفورميس (Diospyros mespiliformis).
  • لنتانا تريفوليا (Lantana trifolia) هي شجيرة معمرة من عائلة Verbenaceae.
  • عدة أنواع من جنس الأكاسيا (Acacia)، ولا سيما أكاسيا السنغال في أفريقيا وأكاسيا أرابيكا في الهند من عائلة Fabacées و تحت العائلة sous-famille des Mimosoidées.
  • نوع Capparis decidua، المعروف أيضًا باسم كير kair أو كرير karir، هو شجيرة من المناطق القاحلة في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
  • شجرة الليمون (Citrus aurantiifolia)، هي شجرة صغيرة من عائلة Rutaceae تشتهر بثمارها: الجير ، وهو ثمرة حمضيات والتي، على الرغم من هذا الاسم، ليست صنفا من الليمون.
  • شجرة البرتقال من نفس عائلة Rutaceae. تنتج فاكهة حلوة وصالحة للأكل ومعروفة عند الجميع.
  • جذور السنا (Senna alexandrina) التي استخدم الأمريكيون الأفارقة، وهي شجيرة صغيرة تشتهر بخصائصها الدوائية ايضا، تستهدف بشكل خاص النظام الهضمي.
  • كاسيا سيبيريانا (Cassia sieberiana)، المعروف أيضًا باسم اللابورنوم الأفريقي، هي شجرة استوائية صغيرة من غرب إفريقيا تستخدم على نطاق واسع من قبل السكان المحليين لخصائصها الطبية العديدة. تم توثيق استخدام جذوره كفرشاة أسنان في سيراليون.
  • ديوسبيروس ليسويديس (Diospyros lycioides) هي شجرة كثيفة صغيرة منتشرة على نطاق واسع في جنوب القارة الأفريقية، وهي تنتمي إلى نفس جنس أشجار الأبنوس. تستخدم على نطاق واسع في وظائف مختلفة (صنع البيرة، بديل القهوة، دباغة الجلود، صنع الأكواخ والأواني، إلخ.) وتوفر جذوره فرشاة أسنان لسكان هذه المناطق.
  • نوع البيزيا كورياريا (Albizia coriaria) هي شجرة موطنها السافانا في إفريقيا السوداء.
  • النخلة الصحراوية (Balanites aegyptiaca)، شجرة تُزرع على وجه الخصوص في أفريقيا الاستوائية، لها استخدامات غذائية وطبية مختلفة.
  • بيركيميا ديسكولور (Berchemia discolor) هي شجرة موطنها أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تتكيف مع المناخات شبه القاحلة. ثمارها صالحة للأكل وحلوة، ويقدرها السكان الأصليون. للجذور العديد من الخصائص الطبية… والائحة طويلة لا يسعها صدر هذا الملف.

و من بين هذا الكم الهائل من النباتات و الاشجار، الذي لا يسعه صدر هذا الملف، تعتبر شجرة الأراك أكثرها شهرة على الإطلاق، 

ما هي شجرة الاراك؟

شجرة الأراك، المعروفة علميًا باسم “سلفادورا بيرسيكا” (Salvadora persica)”، هي شجيرة تتبع فصيلة العرقيات (Salvadoraceae). تعتبر هذه الشجرة من النباتات القائمة الصغيرة التي تنمو في المناطق الصحراوية والشبه صحراوية في مناطق واسعًة في جميع أنحاء العالم في دول مثل المملكة العربية السعودية واليمن وإيران والعراق ومصر والهند وباكستان وماليزيا والسودان وإثيوبيا وموريتانيا ، وكذلك دول في وسط إفريقيا وجنوب غرب أفريقيا وأمريكا الجنوبية. يبلغ ارتفاعها حوالي 3-6 أمتار وتتميز بأغصانها العرقية المتشابكة وأوراقها الصغيرة والمنتظمة. وعادة ما يكون لونها أخضر رمادي إلى بني.

تشتهر شجرة الأراك بمجموعة من الخصائص البارزة التي جعلتها ذات أهمية كبيرة في الثقافات المحلية والطب التقليدي على مر العصور. أما الأجزاء التي يمكن استخدامها والاستفادة منها هي كالتالي على أساس اننا سنتحدث فقط في هذا الملف عن عودها المستخلص من الجذور:

  1. الجذور: تحتوي الجذور على مواد صحية مفيدة، وتستخدم عادة في تحضير المستحضرات العشبية والأدوية التقليدية لعلاج مشاكل اللثة وتسوس الأسنان. كما يمكن استخدام الجذور في صناعة مضادات الديدان والمضادات الحيوية الطبيعية.
  2. اللحاء (الغلاف الخارجي للجذع أو الفروع الخشبية للشجرة): يستخدم اللحاء لعلاج الالتهابات وتخفيف الألم. يتم تحضير المستخلصات المائية أو المستخلصات الكحولية من اللحاء وتستخدم كمضادات حيوية ومضادات للالتهابات.
  3. الأوراق: تحتوي الأوراق على مضادات حيوية ومضادات للأكسدة ومواد مضادة للالتهابات. يمكن استخدام الأوراق في تحضير المستحضرات العشبية والشاي لعلاج الاضطرابات الهضمية والأمراض التنفسية ولتحسين صحة الفم.
  4. الفروع: يمكن استخدام الفروع في تحضير مشارب الفم والمضمضة الطبيعية. فتركيبة الفروع تعمل كمضاد حيوي وتساعد في تنظيف الأسنان وتخفيف مشاكل اللثة.

نعود وبشكل اكثر تفصيلا عن عود الاراك او عود السواك، الذي يعتبر أداة تقليدية تستخدم لتنظيف الأسنان والفم.

تعريف عود السواك:

عود السواك هو عبارة عن فرع صغير ومضغوط من نبات الأراك، يتم استخدامه لتنظيف الأسنان وتحسين صحة الفم. يُعتبر عود السواك بديلاً طبيعيًا لفرشاة الأسنان التقليدية.

و لعود السواك أهمية كبيرة في الثقافات العربية والإسلامية، ويعود استخدامه إلى العصور القديمة. كما يُعتبر عود السواك جزءًا من السنة النبوية ويُنصح به في الدين الإسلامي لفوائده الصحية و الروحية، وقد ورد ذكره في الأحاديث النبوية كأداة تطهير وتنقية للفم والأسنان كما سبق ذكره.

يُعزى استخدام عود السواك في الثقافات العربية والإسلامية إلى قيمته الصحية والدينية. فهو يُعتبر وسيلة طبيعية وفعالة للحفاظ على نظافة الأسنان واللثة، وقد أثبتت الأبحاث العلمية فعالية عود السواك في قتل البكتيريا وتقليل تراكم البلاك (reducing plaque buildup). سنعود الى هذه الابحاث في الجزء الثاني من هذا الملف.

تاريخ عود السواك:

يمتد استخدام عود السواك لآلاف السنين، وقد تم توثيقه في مختلف الثقافات والحضارات عبر التاريخ. يعود أقدم استخدام لعود السواك إلى العصور القديمة، ومنذ ذلك الحين أصبح جزءًا من التقاليد الصحية والثقافية في العديد من الثقافات حول العالم.

في وقت مبكر من القرن التاسع عشر، قال المستكشف الألماني الشهير جوستاف ناشتيغال (1834-1885) إن النساء في واداي، وهي منطقة سودانية، نادراً ما يخرجن دون “فرشاة أسنانهن” في زاوية شفاههن. وقال إن هذه الفرش مصنوعة من قطع من خشب السواك (سلفادورا بيرسيكا) المتحولة الى الألياف في بدايتها.
وبمجرد ان يجلسن، يستخدمن هذه “الفرشاة” لتنظيف أفواههن بجدية. كما أفاد إيلارد ويدمان (1852-1928)، عالم فيزياء ألماني في عام 1915، أن النوبيين (سكان النوبة، وهي منطقة تاريخية تضم شمال السودان الحالي وجنوب مصر) كانوا يصطحبون معهم دائمًا قطعة من الخشب يبلغ طولها حوالي عشرين سنتيمتراً، تسمى السواك، والتي ربما كانت أصل و سر البياض المبهر لأسنانهم. رد عليه فون لوشنان، خبير خاص من برلين، بأن هذه القطعة الخشبية لم تستخدم فقط في النوبة، ولكنها منتشرة في جميع أنحاء القارة الأفريقية إلى معظم قبائل البانتو الجنوبية (التي احتلت جنوب إفريقيا الحالية). وذكر أيضا أن معظم البدو الرحل الذين صنعوا القوافل الصحراوية يحضرون معهم فقط يقطينة للمياه و “مسواك”. يمضغ المستخدم طرفًا واحدًا من أجل تليينه وإزالة الطبقة الرقيقة من اللحاء حتى يتم الحصول على نسيج ليفي (على غرار شعر الفرشاة). يكفي فرك أسطح الأسنان بالجزء الليفي المتكون على هذا النحو لإزالة طبقة البلاك.. هكذا يستعملونه.

توجد العديد من الأدلة الأثرية التي تشير إلى استخدام عود السواك في مختلف الحضارات القديمة. من بين الأدلة الموثقة:

  1. الأدلة الأثرية المصرية: تم العثور على آثار لأعواد السواك في المقابر المصرية القديمة، حيث تم استخدامها من قبل الفراعنة في عمليات النظافة الفموية والعناية بالأسنان.
  2. الأدلة الأثرية الإغريقية والرومانية: يشير العديد من الكتابات والتماثيل القديمة إلى استخدام عود السواك في الثقافة الإغريقية والرومانية، حيث كان يُستخدم كجزء من روتين النظافة الفموية.
  3. الأدلة الأثرية العربية: تعود استخدام عود السواك في الثقافة العربية إلى العصور القديمة، حيث وجدت آثاره في العديد من المواقع الأثرية والمقابر العربية القديمة.
  4. الأدلة الأثرية الإسلامية: يُعتبر عود السواك جزءًا من التراث الإسلامي، حيث توجد العديد من الأحاديث النبوية التي توصي بالاستخدام المنتظم لعود السواك للحفاظ على صحة الفم والأسنان.

في العدد المقبل، سنتناول الخصائص الفيزيائية والكيميائية لعود السواك و الدراسات العلمية حوله و التحذيرات والاحتياطات في استخدام عود السواك و مساوئء استعمال معاجين الأسنان التجارية

د. الحسن اشباني، مدير البحث سابقا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالمغرب و صحفي مهني علمي

يتبع…

مقالات الكاتب ذات الصلة:

الشاي- فوائده الصحية – الوقاية من الأمراض- dr-achbani.com

المشروب الاكثر شهرة في العالم : الشاي + Dr-achbani.com

النخيل القزم الذي يجهل فوائده الكثيرون dr-achbani.com

القراص: أهو نبات ضار ام كنز ثمين؟ dr-achbani.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE