المنبر الحر

شُكراً غزَّة! منك تعلمنا و ستتعلم كل الاجيال المقبلة

ننقل من خلال هذه النافذة مقالين لاستاذين عن غزة العزة، الاول مغربي الأستاذ المربي الفاضل و الجمعوي المناضل ذ. عبدالقادر علاوة و الثاني مصري ذ. طارق عثمان باحث ومترجم مصري، ينصب اهتمامه على الفلسفة المعاصرة والعلوم الاجتماعية، خاصة علم النفس. المقال الاول عن عشر عبر و عضات من المقاومة في غزة و الثاني يتحدث عن نتائج هذه الحرب الظاهرة و لو انها لم تنته بعد وقد مر عنها الان خمسون يوما.. نتائج ستغير موازين القوى في المنطقة.. قراءة ممتعة

ذ. عبدالقادر علاوة

شُكراً غزَّة!

شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن هذا العالم غابة، وأنه لا يُحترم فيه إلا القوي، فلم يوقفهم على أعتابكِ مجلس الأمن، ولا هيئة الأمم، ولا ميثاق حقوق الإنسان، لقد أوقفتهم قذائف الياسين!

‏1. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن الجنود الحقيقيين يتخرجون من سورة الأنفال، ومن حلقات تحفيظ القرآن الكريم، لا من الكليات الحربية! رأينا جنودكِ بلا بدلات أنيقة، ولا نجوم على الأكتاف، ولا نياشين على الصدور، ولكنهم جنرالات!

‏2. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن من يُرِد يستطِع، وأن الأمر لا يتعلق بالإمكانيّات وإنما بالإرادة، فمتى ما وُجِدتْ تحققت المعجزات، وإنكِ والله معجزة من هذا الزمان!

‏3. شكراً غزّة، منكِ تعلَّمنا أن لا ننخدع بعد اليوم بحقوق الطفل وقد صفّقوا لقتل أطفالكِ، ولن يدخلوا بيوتنا بحقوق المرأة فقد سكتوا عن قتل نسائكِ.. كانت كل هذه أقنعة ليهدموا الأُسرة عندنا، فهي آخر القلاع.

‏4. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن السُمَّ يمكن دسُّه في العسل، أولئك الذين أساؤوا لنبيّنا صلى الله عليه وسلم بحجة حرية التعبير قيدوا حساباتنا، وحذفوا منشوراتنا حين عبَّرنا عن آرائنا ونحن ندافع عنكِ! وأولئك الذين دعونا إلى دين واحد إنساني شفيق ورحيم، لمَّا رأوكِ تُذبحين خلعوا إنسانيتهم، واستدلوا على ضرورة قتلكِ بالتلمود ومُحرَّف الإنجيل! فصرنا الآن نردِّد بصوت أعلى: لكم دينكم ولي دين.

‏5. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن هذا العالم غابة، وأنه لا يُحترم فيه إلا القوي، فلم يوقفهم على أعتابكِ مجلس الأمن، ولا هيئة الأمم، ولا ميثاق حقوق الإنسان، لقد أوقفتهم قذائف الياسين!

‏6. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن في صدور الرجال أُسوداً رابضة، وأنه متى ما تهيأت لها الظروف أعادت إلينا أمجاد الصحابة.. فشكرا لسْعدٍ عند الراجمة، أبدع في رميه -بأبي هو وأمي- وشكرا لقوات النُّخبة على ما رأينا من بسالتها، ذكّرتْنا -والله- بيوم أُحد إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ رجلٌ يبيع لنا نفسه؟ فوثب زياد بن السَّكن فباعها!

‏7. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن الشدَّة تُربِّي، والأيام الصعبة تصقُل، أطفالكِ كبروا قبل أوانهم، سمعنا منهم أقوال الرجال، ونساؤكِ خنساواتٌ يُشبهنَ الصحابيات صبراً وفداءً وتقديماً لله، ورجالكِ جبال.. من ذا يستطيع أن يهدم جبلا!

‏8. شكراً غزّة، منكِ تعلّمنا أن المجاهدين متى ما كانوا للناس كان الناس لهم، قُتل أطفالكِ فصبرَ أهلهم وقالوا: إنَّا للمقاومة فدى! وهُدمتْ بيوتهم فقالوا: إن للعزَّة ثمنا باهظا! أُوذوا لكي ينفَضُّوا عن مجاهديكِ، فإذا بهم في الحرب -كما كانوا في السِّلم- يضعون المجاهدين تيجانا على رؤوسهم.. وإنها لرؤوس تستحقّ القُبَل!

‏9. شكراً غزَة، منكِ تعلَّمنا أن هذه الأمّة تحيا بالدماء.. كنّا ننظر في هذه الملايين الفقيرة تروح وتجيء ولكن ثمّة روح تنقصها، ثم جاء دمُكِ فنفخ فيها الروح! من وراءكِ أمّة تغلي، ومارد مقيَّد آنَ أوان انبعاثه!

‏10. شكراً غزّة، منكِ تعلَّمنا أن الأزمات تُسقِط الأقنعة، وتكشف الوجوه على حقيقتها، فكم من كتف حسبناه صالحا للاتكاء فإذا هو هشٌّ! وكم من شجاع في كلامه صار جبانا لا فعل له! وكم من عالِم حسبناه ربّانيًّا فإذا هو يُباع ويُشترى!
‏أردتِها أنتِ معركة، وأرادها الله فاضحةً ومنقِّيةً للصفوف، فما هي الآن إلا جولة تساقط فيها كثيرون، وهذا أفضل من أن ينْسلُّوا من بين أظهُرِنا إذا ما حانت المعركة الحاسمة!

شكراً غزّة، منكِ تعلَّمنا أن الأزمات تُسقِط الأقنعة، وتكشف الوجوه على حقيقتها، فكم من كتف حسبناه صالحا للاتكاء فإذا هو هشٌّ! وكم من شجاع في كلامه صار جبانا لا فعل له! وكم من عالِم حسبناه ربّانيًّا فإذا هو يُباع ويُشترى!

شكرا غزة شكرا للمقاومة شكرا لكل اهل غزة -منقول-
فاللّٰهمَّ لنا أخوةٌ يؤمنون بك، يتوكّلون عليك، ولا عونَ ولا معينَ لهم إلَّاك فاللّٰهم كن لهم وليا ومعينا واحفظهم وانصرهم على عدوهم .”
اللهم سدد رميهم ووحد صفهم واجعل اليهود واسلحتهم غنيمة للمقاومةيللهم يا سامع كل كل شكوى , ويا شاهد كل نجوى, ويا عالم كل خفية ويا كاشف كل كربة وبلية, ويا منجي نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم
انصر اهل غزة وفلسطين نصرا يثلج الصدور ويبهج القلوب يارب افرح قلب كل من تصله رسالتي واقض حاجته


—————————————————-

نتائج الحرب في غزة

 د. طارق عثمان

الحرب ما زالت دائرة في غزة. لكن هناك نتائج اصبحت ظاهرة، و تلك تشي بأن هذه الحرب تطور ذو اهمية استراتيجية، ليس فقط للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، و لكن ايضًا لمعادلات القوة في الشرق الأوسط.

 تبعات نجاح حماس مؤثرة في الصراع الأهم في الشرق الأوسط، بين إسرائيل وحلفائها، وعلى الجانب الأخر، بين إيران وحزب الله وسوريا وحماس. والمحصلة المهمة هنا ستكون: إذا كانت الحلقة الأصغر في ذلك الحلف (حماس) قد استطاعت، بشكل مباشر وحدها، أن تحرز نجاحًا على حساب إسرائيل، فمن الممكن أن يستطيع الحلف بأكمله، في لحظة قادمة، أن يحرز ليس فقط نجاحًا ولكن نصرًا على إسرائيل. وهنا بالضبط مربط الفرس في فكرة تغير موازين القوى في المنطقة.

هذه النتائج هي:

1 – حماس هي من فرضت توقيت الحرب. صحيح، أحداث القدس وضعت ضغطًا نفسيًا وسياسيًا على حماس لفعل شيء ما. لكن قرار حماس باستخدام ترسانتها الصاروخية كان لا شك مدركًا أن ذلك سيؤدي إلى هجوم إسرائيلي كبير على القطاع. لكن حماس اتخذت القرار.

2 – حماس أظهرت بوضوح نجاحها الكبير في السنوات الماضية في تكوين منظومة صاروخية قادرة على الوصول إلى كل المدن الإسرائيلية، وعلى إحداث خسائر، وعلى إرباك الحياة اليومية في أهم مراكز العمران الإسرائيلية. وذلك تغير مهم في موازين الصراع بين الطرفين. وقد كان الميل في موازين القوة ظاهرًا منذ فترة – ليس بين حماس وإسرائيل، ولكن بين إسرائيل وبين مجموعة الحلفاء (إيران، حزب الله، سوريا، وحماس). وقد كتبت عن هذا التغير في مقال في مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية منذ عام بالضبط. والإشارة هنا ليست للتباهي، ولكن للتركيز على أن بعض متابعي المنطقة يرون اتجاهًا منذ عدد من السنوات ناحية نوع جديد من التوازن في القوة بين المعسكرين. وهذا واحد من أهم المتغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين.

3 – التغير في موازين القوة يؤدي إلى خسائر لم تعتد عليها إسرائيل منذ منتصف السبعينيات. أي أن كل الجيل الحاكم الآن في إسرائيل يرى نوعاً من التهديد – وعليه نوع من التوتر داخل إسرائيل – لم يعرفه طيلة حياته الفاعلة. وهذا تغير نفسي مهم داخل المجتمع الإسرائيلي وبالضرورة مع الوقت، داخل عملية صنع القرار في إسرائيل.

4 – هناك تبعات مباشرة وسريعة على السياسة الداخلية الإسرائيلية. أهمها أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في احتياج ضروري إلى شيء يسوقه على أنه نصر على حماس، وإلا فإن تلك الحرب ستكون ستكون ضاربة لوضعه السياسي الداخلي.. هناك أيضًا تبعات على تموضع الجيش الإسرائيلي في الدولة، وهو من قبل ومن بعد المؤسسة الأهم هناك. كما أن مجموعة من أهم السياسيين الصاعدين في إسرائيل بنوا تاريخهم داخل تلك المؤسسة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جزءا مهما من النجاح الإسرائيلي في العالم – بما في ذلك، في أسواق السلاح والجانب التجاري في دنيا الأمن والمخابرات – قائم على صورة الجيش الإسرائيلي وأجهزته.. كل ذلك معناه، أن تبعات نجاح حماس واصلة إلى بعيد.

5 – هناك تبعات كبيرة لنجاح حماس على الداخل الفلسطيني. الآن، الانتخابات الفلسطينية التي كان مقررا إجراؤها في مايو قد تأجلت بقرار من السلطة في الضفة الغربية. وقد أثار ذلك القرار غضباً بين أوساط واسعة من الفلسطينيين. إذا أثبتت هذه الحرب نجاحاً لحماس، فإن قوتها ستزداد ليس فقط في غزة ولكن في الضفة الغربية. وتلك ستكون بداية تغير مهم في هيكل السياسة الفلسطينية، خاصة في مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس.

6 – تبعات نجاح حماس مؤثرة في الصراع الأهم في الشرق الأوسط – الذي أشرنا إليه في البداية، بين إسرائيل وحلفائها، وعلى الجانب الأخر، بين إيران وحزب الله وسوريا وحماس. والمحصلة المهمة هنا ستكون: إذا كانت الحلقة الأصغر في ذلك الحلف (حماس) قد استطاعت، بشكل مباشر وحدها، أن تحرز نجاحًا على حساب إسرائيل، فمن الممكن أن يستطيع الحلف بأكمله، في لحظة قادمة، أن يحرز ليس فقط نجاحًا ولكن نصرًا على إسرائيل. وهنا بالضبط مربط الفرس في فكرة تغير موازين القوى في المنطقة.

7 – ذلك التغير يؤدي إلى لحظة تمعن في الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي – وهذا مطلوب.. كما أنه يؤدي لحسابات جديدة للاعبين الكبار في الشرق الأوسط، سواء الولايات المتحدة أو روسيا.

طارق عثمان باحث ومترجم مصري، ينصب اهتمامه على الفلسفة المعاصرة والعلوم الاجتماعية، خاصة علم النفس.

– له عدد من الدراسات والترجمات العلمية المنشورة.

– من ترجماته “حاوي الثورة المصرية” لوالتر أرمبرست، و”ما هي الشريعة؟” لوائل حلاق.

ملحوظة عامة : الآراء الواردة في موقعنا تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقعي العلمي.

مقالات ذات الصلة:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE