المقالات العامة

شح الماء في المغرب الجزء الثاني

د. الحسـن اشباني

تشخيص الداء :

يواجه المغرب ندرة مائية متزايدة منذ عدة سنوات، بسبب مجموعة من العوامل مثل النمو السكاني، والتوسع الحضري السريع، والزراعة المكثفة، والجفاف المتكرر وتغير المناخ. تظهر الأرقام التالية أن ندرة المياه مشكلة رئيسية في المغرب، تؤثر على الزراعة والصناعة والأسر على حد سواء :

  • انخفض توافر المياه للفرد بنسبة 75٪ في العقود الأخيرة، من 3000 متر مكعب في عام 1960 إلى 743 مترًا مكعبًا في عام 2021.
  • زاد الطلب على المياه بنسبة 57٪ بين عامي 2001 و 2017 ، بينما انخفضت الموارد المائية بنسبة 35٪ خلال نفس الفترة.
  • أكثر من 82٪ من المياه الجوفية و 40٪ من المياه السطحية تتعرض للاستغلال المفرط.
  • كان جفاف عام 2021 هو الأشد منذ 40 عاما، وأثر بشكل خطير على الإنتاج الزراعي وإمدادات المياه الصالحة للشرب والحياة اليومية للمواطنين. وبحسب أرقام وزارة الفلاحة المغربية، انخفض الإنتاج الزراعي في البلاد بنسبة 39٪ في سنة 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه، و انخفض إنتاج الحبوب بنسبة 62٪ وإنتاج البقوليات بنسبة 52٪ والزيتون بنسبة 25٪.. كما كان أيضا مستوى المياه في سدود الدولة أقل من المتوسط ​​المسجل على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث بلغت سعة التخزين 7.5 مليار متر مكعب فقط في أبريل 2021، أي أقل بنسبة 40٪ من السعة القصوى للسدود. وعلى صعيد إنتاج الكهرباء، أشار المكتب الوطني للكهرباء ومياه الشرب إلى انخفاض إنتاج الكهرباء بنسبة 18٪ في فبراير 2021 مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض منسوب المياه في السدود.

الاجراءات لمكافحة الشح في المياه

  • استخدام المياه غير التقليدية: أقام المغرب عدة مشاريع لتحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب للمناطق الساحلية. بالإضافة إلى ذلك ، تشجع الحكومة استخدام المياه العادمة المعالجة للري الزراعي.
  • تعظيم الاستفادة من استخدام المياه: أطلقت الحكومة المغربية خطة وطنية للإدارة الفعالة للمياه، تهدف إلى تقليل الفاقد في شبكات الإمداد، وتحسين كفاءة الري الزراعي وتعزيز ممارسات إدارة المياه في مناحي الحياة.
  • تعزيز الزراعة المستدامة: تشجع الحكومة المغربية المزارعين على تبني ممارسات زراعية أكثر استدامة ، مثل الري المحلي (التنقيط)، مما يقلل من استهلاك المياه مع زيادة الإنتاج الزراعي.
  • رفع مستوى الوعي العام: أطلقت الحكومة المغربية عدة حملات توعية لتشجيع السكان على توفير المياه واعتماد سلوك مسؤول فيما يتعلق بإدارة المياه.
    وخلاصة القول إن ندرة المياه تشكل تحديا كبيرا للمغرب يؤثر على العديد من قطاعات الاقتصاد والحياة اليومية للمواطنين. لقد وضعت الحكومة المغربية عدة حلول للتعامل مع هذا الوضع ، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لضمان إدارة فعالة للمياه وتلبية احتياجات السكان.

استخدام المياه غير التقليدية (محطات تحلية مياه البحر):

حاليًا، يتم استثمار 39.3 مليار دولار في مشاريع تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هما البلدان الأكثر استثمارًا، نظرًا لمناخهما الجاف وموارد المياه المحدودة للغاية. يعمل البلدان على مشاريع بقيمة 14.58 مليار دولار و 10.28 مليار دولار على التوالي. بعد المملكة العربية السعودية الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر وسلطنة عمان هم المستثمرون الرئيسيون في مشاريع تحلية المياه الحالية والمستقبلية.

أما بالنسبة لبلدنا ، فإن إجمالي الاستثمارات تقدر بنحو 2.37 مليار دولار، لتحتل المرتبة السادسة أمام تونس (950 مليون دولار) والجزائر (210 مليون دولار) والكويت (130 مليون دولار). لذا فإن المغرب الآن رائد في شمال إفريقيا في هذا المجال. يدفعه الى ذلك اكثر آثار الجفاف الشديد الذي عطل الزراعة المغربية في السنوات الأخيرة والاستغلال المفرط للمياه الجوفية لزراعة محاصيل مثل الأفوكادو والبطيخ للتصدير و بالتالي مخاوف بشأن الأمن الغذائي وإمدادات المياه ومياه الشرب لأجيال وسنوات قادمة.

كجزء من هذه الإستراتيجية الجديدة، بناءً على إنشاء محطات تحلية المياه، تم اختيار ما مجموعه خمسة مشاريع رئيسية. وتغطي هذه المشاريع منطقة الدار البيضاء الكبرى ومنطقة أكادير والشرقية والصحراء من خلال محطتين في العيون والداخلة. وتجدر الإشارة إلى أن محطة الدار البيضاء هي بالتالي مشروعًا ذا أولوية وستبلغ طاقته الإنتاجية 548 ألف متر مكعب يوميًا ، أو 200 مليون متر مكعب سنويًا، بحسب تصريحات وزير التجهيز والمياه نزار بركة. فيما يتعلق بالمحطات العاملة بالفعل حاليا، نجد على وجه الخصوص محطة تحلية شتوكة آيت باها الواقعة في أكادير، والتي تعمل منذ يناير 2022. أما بالنسبة لمشروع العيون، فسيتم تمديد محطة التحلية التي تم تركيبها بالفعل لتغطية احتياجات مياه الشرب بشكل تدريجي، لجميع سكان العيون والمناطق المجاورة. دون أن ننسى محطة الداخلة، التي ستنتهي أعمال إنشائها في عام 2025. تبلغ طاقتها الإنتاجية من المياه المحلاة 90.000 إلى 100.000 متر مكعب في اليوم ، وستتضمن تكنولوجيا تحلية المياه عن طريق التناضح العكسي. وسينتج هذا الهيكل مياه الري لـ 5000 هكتار، وكذلك مياه الشرب لمدينة الداخلة ومحيطها. يوجد في بلدنا حاليًا ما يقرب من 11 محطة لتحلية المياه، بما في ذلك ثلاثة مخصصة للصناعة. وهي تقع في العيون وآسفي والجرف الأصفر. أما المحطات الأخرى فهي مخصصة بشكل أساسي لمياه الشرب. يخطط المغرب لما لا يقل عن عشرين محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030 بسعة مخطط لها تبلغ 1.3 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، مخصصة للاستخدامات المختلفة. وستخصص المياه التي تنتجها هذه المحطات لـ 53٪ لمياه الشرب و 23٪ للري و 24٪ لقطاع الصناعة. في الجزء الثالث، سنتناول المحطات العاملة و المبرمجة الى حدود 2030.

هل الاجراءات كفيلة بحلحلة نذرة المياه؟

على الرغم من أن المغرب قد اتخذ العديد من الإجراءات لمعالجة ندرة المياه، إلا أن هناك انتقادات بشأن فعالية واستدامة بعض هذه الإجراءات. نسرد فيما يلي بعض الانتقادات الأكثر شيوعًا:

  • التركيز على استخدام المياه غير التقليدية: على الرغم من أن تحلية مياه البحر تعد حلاً واعداً لتوفير مياه الشرب في المناطق الساحلية، إلا أنها مكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب معالجة مياه الصرف الصحي للري الزراعي مشاكل صحية عامة إذا لم يتم التقيد الصارم بمعايير المعالجة. وبالتالي، ينتقد بعض الخبراء التركيز على الاستخدام غير التقليدي للمياه بدلاً من الحفاظ على الموارد المائية الحالية وإدارتها بشكل مستدام.
  • نقص الاستثمار في البحث والتطوير: على الرغم من التحديات المتزايدة المتعلقة بندرة المياه، استثمر المغرب القليل نسبيًا في البحث والتطوير في مجال التقنيات المبتكرة لإدارة المياه. وبالتالي، هناك نقص في الابتكار في إدارة المياه، لا سيما في تنفيذ ممارسات زراعية أكثر استدامة وتحسين كفاءة الري.
  • معوقات مؤسسية: يعتقد بعض الخبراء أن المؤسسات المسؤولة عن إدارة المياه في المغرب مجزأة وتفتقر إلى التنسيق، مما قد يعيق التنفيذ الفعال للسياسات والخطط. بالإضافة إلى ذلك، فإن أنظمة تخصيص حقوق المياه ليست شفافة دائمًا، مما قد يؤدي إلى صراعات بين مستخدمي المياه ويعيق الإدارة المستدامة لموارد المياه.
  • عدم مشاركة المجتمع المدني: على الرغم من أن الحكومة المغربية أطلقت عدة حملات توعية لتشجيع السكان على توفير المياه، إلا أن هناك نقصًا في مشاركة المجتمع المدني في إدارة المياه. يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورًا رئيسيًا في زيادة الوعي العام بأهمية الإدارة المستدامة للمياه وفي مراقبة تنفيذ السياسات والخطط.

الجزء الثالث مخصص للمحطات العاملة و المبرمجة في المغرب العربي الى حدود 2030.

جميل للاطلاع :

ECE_MP_WAT_64_FR_Submitted for adoption_corrigem.pdf (unece.org

مقالات للكاتب ذات الصلة :

شح الماء في العالم والدول المغاربة. الجزء 1 + dr-achbani.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE