التكنلوجياالصحة

استخدام التعديل الوراثي لإنتاج بشر بخصائص جديدة؟ الجزء الثاني : نمادج

د. الحسـن اشباني

أمثلة التطبيقات التي يمكن تحقيقها باستخدام فهم التعديلات الجديدة في الجينوم البشري:

  •  الكشف عن العوامل الوراثية التي تساهم في خطر الإصابة بأمراض معينة، وهذا يمكن أن يساعد على الكشف المبكر والعلاج الفعال.
  • تحديد خطر انتقال الأمراض الوراثية إلى الأجيال اللاحقة وتحديد الخطط للوقاية من الإصابة بهذه الأمراض.
  • فهم تطور الإنسان والعمليات الوراثية التي أدت إلى التغييرات في الجينوم البشري على مدى السنوات الماضية.
  • تحسين التشخيص الجيني والكشف عن الأمراض الوراثية في المجتمع.
  • تحسين فهمنا لكيفية عمل الجينات والآليات الجينية المسؤولة عن الصحة والمرض.
  • تحسين التوقعات الصحية للفرد وتحديد العوامل الوراثية التي قد تؤثر على نمط حياته.
  • تحسين النظم الغذائية والطرق العلاجية والوقائية للأمراض.
  • تطوير المزيد من الأدوات والتقنيات لتحليل الجينوم البشري وفهمه بشكل أفضل.

بشكل عام، فإن فهم التعديلات الجديدة في الجينوم البشري، يمكن أن يساعد في تطوير العديد من التطبيقات الجديدة في مجال الجينوميات والطب الجيني.

ما هي المخاطر الأخلاقية والقانونية المحتملة لهذا الاستخدام؟

يعتبر التعديل الوراثي لإنتاج بشر بخصائص جديدة موضوعًا للجدل الأخلاقي والقانوني. نذكر من بينها:

ومن بين المخاطر القانونية و الاقتصادية المحتملة:

  • الاعتبارات الأخلاقية : تشمل المخاطر القانونية الأخلاقية المتعلقة بتعديل الجينات البشرية بطريقة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الأفراد والمجتمع بأسره، ومن ضمنها العنصرية الجينية وتزايد الفوارق الاجتماعية. هنا يتساءل الكثيرون عن ما إذا كان يجوز للإنسان التدخل في التكوين الوراثي الذي يحدد الشخصية والقدرات والميزات، وما هي الحدود التي يجب أن يتوقف عندها العلماء والأطباء في التعديل الوراثي للإنسان؟
  • المسائل المتعلقة بالمسؤولية: يمكن أن تتسبب التعديلات الوراثية في إنتاج أطفال يحملون سمات معينة، ويمكن أن تثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية للعلماء والأطباء والوالدين عندما يحدث ذلك.
  • التداعيات الاجتماعية والاقتصادية: يمكن أن تؤدي التعديلات الوراثية إلى تزايد الفوارق الاقتصادية بين الأفراد والدول، وتثير التساؤلات حول مدى قانونية هذه العمليات ومدى توفير العدالة الاجتماعية. كما يؤدي أيضا إلى تقسيم المجتمع بين “المحسنين” و “الغير محسنين”.
  • المسائل المتعلقة بالأمن القومي: يمكن أن تستخدم التعديلات الوراثية في أغراض عسكرية أو للتجسس، ومن الممكن أن تثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية للحكومات والعلماء الذين يستخدمون هذه التقنية في هذا السياق.
  • المسائل المتعلقة بالخصوصية: يمكن أن تثير التعديلات الوراثية تساؤلات حول حقوق الخصوصية للأفراد والحق في الحفاظ على سرية المعلومات الوراث
  • التأثير على التنوع الوراثي: يمكن أن يؤدي التعديل الوراثي للإنسان إلى تقليل التنوع الوراثي بين الأفراد، مما يمكن أن يؤثر على استقلالية الأفراد والنظام البيئي.

الامثلة المجالية الجارية

هناك بعض الأبحاث والتجارب التي تم إجراؤها في هذا المجال، والتي يمكن استخدامها كأمثلة:

  • علاج سرطان الدم: في دراسة أجريت في جامعة بنسلفانيا، تم استخدام تعديلات وراثية للخلايا الجذعية لعلاج مرضى سرطان الدم الذين لم يستجيبوا للعلاج التقليدي. تم تعديل الخلايا الجذعية لتحمل مستقبلات خاصة تسمى مستقبلات CAR-T، والتي تساعد الجهاز المناعي على الكشف عن الخلايا السرطانية وتدميرها. تمت الموافقة على هذا العلاج من قبل إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية (FDA) في عام 2017.
  • علاج الضعف الجنسي: في دراسة أخرى، قام باحثون في جامعة هارفارد بتعديل الجينات في خلايا الأعصاب في الفئران لإنتاج هرمون تستوستيرون بشكل طبيعي، وقد أدى هذا التعديل إلى زيادة الرغبة الجنسية والنشاط الجنسي عند الفئران. ومن الممكن أن يتم تطبيق هذه التقنية في المستقبل لعلاج الضعف الجنسي لدى البشر.
  • تعديلات جينية لمقاومة الأمراض: يمكن استخدام التعديلات الجينية لجعل البشر أكثر مقاومة للأمراض. في دراسة أجريت في جامعة ستانفورد، تم تعديل الجينات في الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول لجعلهم أقل عرضة للإصابة بمرض آخر يسمى متلازمة الأمعاء الليفية.
  • علاج الأمراض العقلية: يمكن استخدام التعديلات الجينية لعلاج بعض الأمراض العقلية. في دراسة أجريت في جامعة تشاينا ميديكال بالصين، تم تعديل الجينات في الفئران للحد من تطور مرض الزهايمر. تم إدخال جين يعمل على تقليل إنتاج بروتين أميلويد بيتا، والذي يتراكم في المخ ويسبب تلفاً عصبياً. أدى هذا التعديل الجيني إلى تقليل تراكم البروتين في المخ وتحسين الأداء العصبي للفئران المعدلة وراثيًا.

حكاية العالم الصيني “جيانكوي هي” مع التوامين

في عام 2018، أعلن العالم الصيني “جيانكوي هي” من مدينة شنجن بمقاطعة غواندونغ، أنه استخدم تقنية التعديل الجيني CRISPR-Cas9 لتعديل الجينات لدى توأمين سماهما لولو ونانا في محاولة لتحسين مقاومتهما لفيروس نقص المناعة البشرية (HIV). وقد تم تعديل الحامض النووي “دي أن إيه” للطفلتين بينما كانتا في المرحلة الجنينية المبكرة/ وقد أثار هذا الإعلان جدلاً كبيرًا في الأوساط العلمية والأخلاقية والقانونية على مستوى العالم.

حيث أن هذا الإجراء تم دون إخطار أو موافقة الجهات الرسمية ودون أي نقاش أخلاقي أو قانوني، وهو ما أدى إلى اعتبار هذا الإجراء غير أخلاقي وقانوني. كما أن التقنية المستخدمة لم تكن مكتملة النضج وقد تسببت في تغييرات غير مقصودة في الجينات الأخرى.

بعد هذا الحدث، قامت الصين بإصدار قوانين صارمة لتنظيم استخدام تقنيات التعديل الجيني للبشر، وفرضت عقوبات على من يخالف هذه القوانين. وتم اتخاذ خطوات لتعزيز النقاش الأخلاقي والقانوني حول استخدام هذه التقنيات.

وقد فُرضت غرامة على جيانكوي، و قد حكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام وفُرضت غرامة علىه في 2019. ولم يملك أحد، غير جيانكوي، إمكانية الوصول إلى التوأم. لكنه قال في اجتماع علمي حديث إنهما بصحة جيدة. ولدى إطلاق سراحه، بدأ يخطط لتأسيس عيادة طبية في هونغ كونغ لإجراء بحوث باستخدام التعديل الوراثي من أجل تطوير علاج للأطفال الذين يعانون من اضطراب عضلي وراثي نادر يدعى “الحثل العضلي الدوشيني”. ولكن سرعان ما اكتشف مسؤولو الهجرة عن سجله الجنائي وقاموا بالغاء تأشيرته لدخول هونغ كونغ.

وتعمل القوانين الجديدة على إغلاق الثغرات التي مكنت جيانكوي من التملص من الأنظمة، التي كانت تنطبق في السابق فقط على التجارب التي تجرى على البشر في المستشفيات، من أجل تجربة الأدوية على سبيل المثال. و الآن تشمل الأنظمة واللوائح المحدثة كافة المؤسسات البحثية وكل شيء له علاقة بالبشر، بما في الاشتغال بالأنسجة والأعضاء والخلايا الجنينية.

وتساءل الكثير من العلماء كيف يمكن السماح للدكتور جيانكوي بالعودة إلى البحوث السريرية بعد السجن. كما تساءل آخرون حول ما إذا كان هناك فرد أو مؤسسة في الصين تدعم أو تحمي جيانكوي؟.

وهل هناك علماء اخرون تجرؤو كما فعل العالم الصيني؟ لا يعتبر العالم الصيني جيانكوي هي الوحيد الذي تجرأ على استخدام التعديل الجيني في البشر، ولكن هذا لا يعني أنهم قاموا بتجربة مشابهة لتجربة “هي”. في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلن باحث في جامعة هارفارد العام الماضي 2022 أنه يعمل على تطوير تقنية تسمح للأطباء بتعديل الجينات الجنينية للوقاية من الأمراض الموروثة. ولكن هذه الأبحاث لا تزال في مراحل مبكرة ولم تتم الموافقة عليها من قبل الجهات الرسمية، ويتعين على العلماء الالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية المناسبة.

على أية حال، فإن استخدام التعديل الجيني في البشر يثير قضايا أخلاقية وقانونية هامة، ويتطلب نقاشا واسعا وتفكيرا دقيقا حول آثاره الاجتماعية والثقافية والبيئية.

لذلك، يجب أن يتم التفكير بشكل جيد ووضع القوانين والأنظمة اللازمة لتنظيم استخدام هذه التقنيات في المستقبل، مع الحفاظ على الأخلاق والمبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان والاحترام الكامل للكيان البشري وكرامته. وهنا من الواجب من علماء الامة ابداء آرائهم ويشاركوا في هذا المجال الحيوي و الخطير.

المقال ذات الصلة :

استخدام التعديل الوراثي لإنتاج بشر بخصائص جديدة؟ الجزء الاول – dr-achbani.com

الكائنات المعدلة وراثيًا لا مفر منها من اجل الامن الغدائي العالمي؟ (dr-achbani.com)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE