ملاحظاتي حول خطب الجمعة وكيف يمكن الارتقاء بها الى ما ينفع الانسان ؟ الجزء 2


1- احداث ثلاث معبرة عن حال خطبنا و خطبائنا
ثلاث احداث اسوقها في هذا الجزء الثاني لكونها تلخص بشكل عام ملاحظاتنا حول الخطب الجمعة في بلدنا و في اغلب الدول العربية. اما غيرها فالامر مختلف.
الحدث الاول : ذكر لي مسؤول كبير في احدى ادارات البحث العلمي انه يوما سافر في مهمة الى احدى القرى المغربية و كان اليوم يوم الجمعة، وفي طريقه، وقعت عيناه على مسجد بمئذنة تبدو كبيرة عن بعد، فقرر ان يلتحق به لاداء صلاة الجمعة. ذكر لي انه طيلة الخطبة لم يفهم اي شيء في حديث الخطيب، لانه كان يتحدث عن اوضاع و وقائع و امور لم تعد في زماننا هذا. “فاستغربت من محتوى يصف اقواما غير قومنا و عادات حدثنا بها التاريخ لاقوام عاشوا على هذه الارض في ازمنة بعيدة… ولكن سرعان ما انكشف الامر و حل اللغز حين كان الخطيب في اخر الخطبة يدعوا لسلطان ذلك الزمان. انذاك فهمت ان الخطيب قرا علينا خطبة نقلها حرفيا من كتاب خطب لفترة زمنية بعيدة.” انتهى كلامه.
الحدث الثاني: في احدى القرى المغربية، اضطر أمام وخطيب المسجد ان يسافر الى مكان بعيد، فاختار احد الشباب المثقف وربما درس علوم الدين دراسة وافية، وكلفه ان ينوب عنه في خطبة الجمعة لمدة قد تتجاوز شهرا واحدا، فلبى الشاب الطلب بلا تردد. واختار لموضوع الخطبة احوال الناس في مجتمع القرية ومحيطها، و قام بتشخيص عميق لاحوالها واسبابها التي لم تكن الا بعد الناس وفهمهم الخاطىء للاسلام، و ارفقها بحلول واقعية. وكان يتكلم بنبرة عالية و حرقة لما آلت اليه احوال القرية. وانبهر الناس بهذا الخطيب الشاب وخطبته التي لامست وبكل دقة وجدانهم وتناقضاتهم مع تعاليم الدين الاسلامي الذي يظنون انهم يدينون به. المسجد عادة لا يمتلىء عن اخره. وانتهت صلاة الجمعة… وذاع معها صيت هذا الشاب وهذه الخطبة التي ابهرت الجميع و انتشر الخبر كالنار في الهشيم في القرى القريبة و البعيدة. وفي الخطبة القادمة، حج الى مسجد القرية حشد كبير من الناس لحضور خطبة هذا الشاب، وامتلا المسجد عن اخره وكذا جنباته الخارجية الاربعة. واستغرب الجميع لان الخطيب اعاد نفس الخطبة السابقة، وانقسم الجمع، فمنهم من عزى هذا الامر لخطا غير مقصود ومنهم من شك في كفاءة الشاب. و في الجمعة الثالثة و الرابعة، تكرر نفس الامر امام الحشد الذي ظل كما هو عظيما. وهنا انتفض الحشد ضد هذا السلوك الغريب، ظانين ان الفقيه الشاب استخف بعقولهم.. وجاء رد الامام الخطيب الشاب مذهلا بل شافيا : “مالفائدة في الخطبة اذا لم تستوعبوا محتواها وتغير حالكم الى حال يدعوكم اليه ربكم، ما الفائدة في تجديد الخطبة بمحتوى آخر يتحدث عن قضايا اخرى وانا لم المس منكم اي تفاعل ايجابي و تغيير في احوالكم. يا مسلمون، ما زال الغش و النفاق و النميمة و الانانية و حب النفس اللوامة و اكل اموال الناس بالباطل وووو .. بينكم!! ” ثم ذكرهم بحديث رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت الكلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت ب“. ( رواه البخاري ، كتاب العلم ، باب فضل من علم وعلم 1/175 ، ومسلم كتاب الفضائل ، باب بيان مثل ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، في 4/787 برقم 2282). ثم انهى رده قائلا : “كررت الخطبةمرارا و ساستمر على هذا المنحى حتى اراكم انتقلتم من الفئة الثالثة المذمومة كما جاء على لسان نبينا الى الفئة الثانية التي انتفعت في نفسها، و لم لا، اراكم في الفئة الاولى الفائزة وهي أفضل الناس لأنهم انتفعوا في أنفسهم ونفعوا غيرهم, وهنا ساكون اسعد الناس“. بعدها، أطرق الجميع كأن على رؤوسهم الطير…
الحدث الثالث : استقبلت مرة باحثا من جامعة فرنسية يربطني به مشروع بحثي و تنموي يجمع بين مؤسساتنا نحن الاثنين، ودار بيننا في جلسة حبية نقاش احدثه فيه وببراءة تامة عن الاسلام و قيمته الاضافية لهذا العالم وأنه كان في عهد نهضته كذا وكذا واسترسلت في عد العلماء المشهورين منهم في علوم الرياضيات و الفيزياء و الطب و الفلك والادب و الاجتماع و الفلسفة…. لم يقاطعني اثناء الكلام بل كان يستمع الي بارتياح تام كما يبدوا لي، بل لاحظت فيه اتقانه لمهارة الاستماع. فلها انهيت كلامي، نظر الي بنظرة اشفاق كما احسست ساعتها، وقال كلاما مختصرا مازال يرن في اذناي كلما تذكرته او تذكرت من في حالي يدعوا الاخرين الى الاسلام : “ياصديقي يا حسن، حين سارى بلدكم احسن من بلدي فرنسا الان، ساسنمع اليك اكثر وفي الغالب ساصطف في صفك. الحال غير ذلك يا حسن”. ثم اردف قائلا : “الا تتذكر اول يوم مهمتي بالمغرب حيث تجولنا معا في مكناس و في “الحمرية” بالذات، حيث شاهدت كل مقاهي المدينة مكتضة بالناس و تساءلت يومها : هل اليوم يوم عطلة في المغرب؟ الم ترى ردي حين كان جوابك : لا. قلت : نعم، لقد استغربت و فهمت المقصد. و الان ايضا ربما فهمت“. ثم غير الموضوع لنتحدث عما ستقوم به من اعمال بحثيىة طالبتي في سلك الدكتوراة أثناء تدريبها المقبل بجامعة ليون 1 بفرنسا, و فهمت ايضا مقصده في التغيير المفاجيء للموضوع… “الوقت ثمين ويجب استثماره يا حسن…” كان زميلا صادقا و محبا للعرب… وقد انجزنا معا مع طالبتنا المجتهدة مقالات علمية جد معتبرة و عالية الصيت.
اترككم لأخد العبارات و العضات من الأحداث الثلاثة التي ذكرت و في جعبتي المئات منها، فقط الوقت لا يسمح.
2- ثمان و اربعون خطبة في السنة و النتيجة سلبية!!
حضرت 48 خطبة خلال هذه السنة بالتمام و الكمال، و خصصت لكل واحدة منها في الاعداد لها و حضورها على الاقل ساعتين وزيادة اي لنقل 100 ساعة في السنة… و النتيجة تحت الصفر، لانني اخرح منها ميؤوسا، حزينا. في هذا الشهر وحده صليت جمعتين في اكادير و اخريتين بمكناس المغرب و ثلات بتركيا. في اكادير ومكناس حدثونا عن مكة و المدينة وقصة نبينا ابراهيم و ابنه اسماعيل و عن عرفة (فلا بأس للتذكير بها، لا ان تكون المادة الرئيسية و الوحيدة)، في وقت اسعار المواد الغدائية و الخضر تشهد اثمنة صاروخية و خيالية مستمرة، يشتكي منها الجميع (احد الاصدقاء اسر لي انه أدار ظهره للخضر واكتفى واسرته بتناول المعجنات) و لا اي اشارة لذلك… و في وقت يشهد بلد عربي حربا ضروسا يتقاتل فيها الاخوة باسلحة الشعب حيث حصدت الاف الضحايا من الشعب و هجرت الالاف منه، و لا حديث و لا اشارة عن هذا المصاب الجلل السوداني -أمر غريب حقا- (فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “مَنْ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَا يُصْبِحُ وَيُمْسِي نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِإِمَامِهِ وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» أخرجه الطبراني في “المعجم الصغير” أما معنى «فَلَيْسَ مِنْهُمْ”. بمعنى واضح بغض النظر عن ضعف الحديث عند البعض، فالذي لا يهتم بأمر المسلمين اهتمامًا كبيرًا ولا يبحث في أحوالهم، أو ينصحهم فليس أهلًا لأن يكون من المؤمنين الذين كمُلَ إيمانُهُم). اضف الى ذلك القضية الفلسطينية و ما يتعرض لها اهلنا من ظلم صهيوني فاحش امام مرأى و مشهد العالم المتوحش الذي لا يحكمه الا قانون الغاب و لا حديث ولا مواساة (لا اعمم طبعا). دون نسيان قضايا المسلمين في 6 دول رئيسية يتعرضون فيها للاضطهاد، بورما والصين وأوزبكستان وأفريقيا الوسطى وطاجاكستان وتايلاند. و في تركيا العلمانية، فالامر مختلف تماما, فالخطبة قصيرة و شاملة ومفيدة وقضايا الامة حاضرة. فالخطب، التي لا تعتمد استراتيجية محكمة ورؤية واضحة يتمخض عنها برنامج متكامل يعمل على تحقيق أهداف معينة محددة بدقة تخدم قضايانا القطرية و العالمية، ويؤسس لإنسان قوي جسديا و عقليا و علميا و اجتماعيا و سياسيا و عادلا، فلا يمكن الا ان تنتج ما نحن عليه من تخلف في كل الاصعدة. بل و المخيف جدا انها تساهم في انتاج جيل منفصل تماما عن الاخلاق السامية، جيل همه الوحيد الحصول على المال باي شكل من الاشكال بلا اي وازع ديني و لا وطني ولا انساني. تجولت مرات كثيرة في بلدية اسنيورت الجميلة والتي يتجاوز عدد العرب او غير الاتراك 25 بالمائة من الساكنة، وفيه كثير من الشباب المغاربة. صدقوني انه كلما سمعت كلاما فاحشا استحيي من ذكره، الا وجدت مصدره أت من واحد من بني جلدتي من وطني الغالي المغرب!! اي صورة يرسل هولاء للشعب التركي الذي فتح له الباب على مضراعيه بلا فيزا (المفروضة بشكل مستفز من أطراف اوروبية على مواطنينا). كيف يمكن ان نقول بعدذلك ان الاتراك عنصريون؟ انا لا ولن اتحمل العيش مع هولاء الذي دخلوا كرها (صحيح بعدما رفضهم قومهم كما اسر لي واحد منهم ونحن في الطائرة : “انني اخرج من البلد هربا من ظلمه لي و كان طيلة الرحلة يستمع للقران”) هذه البلاد و كيف بالمواطنين الاصليين؟. ذكر هذه الامور لم يأت عبثا بل انه في صلب الموضوع و له صله جد وثيقة بمؤسسة الخطيب الى جانب كل الموسسات و الدوائر الاخرى المسؤولة عن التربية و التعليم و الاخلاق (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. صلاح أمرك للأخلاق مرجعه…فقوم النفس بالأخلاق تستقم.. إذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتما وعويلا كما قال واصاب الشاعر أحمد شوقي). الست الأخلاق عنوان الشعوب، و أساس كل حضارة راقية ؛ لأنها دائماً تغير بتفان الواقع الحالي إلى الأفضل منه و باستمرار، و الرقي بالأخلاق رسالة الأنبياء من آدم حتى النبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم ؛ اليس هو القائل : “ إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “. فمن مسؤولية الخطباء اتمام مكارم الاخلاق.

انا ادعو الى خطاب قوي ومسؤول ومتوازن، لا ابدا الى خطاب متشدد ومتهور
الحسن اشباني
3- فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه.
كأننا نكرر القسم الاولي في مدرسة افتراضية تسمح بذلك الى الابد.. أزمة :

- حين ترى ان امام بوابات مساجدنا مازالت مليئة باحذية المصلين بشكل عشوائي تعيق بكل المقاييس دخولك الى المسجد، واذا دخلته ستكون رجلاك قد امتلأت اوساخا تلوث بها كرها فضاءات المسجد، فاعلم ان ذاك الخطيب لا يليق بتلك المهمة. فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه.
- حين تلاحظ اناسا يشغلون وظائف معينة او خواص مشهود لهم بالمكر و الخديعة و النفاق و الرشوة و التحايل على الناس، واكلهم اموال الناس بالباطل -وما اكثرهم، حتى الموظف “الصغير” لم يسلم من هذه الآفات. فاعلم ان ذلك الخطيب غير موثر ولا يليق له الاستمرار حتى في مخاطبة الاخرين. لان الاخرين ربما كان اخلاصهم لمبادىء دينهم اكتسبوه في غير هذا الفضاء. فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه.
- واذا رايت الناس على اختلاف مشاربهم الاجتماعية يدخلون المسجد بلباس رثة غير نظيفة (اقصد ان يكون اللباس نظيفا فقط غير متسخ ولا تهم جودته) او بقبعات كلها مثبتة في الرأس بشكل لا يحفظ للمسجد هيبته و قدسيته. فهذا الخطيب الذي يشاهد امامه اكثر من اي احد آخر هذه المظاهر ولا ينبه بها باستمرار حتى تغيب نهائيا عن المسجد، فهذا لا يليق له تحمل مسؤولية ترشيد الناس وتصحيح الاعوجاجات المطروحة. (لو استدعي هؤلاء من طرف مسؤول لكان الامر مختلفا في الهيئة التي بها سيلبون الدعوة… المسؤول ذاته سيرفض لقاء من يراه لا يحترم مكانته). فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه.
- واذا رايت مسجدا يتسابق فيه الناس الى ركنيات جانبية للنوم فيها وخصوصا اثناء الخطبة، وما اكثر هذه المشاهد في مساجدنا، فلا تنتظر خيرا واحسانا من الخطيب، فاولى له ترك هذه الامانة وهي عظيمة لمن يستحقها. فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه.
- اذا رأيت الخطيب مرجعه هو كتاب حررت فيه الخطب الجمعة حسب المناسبات الدينية و الوطنية و مرفقاتها، يخاطب بها الناس تباعا كمادة أساسية دون شد الانتباه و التركيز على هموم الناس اليومية و قضاياهم و ظواهر شادة مستمرة (ظاهرة المقاهي، الكلام الفاحش، الرشوة، الزبونية، حب الدنيا و كراهية الموت، الزنا، العلاقات الرضائية والمثلية…) ما أنزل الله بها من سلطان، تسربت و تتسرب باستمرار الى مجتعهم و استعمال الترغيب و الترهيب تجاه من هم مصدر همومهم و مشاكلهم و التشهير بأنماط العيش الغريبة عنهم، كائن من كائن، و ان لا يخاف في الله لومة لائم. فمن كان هكذا حاله، فلينسحب بشرف فذاك احسن له عند ربه. فحتى الحاكم المخلص لدينه و لشعبه لا يحب مثل هولاء الخطباء و لا المستمعين اليهم، لان البلد بهم سينهار عاجلا غير اجل.
- و اذا … القائمة طويلة لا تنتهي… اما الخطباء الذين لا يمكن فرز الكلمات المنطوقة أثناء الالقاء حتى، فلا يشملهم ولا يعنيهم هذا المقال. كما اريد ان انوه بانني لا اعمم، فبلدنا به خطباء ممارسون لهذا العمل في المستوى العالي ولكنهم قلة. و يزحر البلد باطر عليا لا يستفاد من علمها الوافر من اجل التأطير و الترشيد و التوعية و المواكبة المستمرة من اجل انسان كما اراده خالقنا.
4- الحل هو انشاء هيئة خاصة بالخطباء
أعتقد اعتقادا راسخا أنه يجب ان تكون للائمة والخطباء هيئة يقرها الدستور مستقلة عن الدوائر الحكومية لكي تقوم بكل حرية وفق القواعد الاسلامية السليمة بترشيد و تاطير الناس بلا اي تدخل آخر يملي عليهم خطه الارشادي و التاطيري او يجعلهم كالببغاوات يتلون على المصلين خطب المناسبات المهيئة مسبقا، كأن الخطيب امي غير ملم بالشان الوطني والديني و الاجتماعي، هيئة تصون كرامتهم و لا يلجها الا العلماء الربانيون الكبار بعد اجتياز مبارة الكفاءة خاصةو امنة يتقاضون مقابل ذلك رواتب عالية. هذه الهيئة يجب ان تكون في مستوى على الاقل نظريا هيئات اخرى مثل الاطباء و المهندسون المعماريون و القضاة و المحامون و هيئات وظيفية اخرى تعج بها البلاد. لان بالنسبة لي توعية الناس و ترشيدهم و تاطيرهم ليكونوا عبادا صالحين و مواطنين مخلصين هو اولى الاولويات لبلد يحترم نفسه و شعبه و يعمل جاهدا من اجل كرامتهما.
د. الحسن اشباني، مدير البحث سابقا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالمغرب و صحفي مهني علمي
مقالات ذات الصلة :
النقد البناء لاداء و محتوى خطب الجمعة ال-dr-achbani.com
https://dr-achbani.com/من-سليمان-شاهي-الدين/
***********************************************************
ملحق : ماذا سنجني حين يكون النقد المحترم امرا محمودا في مجتمعاتنا؟
ان السماح للنقد المحترم والبناء لخطب الجمعة ان يكون امرا عاديا هو الاصل في الاسلام. فنبينا صلى الل عليه و سلم قال : ( الدين النصيحة ثلاثا , قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ) ويكفي دلالة على أهميته أن جعل الدين هو النصيحة، كما جعل الحج هو عرفة ، إشارةً إلى عظم مكانها وعلو شأنها. فبوجودها يبقى الدين قائما في الأمة, وبعدمها تضعفالأمة في جميع شؤون حياتها كما هو حالنا اليوم. يمكن اذن للنصيحة تعزيز جودة محتوى خطبة الجمعة وتحقيق الأهداف المرجوة منها. ومن أهم الفوائد لنقد محتوى خطبة الجمعة:
- تحسين جودة الخطاب: يعمل النقد المحترم على تحسين جودة المحتوى المقدم في الخطبة، سواءً فيما يتعلق بالمعلومات الصحيحة والدقيقة أو فيما يتعلق بالأسلوب والتوصيل. يمكن للنقاد أن يساهموا في تحديد النقاط القوية والضعف وتقديم توصيات لتحسين المحتوى. واذا لا يستطيع الخطيب اسيعابها و التعامل معها ايجابيا، يجب و ببساطة ترك المنبر لغيره اذا كان فعلا يومن بالله و اليوم الاخر.
- تعزيز التوعية والتثقيف: من خلال النقد المحترم، يمكن رفع مستوى التوعية والتثقيف لدى الخطباء والجمهور. يمكن للنقاد تسليط الضوء على قضايا هامة وتوجيه انتباه الجماهير إليها، وبالتالي يساهمون في نشر المعرفة والوعي بقضايا الدين والمجتمع.
- تعزيز التواصل والتفاعل: يمكن للنقد المحترم أن يفتح باباً للحوار والتفاعل بين الخطباء والجمهور. من خلال تقديم التوجيهات والتوصيات، يتم تشجيع الخطباء على استيعاب رؤيتهم وآراء الجمهور، مما يعزز التواصل البناء والتلاحم في المجتمع الديني.
- تطوير المهارات والمعرفة: يساهم النقد المحترم في تطوير مهارات الخطباء وتحسين أدائهم من خلال التوجيهات والتحفيز. كما يعزز النقد المستمر المعرفة والاستيعاب العميق للموضوعات الدينية والأخلاقية المطروحة في الخطبة.
أدوات النقد المستخدمة في تحليل خطبة الجمعة تشمل:
- التحليل اللغوي والنحوي: يتضمن فحص الخطاب من حيث القواعد اللغوية والنحوية المستخدمة، مثل النحو والصرف والبلاغة، لتقييم السلامة اللغوية والأسلوبية للخطاب.
- تقييم المحتوى العقلي والأدلة المقدمة: يتضمن تحليل الأفكار المطروحة في الخطاب وتقييمها من حيث المنطقية والتماسك والاتساق. يتم تقييم جودة الأدلة والبراهين المستخدمة لدعم الأفكار المطروحة.
- تقييم المحتوى الشرعي والتوافق مع القرآن والسنة النبوية: يتضمن تحليل محتوى الخطاب وتقييمه بناءً على الأصول الشرعية والتوجيهات الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية. يتم التحقق من مدى توافق الخطاب مع الأحكام الشرعية والقيم الإسلامية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك توجيهات أخرى لتحسين محتوى خطبة الجمعة تشمل:
- تطوير برامج تدريب الخطباء وتأهيلهم: يتم توفير برامج تدريبية تهدف إلى تطوير مهارات الخطباء في تحليل وتقييم محتوى الخطبة وتحسين أساليب الإلقاء والتواصل الفعال.
- تشجيع البحث والدراسات الأكاديمية في مجال خطبة الجمعة: يتم تشجيع الدراسات العلمية والبحوث المتعلقة بخطبة الجمعة، حيث يمكن أن تساهم هذه الدراسات في تطوير المنهجيات والأدوات المستخدمة في تحليل وتقييم الخطاب الديني.
- تعزيز التواصل مع المجتمع واستيعاب احتياجاته المعرفية والاجتماعية: يتضمن تعزيز التواصل المستمر مع المجتمع وفهم احتياجاته وتطلعاته. يمكن أن يتم ذلك من خلال استطلاعات الرأي والمشاركة الفعالة في النقاشات المجتمعية. هذا يساعد في توجيه الخطباء لاختيار المواضيع والأساليب التي تلبي احتياجات المجتمع وتعزز التفاعل مع الخطبة
- توفير آليات رصد وتقييم: يتعلق ذلك بإنشاء آليات فعالة لرصد وتقييم محتوى الخطبة الجمعة. يمكن استخدام استطلاعات الرأي والتقييمات الخاصة بالجمهور لتقييم جودة وتأثير الخطبة. يساعد ذلك في تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتعزيز جودة المحتوى الخطابي.
- التفاعل والاستجابة: يعتبر التفاعل المستمر مع الجمهور واستجابة الملاحظات والاقتراحات من أهم العناصر لتحسين محتوى خطبة الجمعة. يمكن توفير وسائل للتواصل مع الجمهور، مثل جلسات الحوار وورش العمل، لتلقي الملاحظات وتحديد المجالات التي يحتاج الجمهور إلى تركيزها وتطويرها.
باختصار، يتطلب تحسين محتوى خطبة الجمعة توفير أدوات النقد المناسبة وتشجيع البحث والتدريب وتعزيز التواصل مع المجتمع. هذه الأدوات والتوجيهات تساهم في تحسين جودة الخطبة وتحقيق الأهداف المرجوة منها في توجيه وتوعية المسلمين. و بصفة عامة، يتم استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات والتقنيات في نقد محتوى خطبة الجمعة. ومن بين هذه الأدوات:
- الملاحظة والتحليل الشخصي: يشمل ذلك مشاهدة واستماع الخطبة وتحليل محتواها وأسلوبها من قبل الفرد بناءً على خبرته ومعرفته الشخصية.
- المناقشة الجماعية: يتم استخدام النقاش الجماعي لتبادل الآراء والانطباعات بين المسلمين بعد سماع الخطبة. يتم فيه تبادل وجهات النظر والتعليقات وتقديم التوصيات.
- الدراسات الأكاديمية: يتم استخدام الدراسات الأكاديمية والأبحاث المعمقة في تحليل ونقد محتوى الخطبة. هذه الدراسات تعتمد على المنهجيات العلمية والتحليلية لفهم وتقييم الخطاب الديني.
- وسائل الاتصال الحديثة: تسهم وسائل الاتصال الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي في تسهيل نقد محتوى الخطبة. يمكن للمسلمين تبادل آرائهم وتعليقاتهم عبر هذه الوسائل، وهذا يوفر فرصة للنقاش والتواصل المستمر.
- اللجان والمؤسسات الرسمية: تشكل اللجان والمؤسسات الرسمية داخل المجتمع الإسلامي هيئات تقوم بتقييم ونقد محتوى الخطبة. تعتمد هذه الهيئات على خبرات ومعرفة خبراء الدين والفقه واللغة والأدب.