المنبر الحر

مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح -15- و -16-

ذ. ابراهيم أعبيدي

 – 15 –

مرآة لإصلاح الحال.(84)..

أكادير في 20 دجنبر 2022

نعم، إن الذين أصبح يتمَلَّكهم على مستوى الأذهان، مفهومٌ للإصلاح مبرمج على الرفض والاستكبار، مترع بالحماقة، متمرد متعالٍ، يقوم على القعود للتفرج خارج الميدان، والتطهر من تحمُّل أي مسؤولية في المشاركة في الجهد العام، والتربص لاستغلال أية فرصة لإمطار كل عترة للمصلحين الكبار، بسيل من التشنيع ووابل من الاستنكار. مع الترقب والانتظار، والتأهب للقيام بالتصفيق لكل ومضة جزئية شكلية، تداعب ما في نفوسهم الكسولة، من أضغاث أحلام، والمسارعة إلى مداعبة تمنيهم المشبع بلعاب التعطش إلى رؤية إظهار الخوارق على يد الأفراد مهما كانوا من الصغار؛ كما يفعل بطل من أبطال أساطير أيام زمان، التي كانت جداتنا يحكينها للصبيان، وقد غلب منهم الكرى الأجفان؛ أولئك لا يمكنهم، بأية حال، أن يروا ما وراء أيِّ إنجاز في ميدان الإصلاح، من جهد منسق مبني على ترتيبات الأسباب في الزمان. ‏لذلك فلن يدرك أمثال هؤلاء مهما اجتهدت لهم في البيان، أن وراء ما تحقق في ملتقى الشعوب حول فرجة الكرة التي تلعب بالأقدام، يوجد إصلاح يمثل انبعاث دولة تنشد تحقيق التفوق، بعد أن تمكنت، كعفريت القمقم، من الخروج من عنق الزجاجة بنصر من الله، وجهد ومدافعة في نبوغ عبقري وإحسان، وجهاد أكبر على مستوى كل ميدان في مواجهة ثالوث شح الموارد والتطبيع مع الفساد وتكالب العدوان، بالحكمة والاصطبار، عُمِّر أكثر من نصف قرن من الزمان. ‏تلك القارورة التي حاولوا أن يحبسوا فيها مغربا أسدا- وُلِد ليعيش عملاقا، لما بارك الله أرضه وأهله بما ألقى في قلوبهم من محبة خدمة القرآن- وذلك باحتلال بوابتيه إلى أوروبا في الشمال مع جزره الأطلسية لقطع تمدده في محيط بحر الظلام، من طرف ورثة بابوية ايزابلا القشتال، ومحاولة قطعِ طريق بوابته إلى عمقه في أفريقيا السودان، وتضييقٍ مِن طرف مَن ابتلاه الله به مِن جار سوء، لم يعرف التاريخ لحمقه مثيل إلا في قصص خيال الأطفال. قد اقتطع الاستعمارُ لصالحه ثلثي أرضه، ليزيد التضييق عليه ويشدد الحصار، ويُحرَم من بوابته البرية المتصلة إلى ما لَه في المَشرق من إخوان، حيث يوجد مكان مهبط وحي الإسلام، ومسرى ومدفن الرسول الحبيب المختار، التي لا تنفك تهفو إليها أفئدة المغاربة على الدوام، ولا تشبع من زيارتها ولو تعددت بالتكرار؟!

نعم، إن الذين أصبح يتمَلَّكهم على مستوى الأذهان، مفهومٌ للإصلاح مبرمج على الرفض والاستكبار، مترع بالحماقة، متمرد متعالٍ، يقوم على القعود للتفرج خارج الميدان، والتطهر من تحمُّل أي مسؤولية في المشاركة في الجهد العام، والتربص لاستغلال أية فرصة لإمطار كل عترة للمصلحين الكبار، بسيل من التشنيع ووابل من الاستنكار.

 – 16 –

مرآة لإصلاح الحال.(85)..

أكادير في 20 دجنبر 2022.

‏ وإني، إذ أتقدم بجميل الاعتذار للأخوات والإخوان، إن كنت في الكتابة، قد جنح بي الأُنْمُلُ في استعمال الأزرار، فاستطردت بالكلام، حتى امتد وطال، عن مثالٍ حول ما يعتري مفهوم الإصلاح من اختلال، يُمَكِّن، بيننا، لغربان العرقلة والبخس والتطيُّر والإفشال؛ فإني أرى أن علَيَّ مِن مُؤَكَّد اللزام، أن أُجَلّي بعضَ ما هنالك مِن اتصال بين اعتماد شيء أو حيوان كرمز أو شعار، وبين مفهوم الإصلاح بشكل عام. فقد تعلمنا من هدي الرسول عليه السلام، اعتماد التشبيه ببعض ما خلق الله، فيما يتضمن مِن سماتٍ سامية أو معانٍ. فقد شبّه، المؤمنَ بالنحلة التي تنتقي أطايب الأزهار، كما شبهه بالنخلة باعتبار ثبوت النفع في كل ما فيها على الدوام، فلا يُهْجَر منها جزء مَهْما خَشُن أو هان. كما تَسمّى خالد بن الوليد بسيف الله، وكذا كلٌّ مِن حمزةَ و أبي قتادة، بأسد الله، عليهم من الله الرضوانُ.

وإنما كان ذلك، لِما فيه مِن إجلال لهم وإكبار، واعتراف بما قدموا من صالح الأعمال، فضلا عما فيه كرمز وشعار، من استحضار ما في المشبَّه به مِن خصال أو سِماتٍ حِسان، تساعد على تقويم وإصلاح الحال، بالسعي باستمرار، إلى تَبَوُّء ما يرمز إليه ذلك الرمز مِن مكانة ومقام. ولا شك أن التسمي بالأُسُود من طرف فريق المغاربة في المباريات الدولية الخاصة بالأبطال، لا يخرج عن هذا الإطار. لكن ذلك ليس في منأى عما للدولة مِن رمزٍ وشعار. فمن المعلوم أن واجهة شعار المملكة الشريفة يحتلها أسدان متأهبان ومتضامنان، هما لذلك الدرعِ، دعمتان. وفي أرضيته ترتسم شمس النهوض المشرقة وإشعاع مملكة، و شُمُّ جبالُ الأطلس التي ينتسب إليها ذانك الأسَدان.

أما قاعدة درع الشعار، فتتكون من لافتة كُتِبت عليه آية كريمة من القرآن، تشير إلى أن نصرتنا لله شرط لكي يتحقق لنا الانتصار. ‏ ‏وقد قرّب لنا هذا المعنى ما شهدناه مِن نهضة وإصلاح لميدان رياضة الكُرة التي تُلعب بالأقدام، ولا شك أن أكادميتها التي يتلقى فيها ناشئتنا تقنيات قوة وشجاعة الأسد الضرغام وبلائه وتضحيته في الاقتتال،

جنبا إلى جنبِ حضورهم الصلاة في مسجدها الذي تشع منه السكينة في قلوب الأشبال، وما إلى ذلك من التحلي بالقيم التي يرضاها الله كنموذج للاقتداءِ ومثالٍ، لإصلاح الحال، قد ساهمت في إثمار قدْرٍ هام من الإخلاص في حمل الأمانة وإحسان للقيام بها، في هضم للنفس ونكران للذات وتفانٍ، وحسن ظن به ويقين فيه وعدم نسيانه بالسجود بعد كل مقابلة شكرا له على كل حال، ومن اعتزازٍ باسترضاء الوالدين الذي وصى بهما في القرآن، واستمطارٍ للدعاء في تحقيق الانتصار، وغيرها من سمات نموذج صلاح الحال. والتأثير به على السلوك العام للفرقاء من الأقران.

ذ. ابراهيم أعبيدي، كاتب و مفكر وبرلماني سابق (يتبع). ‏

مقالات الكاتب السابقة :

مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح 13 و14- dr-achbani

مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح -11- و -12- – الموقع العلمي للدكتور الحسن اشباني (dr-achbani.com)

حول طبيعة الإصلاح -9- و -10- (dr-achbani.com)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE