ما هي تقنية النانو وما هو نمط الحياة الذي تهيٍئه للانسان الان وفي المستقبل القريب؟ الجزء الاول

ما هي تقنية النانو وما هو نمط الحياة الذي تهيٍئه للانسان الان وفي المستقبل القريب؟
من اعداد : د. الحسن اشباني
لأنه يجعل الأشياء أصغر، فإنه يؤثر على حياتنا أكثر؛ هذا هو جمال تكنولوجيا النانو. تتناول هذه المقالة بإيجاز الفوائد التي يمكن أن تجلبها تقنية النانو الى حياتنا في كل القطاعات وخصوصا الحيوية منها، وكذا بعض التخوفات المصاحبة لاستعمالها.
فقد لعبت العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (المعروفة أيضًا حسب نطقها بالفرنسية باسم STIM) دورًا كبيرًا في حياتنا الحديثة. الى درجة لا يمكننا حتى تخيل ما سيكون عليه عالمنا بدون العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. بدءا من كل الأشياء اليومية، من المرتبة المريحة التي نستيقظ عليها إلى الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة التي نقضي ساعات في التحديق فيها ، كلها الان ممكنة ونعيش معها بفضل المساهمات الهائلة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
اضافة الى هذه الاصناف العلمية، تعد تكنولوجيا النانو منتجا مهما آخر منها والذي زاد من راحة حياتنا وبالنا بلا شك. يمكن أن تعني تقنية النانو في التصور الشائع، المستوحى في الغالب من أفلام وعروض الخيال العلمي، أي شيء من الروبوتات النانوية المستقبلية التي يمكنها السير في أجسادنا وتعافينا في دقائق إلى الروبوتات الصغيرة التي يمكنها اختراق أي آلة في ثوان. لكن في الواقع، فتكنولوجيا النانو موجودة في كل مكان وكانت كذلك من قبل لفترة طويلة جدًا.
تعرف تقنية النانو بأنها إنشاء أي تطبيق على المستوى النانوي اي النانومتر. والنانومتر هو واحد من المليار من المتر. فالنانو اذن صغير جدًا ويعد من أصغر وحدات القياس لجزيئات المادة وتسمى النانومتر، وهي واحد من المليون ملم أو واحد من الألف ميكرومتر، ويستحيل رؤيتها بالعين المجردة، و لتقريب الصورة اكثر فكرات الدم الحمراء في جسمنا تساوي 7000 نانومتر، وقطر الشعرة في رؤوسنا هو 10000 نانومتر.
وتقنية النانو هي عبارة عن تكنولوجيا تصنيع موثوق بها بمثل هذه المقاييس الصغيرة. وتعتبر الخصائص الفيزيائية للمادة، مثل نقطة انصهارها، والتوصيل، والتفاعل، وما إلى ذلك، مختلفًة تمامًا في هذه المستويات، لذا فإن تصغير الجهاز يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أدائه. ومع ذلك، من خلال إتقان تقنية النانو، قد تتاح لنا الفرصة لتحسين العديد من مجالات الحياة الحديثة التي سنتحدث عنها لاحقا.
في حين أنه يمكن رؤية أدلة على علم النانو منذ عهد الرومان، في القرن الأول الميلادي، إلا أننا رأينا في السبعين عامًا الماضية أن هذه التكنولوجيا تغير حقًا ورويدا رويدا الطريقة التي نعيش ونشتغل بها. وكان تطوير الترانزستورات الإلكترونية والرقائق الدقيقة (micropuces) في الأربعينيات من القرن الماضي، والذي جعل الإلكترونيات الحديثة ممكنة، أساس تقنية النانو الحديثة. اليوم، يمكن رؤية تطبيقات تكنولوجيا النانو في جميع جوانب الحياة، من واقيات الشمس (écrans solaires) ومزيلات العرق (déodorants) إلى الهواتف الذكية والأدوية.
تطبيقات النانو
المواد النانوية موجودة في السوق الاستهلاكية منذ سنوات حتى الآن، من المواد اللاصقة ومواد التشحيم والمواد الكاشطة إلى تغليف المواد الغذائية والأجهزة المصنعة والمعالجات السطحية الخ، هذه مجرد أمثلة قليلة التي تمت فيها تطبيق تقنية النانو. بصرف النظر عن هذه كلها، فإن لتكنولوجيا النانو تطبيقات بعيدة المدى وإمكانات مستقبلية أكبر في نطاق واسع للغاية من الاحتمالات. الآن دعونا نرى كيف تؤثر هذه التكنولوجيا الصغيرة علينا وتؤمن مستقبلنا.
1-أطباء صغار داخل الجسم (في الجزء الاخير، تم سرد للمنتوجات النانوية الطبية للاستئناس):
شهد استخدام تقنية النانو في الطب تطورات هائلة في الآونة الأخيرة. فقد تم إنفاق مليارات الدولارات على الأبحاث في استخدام المواد النانوية للكشف عن الأمراض وعلاجها. على سبيل المثال، لقد أجريت بحوثًا كثيرة في اكتشاف الأمراض من خلال صنع مواد نانوية مليئة بصبغة فلورية يمكنها حبس الجزيئات المسببة للامراض في الدم.
وتجري حاليا الأبحاث ذات الصلة أيضًا لاستخدام الجسيمات النانوية في العلاج الكيميائي للهجوم المستهدف على الورم وتقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي على باقي الجسم.

ومن ناحية أخرى، يتم إجراء الأبحاث لتطوير أجهزة استشعار صغيرة يمكن حقنها بأمان في أجسامنا ويمكنها مراقبة علاماتنا الحيوية عن كثب أكثر من أي وقت مضى، مما يسمح للأطباء باقرار العلاج الدقيق. بل هناك احتمالات لا حصر لها لطب النانو، بدءًا من مراقبة الالتهاب والتعافي بعد الجراحة إلى حالات الاستخدام غير المعتاد حيث تتداخل الأجهزة الإلكترونية فعليًا مع إشارات أجسامنا لمراقبة وظائف الأعضاء.
يتبع في الجزء الثاني




