من امريكا مع الاستاذ سليمان شاهي الدين : إحلال التفاهة و السخافة و السذاجة محل الذكاء و الفطنة و تداول المعارف المفيدة..

“لم ينفلت من هذه القاعدة إلا سنغافورة و ماليزيا و تركيا. و لقد قدموا للعالم نماذج لتجارب ناجحة جعلتها جميعا تخرج من التخلف و تحتل مكانة متقدمة بين الدول العظمى و ذلك من خلال التنمية البشرية الصحيحة و التي لا تنفصل عن جودة التعليم و دعم البحث العلمي …“

إن الخروج من التخلف يعتمد على الإستثمار البشري و ذلك من خلال إعداد الشباب عن طريق المدارس و معاهد التكوين و الجامعات و البحث العلمي. عني عن التعريف أن تقدم الغرب لم يتم و لا يستمر إلا بتعهد الدولة لإعداد رجال الغد القادرين على بناء صرح علمي قادر على تحقيق ثورة علمية و تكنولوجية تمكن من تحقيق ليس فقط الإكتفاء الذاتي في توفير الغداء و الدواء و ضمان عملي يسمح بدوام لصحة الإنسان و القدرة على تمريض المرضى و الحرس على شفائهم بأحدث الطرق و التقنيات و الأدوية الفعالة، و كل هذا العمل الجبار لا يكون إلا عند إمتلاك الأمم و الشعوب لناصية العلم.
من المؤسف جدا جدا أن تنقلب معادلة فقه الأولويات في قيادة المجتمع و توجيه فلذات أكباده إلى مستقبل معتم لا يجد فيه الشباب إلا إنقلابا للقيم الأخلاقية و تفسخ المجتمع بالنظر لإعتماد إحلال التفاهة و السخافة و السذاجة محل الذكاء و الفطنة و تداول المعارف المفيدة و المجدية للإنسان.
إن مصير ذوي الهمم و أصحاب المشاريع الفكرية و العلمية من خيرة شباب هذه الأمة معرضون للإقصاء المنهجي من حلبة التباري الحضاري مما يجعل الأمم الأخرى قادرة على الإستمرار في البقاء في الصدارة و مقدمة الشعوب و الأمم على المستوى الحضاري و لذلك لا تتوانى من العمل على تنزيل خطط لدوام استمرار نزيف هجرة الأدمغة إلى الدول المتقدمة .
لم ينفلت من هذه القاعدة إلا سنغافورة و ماليزيا و تركيا. و لقد قدموا للعالم نماذج لتجارب ناجحة جعلتها جميعا تخرج من التخلف و تحتل مكانة متقدمة بين الدول العظمى و ذلك من خلال التنمية البشرية الصحيحة و التي لا تنفصل عن جودة التعليم و دعم البحث العلمي و تعهد هيئات التدريس و التعليم في جميع مراحلة و أطواره مع توفير الإمكانيات الضرورية لضمان مخرجات مذهلة في العطاء و العبقرية. ارفق حديثي بما نشره السيد محمد سعيد في صفحته بالفايسبوك، تاركا لكم تدبر الامر و تأمله و الحكم على مجتمع هكذا شأنه تجاه المتفوقين في مجالات المعارف المختلفة :

قيمة الرياضيات عند المخزن 5000 درهم (456 €)! هنيئًا لنا بالتلميذة النابغة هبة الفرشيوي فمثلها في بلاد العدل و الكرامة تُكرّم بأحدث حاسوب قار و محمول، و إشتراك لمدة خمس سنوات في أكثر من مجلة علمية و دورات تكوينية، و منحة دراسية في أعرق الجامعات، و رحلة سياحية مع والديها … لكن ذنبها أنها وُلدت في بلد يُكرَّم فيه التافهات و التافهون صُناع الفُرجة و التفاهة. رسالة المخزن واضحة: لا تمتهنوا العلوم و الرياضيات بل عليكم بالغناء و الرقص و كرة القدم …
الملحق : هبة الفرشيوي البالغة من العمر 17 سنة، هي تلميذة بالسنة الثانية بكالوريا، علوم رياضية، خيار فرنسية بثانوية الجولان ببيوكرى من إقليم شتوكة أيت باها والتابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بسوس ماسة. ولقد توجت أخيرا، بلقب ملكة الرياضيات في إفريقيا، يوم الأحد 21 ماي بالعاصمة الرواندية كيغالي، بحيث حصلت على المرتبة الأولى في الأولمبياد الإفريقي للرياضيات للعام 2023.

وقد تمكنت من بلوغ مراحل متقدمة في مسابقة أولمبياد الرياضيات بعدما تفوقت على متنافسين من أكثر من 32 بلدا في الدور نصف النهائي.
فحسب مدير الثانوية في تصريح لـSNRTnews أن هبة الفرشيوي تميزت بمسارها الدراسي المميز، وبتفوقها الدائم على مستوى المؤسسة وكذا على مستوى الجهة، ذلك أنها كانت من بين التلاميذ المتفوقين الذين اعتادوا الحصول على أعلى المعدلات. كما اشار أن هذا التتويج ليس هو الأول في مسارها الدراسي. فقد سبق لها أن خاضت عددا من المسابقات الوطنية والعربية، منها مسابقة أولمبياد الرياضيات العربية، التي حصلت فيها على الرتبة الثانية، مشيرا إلى أن هذا الفوز الذي حققته يوم الأحد سيمكنها من المرور لأولمبياد الرياضيات التي ستقام في الثاني من شهر يوليوز باليابان. ويرجع هذا التفوق لاسرتها التي حرصت على صقل موهبتها في مجال الرياضيات، الذي هو تخصص والدها المدرس لمادة الرياضيات بنفس الثانوية. وقد سبق للتلميذة أن حصلت خلال الدورة الأولى لامتحان السنة الثانية بكالوريا على معدل 19 في المراقبة المستمرة، ومعدل 19,40 في الامتحان الجهوي الموحد، الخاص بالسنة الاولى للبكالوريا.
ذ. سليمان شاهي الدين كاتب و مفكر
مقالات للكاتب:
https://dr-achbani.com/من-امريكا-مع-ذ-شاهي-الدين-4/
مع الاستاذ سليمان شاهي الدين : آفاق القراءة إلى أين ؟ (dr-achbani.com)
الاستاذ سليمان شاهي الدين : الوعي أفقًا للتحرر-dr-achbani.com