مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح -11- و -12-

مرآة لإصلاح الحال.(80)..

صيد الفكرة الثالثة، حول طبيعة الإصلاح.
-11- أكادير في 17 دجنبر 2022.
وإذا كان القيام بمهمة الإصلاح لا يُقبل فيه احتقار أي عمل مهما كان، ومهما صَغُر في أعين الناس وهان، فإن مما يصاب به مفهومُه في أذهان كثيرين ممن يظنون أنفسهم من كبار اللاعبين في الميدان، هو أن يختطوا لأنفسهم طريقا معزولا في هذا المجال، يعتبرونه البديل الأمثل عن كل محاولات الأغيار، بل يبنون مشروعيته على معارضة ومجابهة وتحطيم جهود الأغيار، مهما أثبتت جدارتها بحكم الواقع والحال. فيتحولوا إلى قوم لا يعجبهم العَجَبُ ولا الصوم في رجب، ولا يرضيهم أن تُنزل لهم المنَّ أو العسل من السماء ومشوي طيور السمان. فما أشبهم بِمنْ أرهقوا سيدنا موسى عليه السلام!
وغالبا ما تكون كل حصيلتهم في سجل الأعمال، مجرد كلام أشبه بصيحات الاستنكار التي يوجهها الفاشل الكسلان، لِيُوهمنا بأنه من الحذاق الشُّطار، لكنه لا يعدو أن يكون من فصيلة نوع البشر الذين يفضلون أن يولوا الأدبار عند طلب أي مساهمة بالمال، او التجند في القتال في جبهة الإصلاح العام. وذلك جُبنا وبُخلا منهم ولوذا بالفرار من مشقة مكابدة جهد الإنجاز والإثمار في الميدان، ويستمرئون راحة القعود، والتلذذ بالتعالي والاستكبار، وتوجيه النقد الهدام للمرابطين المصابرين في الميدان. إنهم قوم، ما أنْ تمكنوا من استعمال وسائل الاتصال، وتعلم الكتابة بالأزرار، حتى تطوروا بطفرة من نسلِ أولئك الذين الآدميين الذين كانوا يقعدون في مدخل الدرب أو القصر أو المدشر أو الدوار. قوم يشبهون محللي الأخبار؛ إلا أن مادتهم هي البخس والغيبة والكذب والبهتان.
إنهم قوم يتكلمون باسم الإصلاح، ويسارعون في منافسة ما يقوم به الناس من أعمال وإنجازات كبار، لكن، فقط، على مستوى التشدق بالكلام، مع الوقوع في نهش أعراضهم، غالبَ الأحيان. فتراهم تتمعر وجوههم حسدا وحسرة كحسرة الندمان، كلما رأوا إنجازا أو نحاحا يتحقق للصالح العام، على يد الأغيار؛ فتنطلق ألسنتهم الحِداد بالبخس والاحتقار، والتشكيك في النويا والتشويش باللمز والكذب والبهتان.

إنهم قوم يتكلمون باسم الإصلاح، ويسارعون في منافسة ما يقوم به الناس من أعمال وإنجازات كبار، لكن، فقط، على مستوى التشدق بالكلام، مع الوقوع في نهش أعراضهم، غالبَ الأحيان. فتراهم تتمعر وجوههم حسدا وحسرة كحسرة الندمان، كلما رأوا إنجازا أو نحاحا يتحقق للصالح العام، على يد الأغيار؛ فتنطلق ألسنتهم الحِداد بالبخس والاحتقار، والتشكيك في النويا والتشويش باللمز والكذب والبهتان. يتنافسون في الضحك من الأعمال الصالحة للأبرار، في خبث واستهتار، ويتكاثرون في ملء صحائفهم بالذنوب والآثام. في جنوح تام عن مفهوم الإصلاح الذي ينضبط بغاية ومسار، محدَّديْن بميزان، وفي انحراف وانجرار وراء ما تهوى الأنفس من أنانية وتمرد ورفض تام، وميل إلى العلو والاستكبار.
-12- أكادير في 17 دجنبر 2022.
وهذا الانحراف أو الابتذال الذي يقع بيننا لمفهوم الإصلاح، عن جهالة وضلال، أو عن خبث مع سبْقِ ترصُّدٍ وإصرار، هو مآلٌ، يحدث له ولا يزال يتكرر في الزمان، فقد رأينا كيف هالَ إخوانَنا الخوارج، الإخفاقُ في تحقُّق ولاية الفاضل على مستوى الحكام، دون أن يروا عِظمَ فتوحات دولة الإسلام، فحوّلوا معارضتَهم إلى القيام بما يسمونه جهاد الاستعراض الذي يقعون به في دماء المسلمين بالاستباحة والاستحلال. هذا فضلا عن استنزافهم لقوة الدولة، وإضعافها من الداخل، باختلاقهم، كثرة الصدام.
كما رأينا كيف انطلق مبدأ الرفض، عند إخواننا الشيعة، من الانتصار لمظلمة سبط النبي الحبيب المختار، ليجنح، فيتحول إلى حماقات شتى في هذا الشأن، على رأسها التأسيس لعمل دعوي مستدام، يسعى، ليلَ نهار، إلى التشويش على مفهوم الأخوة في الإسلام، وعرقلة وحدة الأمة، بزرع الطائفية بطعم التفرقة واستدامة الأضغان، والتواطؤ مع كل مستهدِفٍ لأوطاننا بالغزو و العدوان. لكن، قطعاً قد انقرض الخوارج إلا من آثار، واضطر “الشيعة” إلى الاحتماء بشرنقة التقية، في الكذب على الصحابة الأخيار، ودس البهتان، حتى لا تنفضح حقيقتهم للرأي العام.

وكذلك رأينا هذه الأيام كثيرا من الطيبين المغفلين الأغرار، ومعهم المغرضون الخبثاء، الذين يحتمي الواحد منهم لطعننا بسهام من وراء جدار باسم مستعار، كيف يشوشون على ما تحقق لنا من إنجاز جبار، في ميدان رياضة الكرة التي تُلعب بالإقدام، والتي تتيح لنا حضور ملتقى تعارفٍ وتجمعٍ للانسانية من كل الشعوب ومن مختلف الأعراق والأديان، فلم يرَ فيه هؤلاء وهولاء، إلا مؤامرةً لتخدير وإلهاء الشعب المغربي عن الخروج إلى الميدان للقيام بثورة ستقلب “نار جهنم الأسعار” إلى نعيم الجنان.
ذ. ابراهيم أعبيدي، كاتب و مفكر وبرلماني سابق(يتبع).