المنبر الحر

مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح -5-

ذ. ابراهيم أعبيدي

مرآة لإصلاح الحال.(74).
ابراهيم أعبيدي. أكادير في 10 دجنبر 2022.

صيد الفكرة الثالثة، حول طبيعة الإصلاح.

فعندما نرى القيام بالنصح في الكلام والحرص على التقويم والإصلاح، يتحولان إلى عرقلة لحركة الإصلاح العملية التي تسير في اتجاه سير التاريخ والزمان، ناهيك أن يقدما لها إضافة ذات بال؛ فاعلم أن هناك تكون الفرصة الذهبية لكي يتدخل الشيطان. وهي فرصة لم يصنعها هو ولا كان يتوقعها في قاعة الانتظار. عندئذ يزعرد داعي الفساد، ويرقص رقصة الظفر والانتصار، في احتفال بانقلاب ميزان القوة لصالحه، وهو جَدِلٌ فرحان. وإن هذا المشهد، الذي حاولت أن أقرِّبه بعدسة هذه المماثلة كمنظار، إن هو إلا لَقطة مِما قد يقع في ميدان الإصلاح من انزياح، وإشارة إلى فكرة مِن واقعِ الحال، سأمثل لها، فيما يأتي، بأكثر من مثال.

‏ وأحسب هذه اللقطة تَصلُح كي تكون فرضيةَ بحثٍ أصيل في هذا المجال، قصد إزالة طمْي الغَمر، وإزاحة رمال تحوّلِ الكثبان، عن مَلْمَح قانون قد يكون في صيغة معادلة يتقابل فيه طرفان. وبقدر ما يتمادى الأول، في التعنت والتصلب حِفاظا على ما يظنه حقا، عن ضلال، فيتمسك بجِلد للإصلاح تقادمَ وانسلخ منه كما ينسلخ ظاهرُ جلدِ الثعبان، حين يفسخه بفعل التقادم والابتذال؛ فإن الثاني يتمدد في ازدياد مُتَتالٍ، ويحصد مزيدا من الأنصار، عملاء خبثاء كانوا أم من غثاء الحمقى العاطفيين المستغفلين ببريق الشعار الذي هو عنوان وُعود الشيطان، حيث يركب الموجة التي تجود بها حركيةُ بحر الزمان، الذي يأبى إلا التقدم إلى الأمام، لينشر الفساد من خلال استغال ما فتحه الطرف الأول، مِن ثَلمة أو ثغرةٍ في جدار القلعة التي يتحصن فيها تيار الإصلاح الخالد والمتجدد عبر الزمان

فمن أرضية المكان الذي يتجاذبه الطرفان، ينبعث ذلك التيار، الذي يأبى الله إلا أن ينصره، مادام لم ينسلخ، في حاله، من آياته واستمر، في اصطبار، متشبثا بحبل سنته الماضية في الخلق والأكوان، يواجه عصاباتِ الفساد التي يحرضها الشيطان


‏فمن أرضية المكان الذي يتجاذبه الطرفان، ينبعث ذلك التيار، الذي يأبى الله إلا أن ينصره، مادام لم ينسلخ، في حاله، من آياته واستمر، في اصطبار، متشبثا بحبل سنته الماضية في الخلق والأكوان، يواجه عصاباتِ الفساد التي يحرضها الشيطان، ويُمَكّن لها بالتزيين والإشهار. وذلك ليستبدل به فلولَ أدعياء الإصلاح، مِن عَبَدةِ “فُساخِ الثعبان، مهما لوَّحوا برايةٍ تسرُّ الناظرَ الغفلان، ومهما أطلقو مِن صرخة في وجه تقدّمِ الزمان، باسم المقاومة والشجب والاستنكار، لأنهم عندئذ، يكون عهدُهم قد ولى الأدبار، إلى غير رجعة لتكرار الأدوار، وأصبح في حكم خبر كان. فإنما نحن في هذه الدار، مستخلفون وفق أدوار محددة بآجال. ويا لخسارة من خسر دوره، وانقلب إلى ربه مفلسا، مُحبَطةً نفسه بِغصة البوار!

ابراهيم أعبيدي(يتبع).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE