مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح -19-



– 19 –
مرآة لإصلاح الحال.(88).
أكادير في 23 دجنبر 2022
صيد الفكرة الثالثة، حول طبيعة الإصلاح.
وإن منهج الصدام, بدعوى مباشرة الإصلاح مهما كان، هو، في عمقه، بذرةٌ للقطيعة والعدوان، كامنةٌ في النفس عندما تعتقد أحقيتها بالاستفراد بالساحة والاستئثار، وتثق باستغنائها عن التعاون مع الأغيار، والانتقاص من جهودهم بالبخس وإخسار الميزان، في مقابل تضخيم الذات بهوس حب الرئاسة والهيمنة المطلقة في الميدان. فقد ترى منا الوحدَ، إذْ يلبس لامة الإصلاح، فإنه يخلع خرقة التواضع وينزع نظارة الانصاف والموضوعية، في إصدار الأحكام. يسير وقد حقن صدره بِسُمّ الحقد والأضغان. فتراه مترفعا في الخطاب والكلام، مُفعَم النفس بسوء الظن والتوجس من نوايا الأغيار، مقفلَ الفكر عن أي استعداد للتبادل والحوار.


وهو، في كل ذلك، يظن في نفسه أنه مُجدِّدَ الزمان، وصاحب الوقت والأوان، ويرى في شُخَيْصِه، القائدَ الفطحل الهمام، والفارس المتمرس المغوار، الذي لا يُقتفى له أثرٌ ولا يُشق له غبار، ولا يأتي بمثله، في العالَمين، زمانٌ.
وإن منهج الصدام, بدعوى مباشرة الإصلاح مهما كان، هو، في عمقه، بذرةٌ للقطيعة والعدوان، كامنةٌ في النفس عندما تعتقد أحقيتها بالاستفراد بالساحة والاستئثار، وتثق باستغنائها عن التعاون مع الأغيار…
ذ. ابراهيم أعبيدي

وهو ينتقد أعمال الأغيار. ويواجه كل ما بُذل ويُبذل من جهود الإصلاح مِن حوله، بالتجاهل التام، بل بالتهجم والبخس والاحتقار، على من لا يشاكلونه في الذوق والألوان، أو لم يرتق فكره إلى استيعاب ما فتح الله عليهم من أفكار، وما أنجزوا من جليل أعمال. وذلك في مقابل التعصب، حتى لكل من فيه رائحة عطره المفضل، أو نكهة ومذاق قهوته، بل وحتى إذا اتفق معه في لون وشكل الفنجان. وفق منطق تمييز ومفاصلة العدو، وحشد الحلفاء وتعبئة الأنصار، استعداد للمعركة الفاصلة التي تجعلني أنا ودي القادر على إضاءة البلد، وليس فيه للغير مكانٌ، سوى الإقصاء والقتل المعنوي والإعدام.
لذلك فإن منهج الصدام، لا يتم فرضه على الذات من خارجها، كما قد يُظَنُّ أو يُقال، وإنما ينبع، مما بداخلها مِن رفض لتفوق ونبوغ الأغيار، وخوفٍ على فقدان ما تطمح إليه، في الوجود، من مقام، بناء على تغوُّلٍ لليأس وسرعة المَلال، وضيقِ النفَسِ وعجزٍ عن المصابرة وفرار من جبهة الاصطبار، وتبرمٍ من التثبت والتريث والإنتظار، وتعجلٍ لقطف النتاج والثمار، وشوقٍ لتقصير طول الطريق، بالاختزال والجنوح إلى عدم الاعتراف بعنصر الزمان، وتلُّهفٍ على الاختصار، ولو بالفرار والتدرع بأبراج المعارضة المتخصصة في الشجب والاستنكار، والتطهر بذهان التشرنق والرفض والانعزال، أو حتى بالإقدام على فاجعة الانتحار.
ذ. ابراهيم أعبيدي، كاتب و مفكر وبرلماني سابق
مقالات الكاتب السابقة :
مع ذ ابراهيم أعبيدي طبيعة الإصلاح -17- و -18- Dr-achbani.com
-براهيم أعبيدي-حول طبيعة الإصلاح -15-16 dr-achbani.com
مع الاستاذ ابراهيم أعبيدي : حول طبيعة الإصلاح 13 و14- dr-achbani
تعليق واحد