التكنلوجيا

السفر الفضائي السياحي: تحقيق الحلم بالصعود إلى الفضاء

د. الحسـن اشباني

بداية لابد من معرفة ما القصد بالفضاء؟ في الحقيقة، لا يوجد تعريف دقيق لحدود الفضاء، ولكن يمكن تعريفه بشكل عام على أنه المنطقة المحيطة بالأرض التي تتضمن الغلاف الجوي والمدارات الفضائية والأجسام السماوية الأخرى، مثل القمر والنجوم والكواكب الأخرى. ويمكن تقسيم الفضاء إلى عدة طبقات بناءً على الارتفاع فوق سطح الأرض، والتي تشمل طبقة التروبوسفير والستراتوسفير والميزوسفير والثيرموسفير والإكسوسفير“1”.

وعلى الرغم من عدم وجود حدود دقيقة للفضاء، إلا أن الحد الأكثر شيوعاً هو خط كارمان Karman line الذي يقع عند ارتفاع 100 كيلومتر فوق سطح الأرض، والذي يستخدم بشكل شائع كحدود بين الغلاف الجوي الأرضي والفضاء الخارجي.

تعتبر الرحلات الفضائية السياحية من أحدث صناعات السياحة في العالم. تهدف هذه الرحلات إلى توفير فرصة للأفراد للاستكشاف والتجربة الفريدة للفضاء الخارجي، والتي كانت حكراً على رواد الفضاء السابقين. وتتضمن هذه الرحلات الصعود إلى المدار الأرضي أو حتى القمر، والقيام برحلات تتراوح ما بين عدة أيام إلى أسابيع.

ومع ذلك، تعتبر هذه الرحلات مكلفة للغاية ومحدودة في الوقت الحالي لعدة أسباب، بما في ذلك تقنيات السفر الفضائي الحالية وندرة المركبات الفضائية المخصصة لهذا الغرض. ومن المتوقع أن تتطور تقنيات السفر الفضائي في المستقبل القريب لتوفير فرصة للمزيد من الناس للاستمتاع بتجربة الفضاء.

حاليا تُعرض الرحلات الفضائية التي تسمى بالفرعية التي تقدمها كل من شركتين “فيرجن جالاكتيك” (Virgin Galactic) و “بلو أوريجن” (Blue Origin) حاليًا بأسعار مرتفعة جدًا.

تقدم Virgin Galactic، التي تأسست من قبل الملياردير ريتشارد برانسون (Richard Branson)، رحلات فضائية فرعية على متن مركبة الفضاء SpaceShipTwo. يتم حمل المركبة بواسطة طائرة حتى ارتفاع يصل إلى حوالي 15 كيلومترًا، ثم يتم إسقاطها ودفعها بمحركاتها الخاصة إلى ارتفاع يزيد عن 80 كيلومترًا. يمكن للركاب بعد ذلك أن يشعروا بالوزنية الصفرية لعدة دقائق ويستمتعوا بالمناظر الخلابة للأرض من الفضاء.

تقدم Blue Origin، التي تأسست من قبل مؤسس Amazon جيف بيزوس (Jeff Bezos)، أيضًا رحلات فضائية فرعية على متن صاروخ New Shepard. يتم نقل الركاب إلى ارتفاع يزيد عن 100 كيلومتر، حيث يمكن لهم أيضًا الاستمتاع بالوزنية الصفرية والتمتع بالمناظر الخلابة.

ما تعمل شركات فضائية أخرى أيضًا على مشاريع رحلات فضائية فرعية للسياح، بما في ذلك SpaceX التي تأسست من قبل إيلون ماسك (Elon Musk) ومع ذلك، تركز SpaceX حاليًا على المهام الفضائية مع طواقم محترفة ولم تعلن عن خطط لرحلات فضائية فرعية سياحية حتى الآن.

يجب الانتباه إلى أن هذه الرحلات الفضائية الفرعية متاحة حاليًا بتكلفة عالية جدًا ومحجوزة لجزء صغير من السكان. ومع المنافسة المتزايدة بين الشركات الفضائية الخاصة، فمن الممكن أن ينخفض سعر هذه الرحلات في المستقبل، مما يجعلها أكثر إمكانية لعدد أكبر من الأشخاص.

شركة يابانية تلج ميدان السياحة الفضائية

قدّمت شركة يابانية مشروعاً طموحاً، عرضته على الصحافة في 21 فبراير 2023، والذي يتضمن تسيير رحلات جوية تبلغ ارتفاعها 25 كيلومترًا في طبقة الستراتوسفير فوق سطح الأرض. وتعتزم شركة Iwaya Giken اليابانية الناشئة تقديم هذه الرحلات السياحية ابتدءًا من ديسمبر 2023 داخل كبسولة قطرها 1.5 متر. وأثبت الاختبار الذي أجري في يونيو 2022، على ارتفاع 23 كيلومترًا بحيوان الهامستر داخل الكبسولة، نجاحه، حيث عاد الحيوان بسلامة تامة.

كبسولة شركة Iwaya Giken

ستكون الكبسولة المصممة لحمل شخصين، الطيار وراكبه، قادرة على تحمل تغيرات الضغط التي ستحدث خلال الرحلة، المقرر أن تستمر أربع ساعات للوصول إلى طبقة الستراتوسفير، سيتم جر الكبسولة لمدة ساعتين بواسطة بالون منفوخ بالهيليوم. و بمجرد الوصول إلى هذه الطبقة من الغلاف الجوي، ستحوم المركبة على هذا الارتفاع لمدة ساعة حتى يتمكن الركاب من مراقبة انحناء الأرض..

وهتاك ايضا شركات ناشئة فرنسية و امريكية وغيرهما تعملان في هذا الميدان من اجل بدء الرحلات في 2024 و 2025

الاسعار الآن :

وفي “فيرجن جالاكتيك”، يبلغ سعر تذكرة الرحلة الفضائية الفرعية 250000 دولار أمريكي أي 250 مليون سنتيما مغربية. ومع ذلك، يمكن للعملاء المهتمين بالحجز بوضع دفعة أولى قدرها 1000 دولار. وفقًا لـ “فيرجن جالاكتيك”، تم إجراء أكثر من 600 حجز بالفعل، مما يمثل أكثر من 80 مليون دولار من الإيرادات المحتملة.

وفي “بلو أوريجن”، لم يتم الإعلان عن السعر بشكل رسمي بعد، ولكن تتداول الشائعات حول أن السعر سيكون مشابهًا لتلك في “فيرجن جالاكتيك”. كما عقدت “بلو أوريجن” أيضًا مزادًا على المقعد الأول في رحلتها التجريبية الافتتاحية، والذي تم بيعه بقيمة 28 مليون دولار اي 28 مليار سنتيما مغربية.

بالإضافة إلى التكلفة المرتفعة، يجب ملاحظة أن هذه الرحلات الفضائية الفرعية تخضع أيضًا لمتطلبات صارمة في التدريب والصحة، ويجب على الركاب أن يكونوا قادرين على تحمل صعوبات الرحلة الفضائية. كما يتعين على الرحلات الفضائية الفرعية أن تتوافر فيها ظروف مناخية وتقنية صارمة. ولا يمكن الوصول إليها إلا لجزء محدود جدًا من السكان. ومع ذلك، مع التنافس المتزايد بين الشركات الفضائية الخاصة، من الممكن أن تنخفض التكلفة الحالية.

السياح الذين زاروا الفضاء

لم تبدأ رحلات الفضاء الجوية الفرعية التي تقدمها شركتا “فيرجن غالاكتيك” و”بلو أوريجن” رحلاتهما التجارية العادية. حتى الآن، قام فقط بعض السياح بزيارة الفضاء فوق الأرض، أساساً على متن المحطة الفضائية الدولية (ISS). .

اما السياح المستفيدون هم :

دينيس تيتو (Dennis Tito): أصبح أول سائح فضائي عام 2001 عندما دفع حوالي 20 مليون دولار لقضاء أسبوع في محطة الفضاء الدولية. تختلف مدارات ISS ، ولكن في المتوسط ​​تكون على ارتفاع يبلغ حوالي 408 كيلومترات فوق الأرض.

  • غريغوري أولسن (Gregory Olsen): أصبح السائح الفضائي الثالث عام 2005 عندما دفع حوالي 20 مليون دولار لقضاء 10 أيام على متن ISS.

مارك شاتلوورث (Mark Shuttleworth): أصبح السائح الفضائي الثاني عام 2002 عندما دفع أيضًا حوالي 20 مليون دولار لقضاء 8 أيام في المحطة الفضائية الدولية.

من الجدير بالذكر أن هؤلاء السياح زاروا الفضاء على متن المحطة الفضائية الدولية التي تدور حول الأرض على ارتفاع يبلغ حوالي 421 كيلومترات وبسرعة تتجاوز 27500 كلم في الساعة. بينما تصل الرحلات الفرعية التي تقدمها شركتا “فيرجن غالاكتيك” و”بلو أوريجن” إلى ارتفاعات أقل بكثير من حوالي 80 إلى 100 كيلومتر فوق الأرض.

فيما يتعلق بالرحلات الفضائية السياحية الحالية، فإن “فيرجن غالاكتيك” و”بلو أوريجن تستخدمان مركبات فضائية تسمى « سفينة الفضاء”، وهي عبارة عن طائرات فضائية تصعد إلى ارتفاعات فوق الجو الذي يمكن أن تصل إلى حدود الفضاء الخارجي وتعود إلى الأرض. و تختلف هذه المركبات وفقًا لارتفاع الرحلة والغرض من الرحلة.

يتم إطلاق سفينة الفضاء من طائرة نقل خاصة إلى ارتفاع يبلغ حوالي 15 كيلومترًا، ثم يتم تشغيل محركات الصواريخ لرفع السفينة إلى ارتفاع يصل إلى نقطة القمة. يتم توقيت هذه الرحلات بدقة لضمان أن الرحلات تتم في ظروف مناسبة، مثل الطقس الجيد ودرجة حرارة الجو المناسبة.

عند الوصول إلى ارتفاع الرحلة، يتم إيقاف محركات الصواريخ وتمكين الركاب من الحركة بحرية في كل اتجاه، حيث يمكنهم الاستمتاع بعدم وجود الجاذبية في الفضاء ومشاهدة مناظر خلابة للأرض. بعد فترة قصيرة، تعود السفينة إلى الأرض ويتم إعادة دخول الغلاف الجوي بواسطة الأجنحة الخاصة بالسفينة. ةلكن كيف؟
عندما ينتهي الرواد من مهمتهم في المركبة الفضائية، عادة ما يتم نقلهم إلى مركبة الاسترداد التي تنتظرهم في المدار الأرضي، باستخدام مركبة فضائية أخرى (كبسولة الإنزال)، مثل مركبة سويوز المأهولة أو المركبة الفضائية دراغون. يتم إطلاق هذه المركبات الفضائية من الأرض باستخدام صواريخ وتحط في المدار حول الأرض.

تستخدم مركبة الاسترداد، التي تنتظر في المدار حول الأرض، أدوات خاصة مثل الأذرع الميكانيكية لالتقاط الكبسولة العائدة من الفضاء. ويتم إعادة المركبة الفضائية إلى الأرض باستخدام مظلات هوائية أو مظلات فراغية، ويتم إنزال الكبسولة في منطقة الهبوط المخصصة على الأرض، حيث يتم استقبال الرواد وإجراء الفحوص الطبية اللازمة.

هل هناك ضمانات اي تعويضات لاهل السياح عند الوفاة وهم في الرحلة؟

تختلف الضمانات والتعويضات المتاحة لأهل السياح في حالة وفاتهم خلال رحلة فضائية من شركة إلى أخرى. ومن المهم أن يحدد الراغبون في الحجز على رحلة فضائية ما إذا كانت الشركة التي يختارونها توفر ضمانات معينة في حالة وفاة أحد الركاب.

على العموم، فإن شركات السياحة الفضائية تتعامل مع مخاطر الرحلات الفضائية بطرق مختلفة، من خلال تقديم خدمات التأمين وتوفير ضمانات السلامة، وذلك لضمان سلامة الركاب وتقليل المخاطر المحتملة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تخضع الرحلات الفضائية لبعض القيود القانونية والتنظيمية، والتي قد تتضمن ضمانات إضافية للسلامة والتأمين في حالة وفاة الركاب.

ومع ذلك، فإنه يجب على الركاب الراغبين في الحجز على رحلات فضائية البحث والاطلاع على شروط الحجز والضمانات المتاحة من قبل الشركة المزودة للخدمة قبل إجراء الحجز، ويجب عليهم الحصول على معلومات مفصلة حول السلامة والتأمين والمخاطر المحتملة قبل السفر.
لا يوجد حاليًا أمثلة حول التعويضات للسياح المتوفين أثناء الرحلة الفضائية السياحية، لأنه لم يحدث أي حادث يؤدي إلى وفاة السياح في هذه الرحلات حتى الآن. ومع ذلك، يعتبر هذا موضوعًا هامًا ومحتمل الحدوث في المستقبل، ومن المرجح أن يتم إقرار قوانين وتعويضات محددة لهذا الغرض في حالة وقوع أي حادث مشابه.

مقالات الكاتب ذات الصلة :

المحطة الفضائية الدولية (ISS) تعاون دولي (dr-achbani.com)

المحطة الفضائية الدولية (ISS) توحيد الاعداء ج 2 (dr-achbani.com)

“1” ملحق :

  1. التروبوسفير (Troposphère): هي الطبقة الأولى فوق سطح الأرض وتمتد حتى ارتفاع يتراوح بين 7-20 كيلومتر. تتميز هذه الطبقة بالتغيرات الجوية وتحتوي على غالبية الغلاف الجوي، ويتواجد بها الهواء والغيوم والأحياء الدقيقة.
  2. الستراتوسفير (Stratosphère): تمتد فوق التروبوسفير وتنتهي عند ارتفاع يتراوح بين 20-50 كيلومتر. تحتوي الستراتوسفير على الأوزون والتي تساعد على حماية الأرض من الأشعة الضارة للشمس.
  3. الميزوسفير (Mésosphère): تمتد فوق الستراتوسفير وتنتهي عند ارتفاع يتراوح بين 50-85 كيلومتر. تتميز بالبرودة الشديدة ويمكن رؤية النيازك والشهب في هذه الطبقة.
  4. الثيرموسفير (Thermosphère): تمتد فوق الميزوسفير وتنتهي عند ارتفاع يتراوح بين 85-600 كيلومتر. تتميز هذه الطبقة بالحرارة الشديدة والتي يمكن أن تصل إلى 2000 درجة مئوية. كما يمكن رؤية الشفق القطبي في هذه الطبقة.
  5. الإكسوسفير (Exosphère): تعتبر الطبقة الأخيرة في الغلاف الجوي وتمتد فوق الثيرموسفير إلى ما يقارب 10,000 كيلومتر فوق سطح الأرض. يمكن القول أنها بداية الفضاء الخارجي. تحتوي على جزيئات قليلة، و يتراوح حجمها بين 10 كيلومترات وما دونها، وبسبب ارتفاع درجة الحرارة في هذه الطبقة الشمسية تزيد سرعة حركة هذه الجزيئات ويصبح تأثيرها على الأجسام الصلبة متناهي الصغر، مما يجعل الأجسام تتحرك بسهولة فيها دون تعرضها لأي احتكاك قوي. وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الأقمار الصناعية تستخدم دفعات صغيرة للحفاظ على وضعيتها في هذه الطبقة والبقاء في مدارها لفترات طويلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE