من امريكا مع ذ سليمان شاهي الدين: الوعي أفقًا للتحرر


الوعي أفقًا للتحرر
نحن أبناء الشعوب الإسلامية على اختلاف أصولنا العرقية و الثقافية و الدينية و اللسانية نواجه جميعا إشكالية التخلف و هي المعضلة التي تتسع و تكبر بالقدر الذي تشتد فيه الحملات الصليبية و الصهيوصليبية على وجودنا و تعرقل صناعة قوتنا و حماية كياننا من شر المتربصين بنا في الداخل و الخارج ، و تأتي علينا هذه الحروب الضارية بأشكال متعددة و متنوعة و من خلال مناورات و تسميات و شعارات تحت يافطة البروباغاندا تارة ، و مفاجئات تارة أخرى و هي تأتي على شكل كل الانقلابات و التدخلات العسكرية الموجهة و المعدلة على المقاس خلف الكواليس و الإشراف في ذات الوقت عن كثب على ممارسة ضغوط من شأنها عرقلة خيار الحرية و إرادة الشعوب ، و لعل أكبر جريمة ترتكب في حقنا جميعا تتمثل في ” الثورة المضادة ” للربيع العربي الذي كان أكثر قوة و زخما من ” أمجاد ” أو ” تمجيد ” الثورة الفرنسية بوصفها الحادث التاريخي المفصلي في المشروع المجتمعي الغربي الأوربي .
لم تكتمل بعد عملية تجفيف منابع الفكر و اليقظة العقلانية كواجهة لطرفي المعركة الحضارية ، إنها في سيرها في خوض المعارك الجديدة ، و لعلنا لم نخرج بعد من الحرب البيولوجية و لقد برهن العالم و على رأسه الدول المتقدمة كيف يمكن التحكم في الشعوب و ترويضها و ذلك بتزيل ليس فصل جديد لإرتداء الكمامات بل إننا في إتجاه تدجين ممنهج لا يكف البتة في الإشتغال على تنزيل خطط غير مسبوقة و ساعية لأن تضع كل البشر في بيت الطاعة لتتوجه به إلى المسلخ البشري و هو أبشع جرم و أفظع طقس سادي من الحروب الضارية التي شهدها القرن الماضي و ذهب ضحيتها اكثر من مائة مليون من البشر .
إن التاريخ يعيد نفسه في دوامة دامية لا تتوقف عجلتها في خوض المزيد من المعارك ضد الإنسان و إستقراره ، إن الإنسان هو الضحية و الجلاد في ذات الوقت ، و لقد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى من التوقف عن الإنقياد ضمن موجات الإلهاء العالمية التي ترفع من شأن البطولات الوهمية و النجوم المضروبة مقابل طي معالم أركان المعركة الحضارية و التشويش على تفاصيل و تمفصلات التباري الحضاري الحقيقي .
إن الروح الثورية للربيع العربي / المغاربي ما تزال تسري في دماء كل الشعوب التي إلتهبت مشاعرها و عانقتها بالآمال و السعي لبناء الأعمال و رسم خريطة طريق البناء الحضاري ، و هو مربط الفرس الذي تتم من خلاله توجيه الطاقات الإنسانية في خلق منافسة شريفة في بناء الصرح الحضاري الإنساني الذي يشكل المأمن و ليس المأتم الذي يعده أعداء الإنسانية .
لكن الحرب الحضارية التي نواجهها تعوق بشكل علني و سري سيرنا في مسيرة الإنعتاق الحضاري و بداية فرض عهد جديد يتجاوز النظام العالمي الذي ترسمه قوى الإستكبار العالمية .
إننا جميعا في أزمة تختلف درجات ثقلها في المكان و تتعادل درجاتها في الزمان العربي و المغاربي و الإسلامي .
نحن جميعا مدعوون لرفع مشعل التغيير و هو لا يأتي إلا من خلال بناء الوعي و بقدرما نتقدم في توسيع رقعته على مستوى الشعب و الأوطان ؛ عندئذ نقترب من بلورة إرادة الشعوب و ذلك هو المفتاح الذي نلج فيه التاريخ في أوسع أبوابه من جديد تحت راية حضارية واعدة و على أنقاض الحضارة الغربية المتغطرسة .
سليمان شاهي الدين