

اللغة العربية : اِن اللغة العربية تأتي في مقدمة اللغات لأن الله سبحانه اختارها لتكون لغة القرآن، و إن الإعجاز الذي نقف عنده بشأن اللغة العربية هو عدم تغيرها و بقائها لغة حية تنبض بالحياة و كلما تقرأ و تكتب من خلالها إلا و تجذ نفسك تسير بخطى واثقة في القدرة على الفصاحة و الطلاقة في التعبير، و حتى إذا عكفت على الادب القديم الذي يحتوي على المفردات الصعبة، فإن المعجم يفسر هذه المفردات و يبين معانيها ؛ و بالطبع فإن هذه الألفاظ تعتبر من الكلمات المهملة، أي القليلة الإستعمال في الخطاب اليومي، و حتى الكتابات المعاصرة التي تميل إلى استعمال المفردات السهلة و المعتادة فهي آخذة في بناء أدبيات رائعة في جميع الأجناس الأدبية، و ظهر رواد الأدب العربي كنجوم تنير الطريق للعبقرية الأدبية العربية. و لقد خلد الأديب مصطفى صادق الرافعي ضروب في البديع و البيان العربي غير مسبوقة على الإطلاق، و هذا يعتبر مؤشراً بل برهانا قاطعاً على قدرة اللغة العربية على بلورة و صك مفاهيم جديدة ضمن عملية صناعة العلم و بناء موسّع للمعارف الإنسانية في مختلف المجالات.
بيد أننا إذا تحدثنا عن جمالية البديع اللغوي في اللغة العربية فإننا نكون بحق أمام نصوص غاية في الرونق و الجمال و اتساق المعنى و المبنى. إننا حقا أمام لغة غنية و رصيدها من الكلمات يتعدى بضعة ملايين و يتيح للمتعلمين في بدايات تعليمهم القدرة على إستدماج ليس أقل من خمسين ألف كلمة في الحول / العام الواحد، و هذا لا يتاح في اللغات الأخرى و هذه ميزة من شأنها أن تجعل المخيال عند الإنسان المتمكن من اللغة العربية أوسع مما نتصور لأن وعاء اللغة العربية تتسع لإحتواء الفكر في كل تجلياته الواقعية و كل الرؤى الخيالية المستحدثة في الآن و الهنا.
اِن اللغة العربية ستسترجع المكانة المرموقة التي تحتلها سابقا – عندما كانت لغة مختلف العلوم التي جاءت بها الحضارة العربية الإسلامية – و أتوقع قدرتها على احتلال الصدارة العالمية مجددا بناء على التطور الديمغرافي للمسلمين و الذي سيكون تعاظم نموه عبر العالم أحد المحددات التي لا تحسم فقط المسألة اللغوية بل حتى القرار السياسي الذي سيكون بيد أعظم مجموعة بشرية على وجه البسيطة بالرغم من كل الإستراتيجيات التي جاء بها الغرب من قبيل صناعة الأسلحة البيولوجية / الجرثومية و التي ستنهار أمام متوالية هندسية لديموغرافية الشعوب العربية و المغاربية و الإسلامية و التي ستشكل قوة بشرية سيكون لها الثقل في تغيير السياسة العالمية و التي بموجبها سيكون النظام الدولي الغربي المتغطرس في احتضار و اضمحلال و اندثار إلى غير رجعة و يكون مجرد قصة تحكى عن الأمم البائدة، و هذا الأمر يعد من النذر التي جاء بها كتاب ” موت الغرب ” و سيكون بحق إحدى النبوءات التي يمكن ادراجها في الدراسات المستقبلية المتتبعة لتطور الديمغرافية البشرية في المعمور .
أما الحملة الشعواء التي تدار في المجتمع المغاربي في اطار الدفع بأشباه المثقفين المغمورين الذين يطلون وفقا ” لمشروع عيوش ” عبر وسائل التواصل الإجتماعي سواء ضمن خطابات أو كتابات بالدارجة فإن أعمالهم تقع خارج أهل الإختصاص في دراسة العلوم بجميع فروعها و الفنون الأدبية و التي تتم في الجامعات المرموقة على المستوى العالمي باللغات الحية و ليس الدارجة أياً كانت، بل إن فرنسا ذاتها تفرض التدريس باللغة الإنجليزية في جامعاتها لأنها تعتبرها لغة العلم و هي اللغة التي تتم بها كل البحوث العلمية و الأكاديمية .
أما مكانة اللغة العربية عند الدول الغربية فهي محفوظة لديهم و يستعملونها في تدوين القضايا التاريخية و المواضيع التي يهتمون بتوثيقها و ذلك لمدة تزيد عن ستة قرون لأنهم تعلموا خاصية ثبات اللغة العربية على مستوى المبنى و المعنى و قدرتها على الحفاظ على كيانها كوحدة متجانسة و متكاملة لا يتغير أصلها مع مرور الأزمان و هي قادرة في ذات الوقت على القبول بنمو فروعها و هذا في حد ذاته يعتبر ميزة تجعل اللغة العربية اللسان الخالد بامتياز .

و الله غالب على أمره .
سليمان شاهي الدين
18 ديسمبر 2021