Uncategorized

الكنز المدفون: هل تُنقذ الطاقة الحرارية الجوفية العميقة مستقبل الكهرباء؟

د. الحسـن اشباني

1. المقدمة والمفاهميم العامة

1.1. السياق الطاقوي والتحديات الحالية

يشهد العالم اليوم طلبًا متزايدًا على الطاقة الكهربائية نتيجة للنمو السكاني المتسارع والتوسع الصناعي والتكنولوجي. في المقابل، يعتمد توليد الكهرباء في العديد من الدول على الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، وهو ما يؤدي إلى مشكلات بيئية خطيرة، مثل انبعاث الغازات الدفيئة والتغير المناخي، إضافةً إلى التحديات الاقتصادية المرتبطة بتقلبات أسعار الطاقة ونضوب الموارد الطبيعية.

وفي هذا السياق، برزت الطاقات المتجددة كبديل استراتيجي لتحقيق الاستدامة الطاقوية وتقليل التأثير البيئي. فمن جهة، توفر مصادر مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حلولًا صديقة للبيئة، لكنها تعاني من مشكلات التقطع وعدم الاستقرار بسبب تأثرها بالظروف الجوية. ومن جهة أخرى، تأتي الطاقة الحرارية الجوفية كأحد البدائل المستدامة التي تتميز باستمراريتها وعدم تأثرها بالتغيرات المناخية، مما يجعلها خيارًا واعدًا لتحقيق التوازن في مزيج الطاقة العالمي.

ومع ذلك، فإن معظم مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية الحالية تعتمد على استغلال الطبقات القريبة من سطح الأرض، مما يحد من كفاءتها وكمية الطاقة المنتجة. لذا، ظهرت تقنيات جديدة تهدف إلى استغلال الحرارة الموجودة في أعماق أكبر، تصل إلى 20 كم تحت سطح الأرض، حيث تكون درجات الحرارة مرتفعة جدًا ويمكن استخدامها بفعالية لتوليد الكهرباء على نطاق واسع.

1.2. مبدأ الطاقة الحرارية الجوفية العميقة

تعتمد الطاقة الحرارية الجوفية العميقة على مبدأ استغلال الحرارة الداخلية للأرض، والتي تتزايد مع العمق نتيجة للعمليات الجيولوجية والاضمحلال الإشعاعي للعناصر داخل القشرة والوشاح الأرضي. عند الوصول إلى أعماق تتراوح بين 10 و20 كم، يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى أكثر من 500 درجة مئوية، وهي حرارة كافية لإنتاج بخار شديد الضغط قادر على تشغيل التوربينات المخصصة لتوليد الكهرباء.

يتم تنفيذ هذه التقنية من خلال حفر آبار عميقة تصل إلى الطبقات الحارة جدًا، ثم ضخ سوائل ناقلة للحرارة (مثل الماء أو ثاني أكسيد الكربون) إلى هذه المناطق الساخنة. عند تسخين هذه السوائل، تتحول إلى بخار يُعاد ضخه إلى سطح الأرض لتدوير التوربينات المولدة للكهرباء. يمكن تنفيذ هذا النظام باستخدام تقنيات مختلفة، مثل:

  • الأنظمة الجيحرارية التقليدية: التي تعتمد على وجود خزانات طبيعية من المياه الساخنة في باطن الأرض.
  • الأنظمة الجيحرارية المحسنة (EGS): التي تستخدم الحفر العميق لتكوين خزانات اصطناعية تتيح استغلال الحرارة حتى في الصخور الجافة.
  • الأنظمة المغلقة بالدورات الثنائية: التي تستخدم سوائل خاصة منخفضة درجة الغليان لتحسين كفاءة نقل الحرارة وتحويلها إلى كهرباء.

تتميز هذه التقنية بأنها توفر مصدرًا متجددًا ومستدامًا للطاقة، حيث إن الحرارة الداخلية للأرض تُعد موردًا لا ينضب عمليًا ضمن الزمن البشري، مما يجعلها بديلاً واعدًا للوقود الأحفوري والطاقة النووية.

1.3. أهداف الملف

يهدف هذا الملف إلى تقديم دراسة شاملة حول إنتاج الكهرباء باستخدام حرارة الآبار العميقة على عمق 20 كم، من خلال:

  1. تحليل الأسس العلمية لهذه التقنية، بما في ذلك فيزياء الحرارة الجوفية والجيولوجيا الخاصة بالأعماق الكبيرة.
  2. دراسة التطورات التكنولوجية في مجال الحفر العميق وتقنيات نقل وتحويل الحرارة إلى كهرباء.
  3. مناقشة الفوائد الاقتصادية والبيئية للطاقة الحرارية الجوفية العميقة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية والمتجددة الأخرى.
  4. تقييم التحديات التي تواجه تطبيق هذه التقنية، مثل الصعوبات الجيولوجية، المخاطر الزلزالية، التكاليف العالية، والحاجة إلى تطوير مواد مقاومة للظروف القاسية.
  5. تسليط الضوء على التجارب والمشاريع الحالية التي تعمل على تطوير هذه التقنية في مختلف دول العالم، والاستفادة من الدروس المستخلصة منها.
  6. تقديم توصيات واستراتيجيات لدعم البحث العلمي والاستثمار في هذه التكنولوجيا من أجل تعزيز دورها في مستقبل الطاقة العالمي.

سيساهم هذا الملف في توفير رؤية واضحة حول إمكانيات استخدام الطاقة الحرارية الجوفية العميقة كحل مستدام لتلبية الاحتياجات الكهربائية، خاصة في ظل التوجهات العالمية نحو التخلص من الكربون وتحقيق استقلالية طاقوية طويلة الأمد.

2. الأسس العلمية والتكنولوجية

2.1. البنية الداخلية للأرض والتدفق الحراري الجوفي

يبلغ القطر المتوسط للكرة الأرضية حوالي 12,742 كم (القطر الاستوائي: حوالي 12,756 كم، القطر القطبي: حوالي 12,714 كم ). فالأرض ليست كرة مثالية، بل هي إهليلج مفلطح (flattened ellipse)، حيث تكون أعرض قليلًا عند خط الاستواء وأضيقعند القطبين بسبب دورانها. تتكون من عدة طبقات رئيسية، تختلف في تركيبها الكيميائي وخصائصها الفيزيائية، وهي:

  • القشرة الأرضية: وهي الطبقة الخارجية للأرض، تمتد إلى عمق يتراوح بين 5 و70 كم. تتكون من الصخور الرسوبية والنارية والمتحولة، وتحتوي على مصادر حرارة محدودة نسبيًا.
  • الوشاح العلوي: يقع تحت القشرة ويمتد حتى عمق 660 كم تقريبًا، ويتكون من صخور شبه منصهرة ذات لزوجة عالية، ما يسمح بحركة تيارات الحمل الحراري التي تساهم في نقل الحرارة من باطن الأرض إلى السطح.
  • الوشاح السفلي: يمتد بين 660 كم و2900 كم، وهو أكثر كثافة وسخونة، حيث تصل حرارته إلى 4000 درجة مئوية.
  • النواة الخارجية: سائلة وتتكون أساسًا من الحديد والنيكل، وتصل حرارتها إلى 6000 درجة مئوية، وهي المسؤولة عن توليد المجال المغناطيسي للأرض.
  • النواة الداخلية: صلبة رغم حرارتها العالية جدًا بسبب الضغط الهائل الواقع عليها.

ينتج التدفق الحراري الجوفي من ثلاثة مصادر رئيسية:

  1. حرارة التكوين الأولي للأرض، والتي لا تزال تنبعث منذ نشأتها قبل 4.5 مليار سنة.
  2. الاضمحلال الإشعاعي للعناصر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم داخل القشرة والوشاح.
  3. تفاعلات الضغط والاحتكاك في طبقات الأرض العميقة.

يتم انتقال هذه الحرارة إلى السطح عبر ثلاث آليات رئيسية:

  • التوصيل الحراري: عبر الصخور الصلبة، حيث تنتقل الحرارة ببطء من المناطق العميقة إلى القشرة.
  • الحمل الحراري: عبر تيارات الصهارة في الوشاح، حيث تتحرك المواد الساخنة من الأسفل إلى الأعلى، مما يساعد في نقل الطاقة الحرارية.
  • النقل عبر السوائل الجوفية: حيث تقوم المياه الجوفية باختراق الصخور الساخنة في الأعماق، ما يساهم في رفع درجة حرارتها قبل أن تعود إلى السطح.

2.2. العمق والتدرج الحراري (حالة 20 كم)

التدرج الحراري الجوفي هو المعدل الذي ترتفع به درجة الحرارة مع زيادة العمق في باطن الأرض، ويختلف من منطقة إلى أخرى حسب التكوين الجيولوجي. في معظم مناطق العالم، يبلغ التدرج الحراري المتوسط حوالي 25 إلى 30 درجة مئوية لكل كيلومتر في القشرة الأرضية.

بالتالي، عند عمق 20 كم، يمكن تقدير درجة الحرارة وفقًا للمعادلة التالية:
T=Tسطحية+(التدرجالحراري×العمق)T=Tسطحية​+(التدرجالحراري×العمق)

إذا اعتبرنا أن درجة الحرارة السطحية 15 درجة مئوية، فإن الحرارة على عمق 20 كم ستكون:
T=15+(30×20)=615درجةمئويةT=15+(30×20)=615درجةمئوية

لكن في بعض المناطق النشطة جيولوجيًا، مثل القرب من حدود الصفائح التكتونية، قد يتجاوز التدرج الحراري 40-50 درجة مئوية لكل كيلومتر، ما يعني أن الحرارة في هذه الأعماق قد تصل إلى 800-1000 درجة مئوية، مما يوفر بيئة مثالية لتوليد الطاقة الحرارية الجوفية بكفاءة عالية.

2.3. تقنيات الحفر العميق للغاية

يعد الحفر إلى عمق 20 كم تحديًا هندسيًا كبيرًا، إذ يتطلب تقنيات متطورة قادرة على التعامل مع الضغط الهائل ودرجات الحرارة المرتفعة. ومن أبرز تقنيات الحفر المستخدمة في هذه الأعماق:

1. تقنيات الحفر التقليدية (Rotary Drilling)

تعتمد على رأس حفر دوار (drill bit) يقوم بطحن الصخور أثناء دوران الحفار. يتم استخدام طين الحفر (drilling mud) لتبريد رأس الحفر ونقل فتات الصخور إلى السطح. لكن هذه التقنية تصبح أقل كفاءة في الأعماق الكبيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على مكونات الحفر.

2. الحفر باستخدام الليزر (Laser Drilling)

تقنية جديدة تعتمد على استخدام أشعة الليزر عالية الطاقة لتبخير الصخور وتسهيل عملية الاختراق. يمكن لهذه التقنية أن تقلل من التآكل في أدوات الحفر وتزيد من سرعة الإنجاز، لكنها لا تزال قيد التطوير.

3. الحفر باستخدام التفجير الحراري (Plasma and Thermal Spallation Drilling)

تعتمد على تسخين الصخور إلى درجات حرارة عالية جدًا بواسطة البلازما أو اللهب الساخن، ما يؤدي إلى تشققها وتفككها دون الحاجة إلى الاحتكاك الميكانيكي. توفر هذه الطريقة حلاً واعدًا للحفر في الأعماق الكبيرة حيث تكون الصخور صلبة جدًا.

4. الحفر بتقنية موجات الميكروويف (Microwave Drilling)

يستخدم إشعاع الميكروويف لتسخين الصخور داخليًا، ما يؤدي إلى تمددها وتشققها تلقائيًا. هذه التقنية تقلل الحاجة إلى استبدال أدوات الحفر بشكل متكرر، لكنها لا تزال بحاجة إلى تطوير لتحمل درجات الحرارة المرتفعة.

2.4. المواد والتحديات التقنية المرتبطة بالظروف القصوى

عند الوصول إلى عمق 20 كم، تصبح الظروف البيئية قاسية جدًا، وتشمل التحديات ما يلي:

  1. درجات الحرارة العالية:
    • درجات حرارة قد تصل إلى 800-1000 درجة مئوية تؤدي إلى تآكل معدات الحفر بسرعة كبيرة.
    • الحل: استخدام سبائك معدنية خاصة مثل التنجستن والتيتانيوم، أو سيراميك مقاوم للحرارة.
  2. الضغوط الهائلة:
    • عند عمق 20 كم، يمكن أن يتجاوز الضغط 1000 ميغا باسكال (Bar 10 =1MPa).، ما قد يؤدي إلى انهيار جدران البئر.
    • الحل: استخدام أنابيب تبطين فائقة القوة مصنوعة من الفولاذ المقوى أو المواد المركبة المتطورة.
  3. تأثيرات التآكل والكيمياء الجيولوجية:
    • بعض الصخور تحتوي على مركبات كيميائية عدوانية مثل الكبريتيد والهيدروجين،(Sulfide and hydrogen,) ما قد يسبب تآكل المعدات.
    • الحل: طلاء معدات الحفر بمواد مقاومة للتآكل، مثل سبائك النيكل والكوبالت (Nickel Cobalt Alloys).
  4. مشكلات التبريد:
    • ارتفاع درجة الحرارة يؤثر على كفاءة المعدات الإلكترونية وأجهزة الاستشعار المستخدمة في الحفر.
    • الحل: تطوير أنظمة تبريد متقدمة باستخدام سوائل تبريد خاصة مثل ثاني أكسيد الكربون السائل أو الهيليوم المضغوط.
  5. التحكم في استقرار البئر:
    • مع ازدياد العمق، تصبح الصخور أكثر هشاشة وقد تتسبب الضغوط الداخلية في حدوث انهيارات مفاجئة.
    • الحل: استخدام تقنيات الحقن الهيدروليكي ( عمليات تستخدم ضغط السوائل (عادة الماء أو المواد الكيميائية) لتفتيت الصخور أو تحسين تدفق الموارد مثل النفط أو الغاز.) لتعزيز استقرار الصخور أثناء الحفر.

إن استغلال حرارة الأرض على عمق 20 كم يتطلب تطوير تقنيات حفر متقدمة ومواد فائقة المقاومة قادرة على التعامل مع الظروف القصوى. ومع التقدم في الأبحاث الهندسية، يمكن أن تصبح هذه التقنية واحدة من أكثر مصادر الطاقة المتجددة كفاءة واستدامة في المستقبل، ما سيساهم في تحقيق تحول جذري في قطاع الطاقة العالمي.

3. إنتاج الكهرباء من حرارة الأرض

3.1. مبدأ عمل محطات الطاقة الحرارية الجوفية

تعتمد محطات الطاقة الحرارية الجوفية على استخراج الحرارة المخزنة في باطن الأرض وتحويلها إلى طاقة كهربائية عبر مجموعة من العمليات الهندسية والفيزيائية المعقدة. هذه العملية تتم عبر خمس مراحل رئيسية:

1. استخراج الحرارة من باطن الأرض

المصدر : https://ecss.com.eg/45216/
  • يتم حفر آبار عميقة للوصول إلى الصخور الساخنة أو خزانات المياه الجوفية الحارة.
  • يتم ضخ سائل ناقل للحرارة (مثل الماء أو الغازات الحرارية) إلى باطن الأرض من خلال أنابيب تتحمل درجات حرارة وضغوطًا عالية.
  • عند وصول السائل إلى الطبقات الساخنة، ترتفع درجة حرارته بسرعة، مما يسمح له باكتساب كمية هائلة من الطاقة الحرارية.

2. نقل الحرارة إلى السطح

  • بعد امتصاص الحرارة، يعود السائل إلى السطح، إما كبخار (في حالة وجود مياه جوفية طبيعية) أو على شكل سائل شديد السخونة.
  • إذا كان السائل عبارة عن ماء مضغوط، فإنه يتمدد عند الوصول إلى الضغط الجوي، مما يؤدي إلى إنتاج بخار يستخدم في تحريك التوربينات.

3. تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية

  • البخار أو السائل الساخن يدخل إلى التوربينات الحرارية.
  • التوربينات تحتوي على شفرات تتحرك بفعل ضغط البخار، مما يحوّل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية على شكل حركة دورانية.

4. تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية

  • يتم توصيل التوربينات بمولد كهربائي يعمل على تحويل الحركة الدورانية إلى كهرباء.
  • تعتمد كمية الكهرباء المنتجة على درجة حرارة السائل، وضغط البخار، وكفاءة التوربينات (الملحق 1).

5. إعادة تدوير السائل الحراري

  • بعد مروره عبر التوربينات، يبرد البخار ويتكثف ليعود إلى الحالة السائلة.
  • يتم إعادة ضخ السائل إلى البئر لاستخراج حرارة جديدة، مما يجعل الدورة مستمرة ومستدامة.

3.2. أنظمة الدائرة المغلقة مقابل الدائرة المفتوحة

1. أنظمة الدائرة المفتوحة (Open-Loop Systems)

  • تستخدم المياه الجوفية الحارة الموجودة طبيعيًا في باطن الأرض.
  • يتم استخراج البخار أو الماء الساخن مباشرةً من الطبقات الجوفية، حيث يُستخدم في تشغيل التوربينات.
  • بعد توليد الكهرباء، يتم تصريف المياه إلى سطح الأرض أو إعادة ضخها إلى باطن الأرض للحفاظ على التوازن المائي.
المزايا:

✔️ كفاءة حرارية عالية بسبب استخدام البخار الطبيعي المضغوط.
✔️ لا تحتاج إلى أنظمة تبادل حراري معقدة.

العيوب:

❌ استنزاف المياه الجوفية، مما قد يؤثر على النظام البيئي.
❌ احتمالية انبعاث غازات ضارة مثل كبريتيد الهيدروجين (H₂S).
❌ غير متاحة في جميع المواقع، حيث تتطلب وجود خزانات مياه ساخنة طبيعية.


2. أنظمة الدائرة المغلقة (Closed-Loop Systems)

  • تعتمد على استخدام سائل اصطناعي (مثل ثاني أكسيد الكربون أو زيوت حرارية خاصة) يتم تسخينه داخل الأرض.
  • السائل لا يختلط بالمياه الجوفية، بل يدور داخل أنابيب محكمة الإغلاق.
  • بمجرد تسخينه، يعود السائل إلى السطح، حيث يتم نقل حرارته إلى وسط آخر يدير التوربينات.
المزايا:

✔️ لا تؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية.
✔️ لا تسبب انبعاثات غازات ضارة.
✔️ يمكن استخدامها في أي مكان دون الحاجة إلى خزانات مياه جوفية طبيعية.

العيوب:

❌ تحتاج إلى أنظمة تبادل حراري متطورة.
❌ تكلفة الإنشاء والصيانة أعلى من أنظمة الدائرة المفتوحة.


3.3. تحويل الحرارة إلى كهرباء (التوربينات، السوائل الناقلة للحرارة)

1. أنواع التوربينات الحرارية

أ. التوربينات البخارية التقليدية
  • تُستخدم عند درجات حرارة عالية (أكثر من 150 درجة مئوية).
  • البخار المضغوط يدور التوربينات مباشرةً، مما يولد الطاقة الكهربائية.
  • تُستخدم في معظم محطات الطاقة الحرارية الجوفية التقليدية.
ب. التوربينات ذات الدورة الثنائية (Binary Cycle Turbines)
  • تُستخدم في درجات الحرارة المنخفضة (100-150 درجة مئوية).
  • تعتمد على نقل الحرارة إلى سائل آخر ذو نقطة غليان منخفضة (مثل الأيزوبنتان أو الأمونيا)، مما يجعله يتبخر ويدير التوربينات.
  • مناسبة للمناطق التي لا تحتوي على مياه جوفية حارة جدًا.
ج. التوربينات فوق الحرcritical (Supercritical Turbines)
  • تُستخدم عند درجات حرارة عالية جدًا (أكثر من 374 درجة مئوية).
  • تستخدم موائع خاصة مثل ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج (Supercritical CO₂) لزيادة كفاءة توليد الكهرباء.
  • تعتبر من التقنيات الواعدة في مجال الطاقة الحرارية الجوفية العميقة.

2. السوائل الناقلة للحرارة

أ. الماء
  • هو السائل الأكثر استخدامًا في الأنظمة التقليدية.
  • يتميز بقدرته على تخزين ونقل الحرارة بكفاءة عالية.
  • العيب الرئيسي هو فقدانه عند الضغوط العالية.
ب. ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج (Supercritical CO₂)
  • يتمتع بخصائص فيزيائية تسمح له بامتصاص ونقل الحرارة بكفاءة أعلى من الماء.
  • لا يسبب تآكل الأنابيب مثل الماء الساخن.
  • يمكنه العمل عند درجات حرارة وضغوط مرتفعة دون فقدان كميات كبيرة منه.
ج. الموائع العضوية (Organic Rankine Cycle – ORC)
  • تُستخدم في أنظمة الدورة الثنائية للاستفادة من درجات الحرارة المنخفضة.
  • تتميز بكفاءة تحويل حراري جيدة عند الاستخدام في الدورات المغلقة.

3.4. مقارنة مع الطاقة الحرارية الجوفية التقليدية

العاملالطاقة الحرارية الجوفية التقليديةالطاقة الحرارية الجوفية العميقة (20 كم)
درجة الحرارةبين 150-300 درجة مئويةبين 600-1000 درجة مئوية
التدرج الحراري25-40 درجة مئوية/كم30-50 درجة مئوية/كم
نوع الصخور المستهدفةخزانات مائية طبيعيةصخور جافة ساخنة
أنظمة التشغيلأنظمة بخارية مباشرة أو دورة ثنائيةأنظمة فوق حرcritical أو دورة مغلقة مع CO₂
كفاءة تحويل الحرارة إلى كهرباء10-20%30-50%
التحديات التقنيةتسرب السوائل، الحاجة إلى وجود مياه جوفيةدرجات الحرارة العالية، المواد المقاومة، تكلفة الحفر
التأثير البيئيانبعاث غازات مثل H₂S، استنزاف المياه الجوفيةتأثيرات زلزالية محتملة، لكن أقل استنزافًا للمياه
التكلفة الأوليةأقل تكلفة بسبب الأعماق القليلةمرتفعة جدًا بسبب تعقيد الحفر والمواد المقاومة

يظهر أن استخدام الطاقة الحرارية الجوفية العميقة يمكن أن يكون مستقبلًا واعدًا لإنتاج الكهرباء، رغم التحديات التقنية والمالية. ومع تطور تقنيات الحفر وتحسين المواد المقاومة للظروف القاسية، قد يصبح هذا النوع من الطاقة أحد الحلول المستدامة لتوفير كهرباء نظيفة على نطاق واسع.

4. دراسات الجدوى والمشاريع الجارية

يتطلب تطوير الطاقة الحرارية الجوفية العميقة دراسات جدوى دقيقة تأخذ في الاعتبار الجوانب التقنية، الاقتصادية، والبيئية. في هذا القسم، سنناقش التجارب والتطورات العلمية، المشاريع الجارية، الجوانب المالية للبنية التحتية، بالإضافة إلى مقارنة الطاقة الحرارية الجوفية العميقة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى.

4.1. التجارب والتطورات العلمية

تعتمد جدوى الطاقة الحرارية الجوفية العميقة على التقدم التكنولوجي في عدة مجالات، من تقنيات الحفر المتقدمة إلى تحسين كفاءة أنظمة نقل الحرارة. فيما يلي بعض المحاور الرئيسية في البحث والتطوير:

1. دراسات الجيولوجيا الحرارية للأعماق الكبيرة

  • يتم إجراء نمذجة جيولوجية دقيقة لدراسة البنية الداخلية للأرض، وتحديد المناطق التي تحتوي على صخور ذات حرارة مرتفعة على أعماق تصل إلى 20 كم.
  • تعتمد هذه الدراسات على بيانات الأقمار الصناعية، المسوحات الزلزالية، وتحليل عينات الصخور المستخرجة من الآبار العميقة.

2. تحسين تقنيات الحفر الفائق العمق

  • استخدام تقنيات الحفر الموجه (Directional Drilling) لزيادة كفاءة استكشاف الصخور الساخنة وتقليل تكلفة الحفر.
  • تطوير رؤوس حفر مقاومة للحرارة العالية تصل إلى 1000 درجة مئوية، مع تحسين أنظمة التبريد للحفاظ على كفاءة المعدات.
  • تجريب تقنيات الحفر الليزري التي قد تقلل من الحاجة إلى رؤوس الحفر التقليدية، مما يخفض التكاليف ويحسن معدل الاختراق.

3. تطوير أنظمة نقل الحرارة

  • اختبار موائع حرارية متقدمة، مثل ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج (Supercritical CO₂)، والتي تملك قدرة عالية على امتصاص ونقل الحرارة من الصخور الساخنة.
  • تحسين تصميم الأنابيب المقاومة للضغط والحرارة، والتي تتحمل الظروف القاسية على أعماق تصل إلى 20 كم دون حدوث تسرب أو تآكل.

4. استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الأنظمة

  • تحليل البيانات الحرارية الجوفية باستخدام التعلم الآلي لتحديد المناطق الأكثر جدوى لاستخراج الطاقة الحرارية.
  • تحسين مراقبة الآبار العميقة عبر أجهزة استشعار ذكية يمكنها التنبؤ بالمشكلات التقنية قبل حدوثها.

4.2. المشاريع الجارية والدراسات التجريبية في الطاقة الحرارية الجوفية العميقة

1. المشاريع الرائدة عالميًا

✅ مشروع Ittingen-Switzerland (سويسرا)

  • الموقع: إيتينغن، سويسرا
  • السنة: بدأ العمل به في أوائل العقد 2010
  • الأهداف:
    • اختبار تقنيات الحفر العميق في الصخور الجافة الساخنة.
    • تقييم كفاءة أنظمة استخراج الحرارة باستخدام تقنيات مبتكرة.
  • التكنولوجيا المستخدمة:
    • نظام الدائرة المغلقة (Closed-Loop System) باستخدام ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج (Supercritical CO₂)بدلاً من الماء لزيادة كفاءة نقل الحرارة.
  • التحديات:
    • تحسين كفاءة الاستخلاص الحراري من الصخور الصلبة.
    • التكاليف العالية لتطوير التقنية مقارنةً بالأنظمة التقليدية.
  • التأثير:
    • يُعد نموذجًا واعدًا لخفض استهلاك المياه في أنظمة الطاقة الحرارية الجوفية.

✅ مشروع Fenton Hill (الولايات المتحدة)

  • الموقع: نيو مكسيكو، الولايات المتحدة
  • السنة: بدأ في السبعينيات (1974-1995)
  • الأهداف:
    • أول تجربة ناجحة في تطوير أنظمة الطاقة الحرارية الجوفية المحفزة (Enhanced Geothermal Systems – EGS).
    • اختبار تقنيات التكسير الهيدروليكي الحراري لزيادة إنتاجية الحرارة من الصخور الساخنة الجافة.
  • التكنولوجيا المستخدمة:
    • ضخ مياه بضغط عالٍ في أعماق الصخور الساخنة لتوسيع الكسور الطبيعية وإنشاء خزان حراري صناعي.
  • التحديات:
    • فقدان كميات كبيرة من المياه بسبب امتصاص الصخور لها.
    • الحاجة إلى تقنيات أكثر تطورًا لزيادة فعالية نقل الحرارة.
  • التأثير:
    • ساعد في تطوير أسس تقنيات EGS الحديثة والتي لا تزال تُستخدم في مشاريع الطاقة الجوفية العميقة اليوم.

✅ مشروع Soultz-sous-Forêts (فرنسا)

  • الموقع: شمال شرق فرنسا
  • السنة: بدأ في الثمانينيات (1987 – حتى الآن)
  • الأهداف:
    • دراسة إمكانيات الطاقة الحرارية الجوفية العميقة في الصخور الجافة الساخنة.
    • اختبار التكنولوجيا ثنائية الدورة (Binary Cycle Technology) لتحسين استخراج الطاقة الحرارية.
  • التكنولوجيا المستخدمة:
    • نقل الحرارة باستخدام سوائل عضوية بدلاً من الماء، مما يسمح بتشغيل المحطة الحرارية عند درجات حرارة منخفضة (~150°C).
  • التحديات:
    • تطوير نماذج محاكاة حرارية دقيقة لتحسين كفاءة تشغيل المحطات.
  • التأثير:
    • ساهم في تحسين أنظمة التبادل الحراري بين الصخور الجافة والسوائل الناقلة للحرارة، مما جعل التكنولوجيا أكثر كفاءة في توليد الكهرباء.

✅ مشروع FORGE (الولايات المتحدة، ولاية يوتا)

  • الموقع: ميلفورد، ولاية يوتا، الولايات المتحدة
  • السنة: بدأ في 2016 ولا يزال مستمرًا
  • الأهداف:
    • إنشاء أكبر حقل اختبار عالمي لأنظمة الطاقة الحرارية الجوفية المحفزة (EGS).
    • تطوير تقنيات تحفيز الخزانات الحرارية الجوفية وزيادة استخراج الحرارة من الصخور الجافة.
  • التكنولوجيا المستخدمة:
    • استخدام تقنيات التكسير الهيدروليكي الحراري لإنشاء خزانات صناعية فعالة.
    • أنظمة متقدمة لقياس سلوك تدفق السوائل والحرارة في الصخور العميقة.
  • التحديات:
    • ضمان استدامة الخزانات الحرارية وعدم فقدان السوائل المستخدمة.
    • تقليل المخاطر الزلزالية المحتملة بسبب عمليات التكسير الهيدروليكي.
  • التأثير:
    • يُعتبر مشروع FORGE منصة بحثية عالمية لدراسة كيفية تحسين كفاءة الطاقة الحرارية الجوفية العميقة.

2. التحديات التي تواجه المشاريع التجريبية

  • ارتفاع تكاليف الحفر العميق بسبب الحاجة إلى معدات متطورة تتحمل الظروف القاسية.
  • المخاطر الجيولوجية مثل الزلازل المستحثة نتيجة التكسير الهيدروليكي في الصخور العميقة.
  • عدم توفر بيانات كافية عن التدرج الحراري في الأعماق الكبيرة، مما يزيد من صعوبة تقييم الجدوى الاقتصادية للمشاريع.

✅ “كاسا ديابلو 4” (الولايات المتحدة الأمريكية)

  • الموقع: كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية
  • الاستطاعة: 30 ميجاواط
  • الوصف: تُعد محطة “كاسا ديابلو 4” (CD4) من أحدث مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية في الولايات المتحدة، وتعمل على تعزيز قدرات توليد الكهرباء من المصادر الجوفية.

✅  مشروع “سارولا” (إندونيسيا)

  • الموقع: شمال سومطرة، إندونيسيا
  • الاستطاعة: 330 ميجاواط
  • الوصف: يُعتبر مشروع “سارولا” من أكبر محطات الطاقة الحرارية الجوفية في العالم، ويُساهم بشكل كبير في تعزيز قدرات إندونيسيا على توليد الكهرباء من المصادر المتجددة.

مشروع “أدنوك” و”تبريد” للطاقة الحرارية الجوفية (الإمارات العربية المتحدة)

مشروع أدنوك وتبريد للطاقة الحرارية الأرضية (الإمارات العربية المتحدة)
  • الموقع: أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة
  • الوصف: في خطوة رائدة على مستوى المنطقة، أعلنت شركتا “أدنوك” و”تبريد” عن تنفيذ أول مشروع لاستخدام الطاقة الحرارية الجوفية في تبريد المناطق. يهدف هذا المشروع إلى استغلال الحرارة الجوفية لتوفير حلول تبريد مستدامة وفعّالة، مما يُعزز من جهود الإمارات في تبني تقنيات الطاقة النظيفة. adnoc.ae

مبادرة بناء قدرات الطاقة الحرارية الجوفية (مصر)

  • الموقع: مصر
  • الوصف: أُطلقت هذه المبادرة بهدف تطوير الخبرات المحلية في مجال الطاقة الحرارية الجوفية. تشمل الأهداف تقديم دبلومة متخصصة في هندسة الطاقة الحرارية الجوفية، وإنشاء مصنع تجريبي تعليمي ومختبرات متخصصة في الجامعات المصرية، بالإضافة إلى تأسيس جمعية وطنية للطاقة الحرارية الجوفية بحلول عام 2024. Enterprise Press

مشروع الطاقة الحرارية الجوفية في المملكة العربية السعودية

  • الموقع: المملكة العربية السعودية
  • الوصف: تسعى المملكة إلى استكشاف إمكانات الطاقة الحرارية الجوفية كجزء من استراتيجيتها لتنويع مصادر الطاقة. تُشير الدراسات إلى وجود إمكانات كبيرة لاستغلال هذه الطاقة، مع التركيز على تطوير تقنيات الحفر المحسنة وتقليل التكاليف المرتبطة بالاستكشاف. 

جدولً مُحدثً يجمع بين المشاريع الرائدة عالميًا والمشاريع الحديثة، :

المشروعالموقعالاستطاعة (ميجاواط)سنة المشروعالوصف
Ittingen-Switzerlandسويسراغير محددتجريبي (حديث)مشروع لاختبار تقنيات الحفر العميق باستخدام نظام الدائرة المغلقة (CO₂ فائق الحرج).
Fenton Hillالولايات المتحدةغير محدد1974 – 1995أول تجربة ناجحة في أنظمة الطاقة الحرارية الجوفية المحفزة (EGS)، ساهم في تطوير تقنيات التكسير الحراري.
Soultz-sous-Forêtsفرنسا151987 – حاليًاأول من اختبر التكنولوجيا ثنائية الدورة (Binary Cycle)، ساعد في تطوير نماذج محاكاة حرارية متقدمة.
FORGE (Frontier Observatory for Research in Geothermal Energy)الولايات المتحدة (يوتا)تجريبي2016 – حاليًامشروع بحثي لتطوير أنظمة هندسة الخزانات الحرارية الجوفية المحفزة (EGS).
كاسا ديابلو 4كاليفورنيا، الولايات المتحدة302021محطة حديثة لتعزيز قدرات توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الجوفية.
سارولاشمال سومطرة، إندونيسيا3302017 – حاليًاواحدة من أكبر محطات الطاقة الحرارية الجوفية في العالم.
مشروع أدنوك وتبريدأبوظبي، الإماراتغير محدد2023أول مشروع في المنطقة لاستخدام الطاقة الحرارية الجوفية في تبريد المناطق.
مبادرة بناء القدرات في مصرمصرغير محدد2022 – 2024تهدف إلى تطوير الخبرات المحلية، إنشاء مصنع تجريبي ومختبرات متخصصة.
مشروع السعودية لاستكشاف الطاقة الحرارية الجوفيةالسعوديةغير محددقيد الدراسة (2024 – مستقبلًا)يهدف إلى استكشاف إمكانات الطاقة الحرارية الجوفية ضمن استراتيجية تنويع مصادر الطاقة.

ملخص وتحليل

  • المشاريع القديمة (1970s – 1990s): ركزت على الاختبارات الأولية لتقنيات الطاقة الحرارية الجوفية، مثل أنظمة EGS والدورة الثنائية.
  • المشاريع المتوسطة (2000 – 2015): انتقلت إلى مشاريع إنتاجية، خاصة في فرنسا وإندونيسيا، مع تطبيقات عملية أوسع.
  • المشاريع الحديثة (2016 – الآن): شهدت الولايات المتحدة، إندونيسيا، والإمارات استثمارات جديدة مع تقنيات مبتكرة مثل تبريد المناطق باستخدام الطاقة الحرارية الجوفية، كما أن السعودية ومصر بدأتا في دراسة إمكانات هذا المصدر.

4.3. مشاريع 2025 في مجال الطاقة الحرارية الجوفية

إحدى محطات الطاقة الحرارية الأرضية – الصورة من ناشونال جيوغرافك

تسعى الولايات المتحدة والصين إلى تعزيز استثماراتهما في مجال الطاقة الحرارية الجوفية. المشروع الأمريكي يهدف إلى استغلال أعماق الأرض لتوليد الكهرباء بشكل مستدام، بينما تركز الصين على توسيع قدراتها في هذا المجال لمضاعفة إنتاجها بحلول عام 2025.

المشروعالموقعالاستطاعة (ميجاواط)سنة المشروعالوصف
مشروع الحفر العميق في الولايات المتحدةالولايات المتحدةغير محدد2025يهدف هذا المشروع إلى حفر أعمق حفرة في التاريخ بعمق يصل إلى 20 كيلومترًا للوصول إلى طبقات الأرض ذات درجات حرارة تزيد عن 500 درجة مئوية. عند ضخ المياه إلى هذه الطبقات، تتحول فورًا إلى بخار عالي الضغط يمكن استخدامه لتشغيل التوربينات وإنتاج كهرباء نظيفة ومتجددة على مدار الساعة. nesan.net
توسعة مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية في الصينالصينغير محدد2025تخطط الصين لإضافة 75 مليون متر مربع من مساحات الطاقة الحرارية الجوفية، بهدف مضاعفة قدرتها المركبة لتوليد الطاقة الحرارية الجوفية مقارنة بمستويات عام 2020. attaqa.net

4.4. التكلفة وربحية البنية التحتية

1. تحليل التكاليف

تشمل تكلفة إنشاء محطة للطاقة الحرارية الجوفية العميقة عدة عوامل رئيسية:

العنصرالتكلفة التقديرية لكل ميغاواط (MW)
تكلفة الحفر (20 كم)10-20 مليون دولار
تكلفة أنظمة نقل الحرارة5-10 مليون دولار
تكلفة التوربينات والمولدات3-6 مليون دولار
التكلفة الإجمالية لكل ميغاواط18-36 مليون دولار

2. مقارنة التكلفة بغيرها من مصادر الطاقة

عند مقارنة تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الحرارية الجوفية العميقة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى، نلاحظ ما يلي:

المصدرتكلفة الإنتاج (دولار لكل ميغاواط-ساعة)عمر المحطة (سنة)
الطاقة الشمسية30-60 دولار25-30 سنة
طاقة الرياح40-80 دولار20-25 سنة
الطاقة الحرارية الجوفية التقليدية50-100 دولار30-50 سنة
الطاقة الحرارية الجوفية العميقة (20 كم)80-200 دولار50-100 سنة

3. العوائد الاقتصادية

رغم ارتفاع التكاليف الأولية، فإن الطاقة الحرارية الجوفية العميقة توفر إنتاجًا مستقرًا على مدار الساعة، مما يعزز جدواها الاقتصادية على المدى الطويل. كما أن فترة عمرها الطويلة (50-100 سنة) تعوض عن تكلفة الاستثمار العالية.

4.5. المقارنة مع مصادر الطاقة المتجددة الأخر

الطاقة الحرارية الجوفية العميقة تعد حلاً واعدًا لإنتاج الكهرباء بشكل مستدام ومستمر، رغم التحديات التقنية والتكلفة الأولية المرتفعة. ومع تطور تقنيات الحفر ونقل الحرارة، قد تصبح هذه التقنية أكثر جدوى مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى، خاصة في المناطق التي لا تصلح لتوليد الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

العاملالطاقة الحرارية الجوفية العميقةالطاقة الشمسيةطاقة الرياح
توفر المصدرمتوفرة دائمًاتعتمد على ضوء الشمستعتمد على سرعة الرياح
إمكانية التخزينلا تحتاج إلى تخزينتحتاج إلى بطاريات مكلفةتحتاج إلى بطاريات مكلفة
المساحة المطلوبةصغيرة نسبيًاتحتاج مساحات واسعةتحتاج مساحات واسعة
الاستدامة البيئيةتأثير زلزالي محتملتأثير بيئي منخفضقد تؤثر على الطيور والحياة البرية
عمر المحطة50-100 سنة25-30 سنة20-25 سنة
تكلفة التشغيل والصيانةمتوسطةمنخفضةمنخفضة إلى متوسطة

5. التحديات والقيود

رغم أن الطاقة الحرارية الجوفية العميقة تقدم إمكانيات هائلة لتوليد الكهرباء بشكل مستدام، إلا أن هناك العديد من التحديات التقنية، الاقتصادية، والبيئية التي قد تعيق تطورها على نطاق واسع. يتناول هذا القسم القيود الجيولوجية والمخاطر الزلزالية، الأثر البيئي، استهلاك الطاقة أثناء الحفر والعائد على الاستثمار، بالإضافة إلى الأطر التنظيمية والتشريعات التي تحكم هذا القطاع.

5.1. القيود الجيولوجية والمخاطر الزلزالية

1. تعقيد التكوينات الجيولوجية

  • يختلف التركيب الجيولوجي للأرض بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، مما يجعل تحديد المواقع المناسبة لاستخراج الحرارة بفعاليةتحديًا كبيرًا.
  • بعض المناطق تحتوي على صخور مسامية تسهل نقل الحرارة، بينما مناطق أخرى تتكون من صخور كثيفة صعبة الاختراق تتطلب عمليات تكسير متقدمة.
  • تتطلب دراسة جيولوجية مكثفة قبل بدء أي مشروع، وتشمل المسح الزلزالي، تحليل الطبقات الصخرية، ومحاكاة تدفق الحرارة عبر التكوينات الجوفية.

2. التأثيرات الزلزالية الناتجة عن العمليات الجوفية

  • الزلازل المستحثة (المصطنعة) هي واحدة من أكبر التحديات في مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية العميقة، حيث تؤدي عمليات الحفر والتكسير الهيدروليكي إلى تغيرات في الإجهادات الجيولوجية قد تسبب هزات أرضية صغيرة أو متوسطة الشدة.
  • تم تسجيل هزات زلزالية خفيفة في عدة مشاريع، مثل مشروع بازل في سويسرا (2006)، مما أدى إلى تعليق المشروع بسبب مخاوف السلامة.
  • يتم تطوير نظم مراقبة زلزالية متقدمة لتقليل المخاطر، مثل المراقبة اللحظية لحركة القشرة الأرضية، وتقنيات التحكم في ضغط السوائل داخل الصخور الساخنة.

3. عمق الحفر والتحديات الجيوتقنية

  • تتطلب المشاريع التي تصل إلى 20 كم تحت سطح الأرض تقنيات حفر متطورة جدًا بسبب الضغوط العالية ودرجات الحرارة الشديدة.
  • قد تواجه معدات الحفر مشكلات التآكل والتلف السريع بسبب الحرارة العالية والضغط الكبير، مما يزيد من تكاليف الصيانة ويؤثر على الجدوى الاقتصادية.

5.2. الاستدامة والتأثير البيئي

1. تأثيرات استخدام المياه والسوائل الناقلة للحرارة

  • تعتمد بعض الأنظمة على حقن المياه الباردة في الصخور الساخنة لامتصاص الحرارة وتحويلها إلى بخار، مما قد يؤدي إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية في المناطق القاحلة.
  • يتم البحث عن بدائل للمياه التقليدية مثل ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج (Supercritical CO₂) او  scCO 
    2 ، والذي يمكنه نقل الحرارة بكفاءة عالية دون استهلاك كميات كبيرة من المياه.

2. تسرب الغازات الجوفية

  • في بعض المشاريع، تم تسجيل تسرب غازات مثل ثاني أكسيد الكربون (CO₂) وكبريتيد الهيدروجين (H₂S) من الشقوق الصخرية إلى الغلاف الجوي.
  • يمكن أن يكون لهذه الانبعاثات تأثير بيئي إذا لم تتم إدارتها بشكل جيد عبر أنظمة احتواء الغاز وإعادة حقنه في الأرض.

3. التأثير على النظم البيئية والتربة

  • قد تؤثر عمليات الحفر والتكسير الهيدروليكي على تركيبة التربة الجوفية، مما قد يؤدي إلى تغييرات في مسارات تدفق المياه الجوفية.
  • هناك قلق بشأن إمكانية حدوث تلوث للتربة والمياه الجوفية بسبب التفاعلات الكيميائية بين الصخور والسوائل المستخدمة في النظام الحراري.

5.3. استهلاك الطاقة أثناء الحفر والعائد على الاستثمار

1. استهلاك الطاقة خلال الحفر والتشغيل

  • تعتبر عملية حفر الآبار العميقة من العمليات عالية الاستهلاك للطاقة، حيث تتطلب معدات متطورة وأجهزة حفر قادرة على اختراق الصخور الصلبة في درجات حرارة عالية.
  • من المتوقع أن يستهلك حفر بئر واحدة بعمق 20 كم كمية ضخمة من الطاقة قد تصل إلى 10-20 ميغاواط-ساعة، مما يزيد من البصمة الكربونية الأولية للمشروع.
  • يتم البحث عن حلول مثل استخدام الطاقة المتجددة في عمليات الحفر للحد من التأثير البيئي.

2. حساب العائد على الاستثمار (ROI)

  • نظرًا للتكاليف العالية للحفر والبنية التحتية، فإن فترة استرداد رأس المال في مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية العميقة قد تستغرق 15-30 سنة.
  • العائد على الاستثمار يعتمد على كفاءة الاستخراج الحراري، ومعدلات الإنتاج الفعلي، وأسعار الكهرباء المتوقعة في السوق.
  • رغم التكاليف الأولية المرتفعة، فإن المحطات الحرارية الجوفية العميقة توفر مصدر طاقة ثابتًا ومنخفض الصيانة، مما يجعلها استثمارًا طويل الأجل مجديًا.

3. مقارنة كفاءة الطاقة الحرارية الجوفية العميقة بالمصادر الأخرى

العاملالطاقة الحرارية الجوفية العميقةالطاقة الشمسيةطاقة الرياحالطاقة النووية
كفاءة التحويل الحراري45-55%15-22%30-45%33-40%
إنتاج الطاقة المستمرنعم، 24/7لا، يعتمد على ضوء الشمسلا، يعتمد على سرعة الرياحنعم، 24/7
التكلفة الأوليةمرتفعة جدًامنخفضةمتوسطةمرتفعة
عمر التشغيل50-100 سنة25-30 سنة20-25 سنة40-60 سنة

5.4. الأطر التنظيمية والتشريعات

رغم وجود تحديات كبيرة في تطوير الطاقة الحرارية الجوفية العميقة، إلا أن التطورات التكنولوجية في الحفر، استهلاك الطاقة، وإدارة المخاطر الزلزالية قد تجعلها خيارًا منافسًا لمصادر الطاقة المتجددة الأخرى. لا تزال هناك حاجة إلى إطار تنظيمي واضح، وحوافز مالية، وتقنيات جديدة لجعل هذه التقنية أكثر استدامة وفعالية من حيث التكلفة.

1. القوانين واللوائح البيئية

  • تفرض معظم الدول قيودًا صارمة على المشاريع الجيولوجية العميقة لحماية البيئة والحد من التأثيرات الزلزالية المحتملة.
  • تتطلب مشاريع الطاقة الحرارية الجوفية العميقة تقييمات بيئية شاملة تشمل دراسة تأثير المشروع على التربة، المياه الجوفية، والهواء.
  • بعض الدول تفرض حدودًا على كميات المياه المستخدمة، مما قد يحد من تبني الأنظمة التقليدية التي تعتمد على ضخ المياه الباردة في الصخور الساخنة.

2. القوانين المتعلقة بملكية الموارد الجوفية

  • تختلف التشريعات المتعلقة بملكية الموارد الحرارية الجوفية من دولة لأخرى، حيث تعتبر بعض الدول أن الحرارة الجوفية ملكية عامة، بينما تسمح دول أخرى للشركات الخاصة باستثمارها وفق تراخيص محددة.
  • في بعض الدول، قد تتطلب المشاريع موافقة عدة جهات حكومية، مثل وزارات البيئة، الطاقة، والموارد الطبيعية.

3. الحوافز الحكومية والتمويل

  • بعض الحكومات تقدم إعفاءات ضريبية وحوافز مالية لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الحرارية الجوفية العميقة.
  • هناك تمويل متاح من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لدعم تطوير تقنيات الحفر العميق.
  • رغم ذلك، لا تزال البيروقراطية وتعقيد الحصول على التراخيص من العوائق الرئيسية أمام تنفيذ مشاريع واسعة النطاق.

6. الآفاق والابتكارات

تعد الطاقة الحرارية الجوفية العميقة من الحلول الواعدة التي يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في الانتقال إلى نظام طاقوي أكثر استدامة. يهدف هذا القسم إلى استعراض الابتكارات التكنولوجية التي يمكن أن تحسن كفاءة استخراج الطاقة الحرارية الجوفية، وإمكانية دمجها في مزيج الطاقة العالمي، بالإضافة إلى تكاملها مع تقنيات أخرى مثل تخزين الطاقة والهيدروجين الأخضر.


6.1. التطورات التكنولوجية في الحفر وتحويل الطاقة

1. تحسين تقنيات الحفر العميق

  • الحفر بالليزر والتقنيات الحرارية: تُجرى حاليًا أبحاث حول استخدام الليزر وطرق التسخين الحراري لتفتيت الصخور بدلًا من استخدام المثاقب التقليدية، مما قد يقلل من التآكل ويزيد من سرعة الحفر.
  • تقنية الحفر النفاث بالماء الفائق الضغط: تعتمد هذه التقنية على ضخ الماء بضغط عالٍ جدًا مع جزيئات كاشطة لقطع الصخور بطريقة أكثر كفاءة.
  • الروبوتات الجوفية الذكية: يتم تطوير أنظمة آلية يمكنها التنقل داخل الآبار الجوفية لإجراء عمليات الصيانة والكشف عن المشكلات المحتملة.

2. تحسين تحويل الحرارة إلى كهرباء

  • التوربينات المتطورة: يجري العمل على تطوير توربينات تعمل بموائع جديدة ذات قدرة أكبر على نقل الحرارة مقارنة بالبخار التقليدي.
  • استخدام الموائع الفائقة (Supercritical Fluids): مثل ثاني أكسيد الكربون الفائق الحرج الذي يتمتع بخواص حرارية استثنائية.
  • نظم الدائرة المغلقة المتكاملة: التي تعزز كفاءة استرجاع الحرارة، مما يقلل من الهدر الحراري.

6.2. التطبيقات المحتملة في مزيج الطاقة العالمي

  • محطات الطاقة المستقلة: يمكن إنشاء محطات صغيرة في المناطق النائية أو الجزر التي تعاني من نقص مصادر الطاقة الأخرى.
  • تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية: من خلال توفير مصدر طاقة ثابت لا يعتمد على الظروف الجوية.
  • التحلية الحرارية للمياه: يمكن استخدام الحرارة المستخرجة لتحلية مياه البحر بأسلوب أكثر كفاءة من الطرق التقليدية.
  • التدفئة والتبريد الصناعي: يمكن دمج الطاقة الحرارية الجوفية في المصانع والمرافق التي تتطلب درجات حرارة عالية.

6.3. التكامل مع التقنيات الأخرى (تخزين الطاقة، الهيدروجين الأخضر)

1. تخزين الطاقة الحرارية

  • تطوير تقنيات تخزين الحرارة في الصخور الجوفية لإطلاقها عند الحاجة، مما يمكن من استخدام الطاقة الحرارية الجوفية بشكل أكثر مرونة.
  • استخدام بطاريات الملح المصهور التي تخزن الطاقة الحرارية لفترات طويلة.

2. إنتاج الهيدروجين الأخضر

  • يمكن دمج محطات الطاقة الحرارية الجوفية مع وحدات التحليل الكهربائي التي تنتج الهيدروجين باستخدام الكهرباء النظيفة.
  • الاستفادة من الحرارة العالية لتقليل استهلاك الكهرباء في عملية إنتاج الهيدروجين، مما يحسن كفاءته الاقتصادية.

6.4. السيناريوهات المستقبلية وإمكانيات التطوير

1. انتشار محطات الطاقة الحرارية الجوفية العميقة

  • من المتوقع أن تزداد الاستثمارات في هذه التقنية مع انخفاض تكاليف الحفر وتحسين التكنولوجيا.
  • بحلول 2050، قد تشكل الطاقة الحرارية الجوفية العميقة 10-15% من مزيج الطاقة العالمي.

2. التعاون الدولي والبحث العلمي

  • تعزيز الشراكات بين الدول لإنشاء مشاريع بحثية مشتركة.
  • زيادة التمويل من الجهات المانحة مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.

3. التطوير التشريعي

  • إنشاء أطر تنظيمية موحدة تسهل الاستثمار وتضمن الحد من التأثيرات البيئية.
  • توفير حوافز ضريبية للمستثمرين في هذا القطاع.

الخلاصة

تمثل الطاقة الحرارية الجوفية العميقة حلاً واعدًا لمستقبل الطاقة النظيفة، حيث توفر إمدادًا ثابتًا ومستدامًا للكهرباء مع بصمة كربونية منخفضة. رغم التحديات التقنية والاقتصادية، فإن الابتكارات الحديثة في تقنيات الحفر، وتحويل الطاقة، وتخزين الحرارة تعزز من فرص نجاحها. يتطلب نشر هذه التقنية دعمًا حكوميًا، واستثمارات مستدامة، وتعاونًا دوليًا لتطوير بيئة مواتية لنموها على نطاق واسع.

لضمان مستقبل أكثر استدامة، يجب مواصلة البحث في تحسين كفاءة الأنظمة وتقليل التكاليف، إلى جانب إدماج الطاقة الحرارية الجوفية العميقة في استراتيجيات الطاقة الوطنية كأحد الحلول الرئيسية للحد من تغير المناخ

د. الحسن اشباني مدير البحث سابقا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي المغرب و صحفي مهني علمي

مقالات الكاتب :

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE