السيادة الغذائية بالمغرب الجزء 5 : مقترحات عملية لحل اشكالياتها


سنتطرق في الجزء الرابع من هذا الموضزع إلى بسط “مقترحات عملية” تساهم في تجاوز أو الحد من أزمة سيادتنا الغذائية في المواد الثلاث الأساسية لقوت المغاربة، (الحبوب، السكر و زيوت المائدة) مما يُقَلِّص من تبعيتنا الغذائية للخارج. و هذا يتطلب تبني مقاربة: “تدبير العرض و الطلب، في آن واحد،” عِوَض، تدبير العرض، الغالب في سياستنا حاليا..
إن الوضع الحالي يفرض على المسؤولين مقاربة جديدة في التعاطي مع الأزمة و برنامجا استعجاليا يضمن للبلاد: السيادة في القرار، والاستقلالية في السياسة الفلاحية، والأمن في الغذاء، الذي يضمن الاكتفاء الذاتي في قوت المواطن؛ و يعمل على تحسيس المواطنين: بالحفاظ على هذه المواد وعدم التبذير فيها، و بالاستهلاك المعقلن لها.
وهذا لن يتأتى إلا عبر المداخل العشرة التالية (نذكر اثنتين منها في هذا المقال):
1- الإرادة السياسية: مراجعة الاستراتيجة الحالية من أجل إعطاء الأولوية للزراعات الأساسية في قوت المغاربة.
2- السيادة الغذائية” لها كلفة وجب القبول بها، و ليس لها ثمن“: وعليه، يجب “إعلان حالة طوارئ غذائية”، واعتبار “الوطن أولا وليس الخارج“، واعتبار “الأمن الغذائي قبل العملة”
أ ليس ميزاننا التجاري الفلاحي سلبيا، بل و يتفاقم سنة بعد أخرى؟
– بخصوص الحبوب:
❖ الزيادة في المساحة المسقية لكي تصل إلى 600 ألف هكتار، مما يضمن لنا على الأقل 24 مليون قنطار،
دون أن ننسى العمل على تحسين المردودية في الهكتار.
❖ تبني منظومة تحفيزية للفلاحين الذين يتبنون هذه الزراعات و تهم:
- البذور،
- الأسمدة،
- اقتناء المحصول بأثمنة مشجعة لجعله ضمن المخزون الاستراتيجي، كما أكد عليه صاحب الجلالة،…
❖ الزيادة في ثمن الخبز الذي يباع في المخابز، بالأخص الآتي من القمح الطري ليصل إلى 1,50درهم عِوَض 1,20درهم، المعمول به حاليا. وهذا الإجراء سيدفع الى التقليص من التبذير وكذلك من استهلاك القمح الطري، الذي يشكل أكثر من70% من كمية الحبوب المستوردة.
❖ إعداد برنامج تحسيسي واسع النطاق، يشمل جميع الوسائط من إعلام (تلفزة، راديو، جرائد،…)، و وسائل التواصل الاجتماعي، و منابر المساجد، و المؤسسات التعليمية، …. وذلك لتنبيه المواطنين من آفة التبذير، حفاظا على مقدراتهم وعلى مقدرات الوطن، بالإضافة إلى تحسيسهم بمضار الدقيق الأبيض على صحتهم.
فإن نجحت هذه الخطة، وستنجح بإذن الله، إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة، سنكون قد وفرنا حوالي 44 مليون قنطار من الحبوب، الكمية التي ستقربنا من بلوغ اكتفائنا الذاتي: (80 إلى 90 مليون قنطار = 80 إلى 85%)،
▪︎ على الأقل 24 مليون قنطار من الزيادة في الإنتاج؛
▪︎ و20 مليون قنطار أخرى، من تقليص الاستهلاك و التبذير؛
▪︎ 40 إلى 50 مليون قنطار من الإنتاج المعتاد.
ب)- بخصوص السكر:
❖ التساؤل البديهي: هل المشكل في الزيادة في مساحة الشمندر السكري، أم في الطاقة الاستيعابية للمعامل؟ (طاقة المعامل: 1,65 مليون طن، أكثر من حاجة البلاد)
❖ إن الإنتاج الحالي (44% من تغطية الاحتياجات) يعتمد على حوالي 53 ألف هكتار من الشمندر و 12 آلاف هكتار من قصب السكر، حيث يساهم الشمندر بأكثر من 80%في الإنتاج. لهذا، فإضافة فقط 60 ألف هكتار أخرى من الشمندر، يضمن لنا بحول الله 80% من حاجياتنا. كما أن الشمندر السكري، يساهم في توفير علف الماشية وفي تحسين خصوبة الأرض بسبب بقاياها في الأرض.
❖ تبني منظومة تحفيزية للفلاحين الذين يتبنون زراعة الشمندر.
❖ وأخيرا، الدولة تبنت الضريبة الداخلية على الاستهلاك للمنتوجات المحتوية على السكر في قانون مالية 2023. و حبذا، لو شملت هذه الضريبة المقاهي والمطاعم و الفنادق. لا تطبق هذه الضريبة على المواد المحتوية على أقل من 20% من السكر. و عند تجاوز هذه الكمية، تُطَبَّق الضريبة تدريجيا حسب مقياس معين حتى تصل كمية السكر إلى 50%، حيث تبلغ نسبة الضريبة القصوى. ولكن، هناك فترة انتقالية لتطبيق هذه الضريبة بالصيغة الآنفة الذكر.
❖ كما الحبوب، فالحملة التحسيسية المكثفة يجب أن تشمل كذلك مضار السكر على الصحة وكذلك مساوئ الإسراف غير المبرر على دخل المواطن وثقله على الدولة (المقاصة، العملة الصعبة،…).
❖ يمكن توسيع لائحة الفاعلين في التحويل، حتى لا يبقى احتكاره من فاعل وحيد.
ج)- بخصوص زيوت المائدة:
❖ بما أن المساحة الحالية من الزراعات الزيتية (في المعدل 40 ألف هكتار سنويا) لا تُمَكٍّن من تغطية إلا %1,7 من حاجياتنا، فهدف بلوغ 10% من التغطية في 2030 يتطلب إضافة 200 ألف هكتار أخرى، باعتماد المردودية الحالية. كما يُمْكِن رفع الإنتاج بتحسين المردودية. و مع ذلك يبقى بلوغ اكتفائنا من هذه المادة بعيد المنال، حسب المعطيات الحالية و حتى 2030.
❖ تبني منظومة تحفيزية للفلاحين، الذين يتبنون هذه الزراعات.
❖ توسيع لائحة الفاعلين في التحويل، حتى ترتفع المنافسة ويقل الاحتكار.
خلاصة المداخل الاخرى نوردها كالتالي :


واختم هذا المقال بايراد الأقوال التالية لفيلسوف فرنسي و خبير اقتصادي مغربي للتدبر فيها وللتامل، “لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد“:
